تتواصل التحقيقات المتعلقة بحادثة الاعتداء على قوات اليونيفيل، والتي تأخذ أبعاداً متعددة ليس فقط بما يتعلق بمجريات التحقيق، والوصول إلى كشف ملابسات ما جرى، لا بل إن ذلك سيؤدي إلى تكوين موقف دولي للمرحلة المقبلة، خصوصاً عندما يحين موعد التجديد لعمل قوات الطوارئ الدولية في الجنوب.
الدولة والسلاح
في السياسة، لا تزال المساعي مستمرة لمعالجة الموضوع من دون أي آثار سريعة أو مباشرة، ولكن ذلك غير ممكن على المدى البعيد، خصوصاً أن جهات دولية عديدة كانت سابقاً تشير إلى ضرورة التزام لبنان بتطبيق القرارات الدولية. وما جرى سيدفع بدول متعددة إلى رفع أسقف مواقفها إزاء أي مساعٍ لإنجاز تسوية سياسية لبنانية، والتي يجب أن تتطرق إلى مسألة السلاح خارج الدولة اللبنانية.
حسب ما تقول مصادر متابعة، فإن النظرة الدولية لما جرى هي أن الاعتداء حصل على الدورية الإيرلندية خارج نطاق عمل قوات اليونيفيل، وبالتالي في منطقة يفترض أن تكون خاضعة لسيطرة الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية والعسكرية. وهذا من شأنه تصعيب المهمة على لبنان وعلى المؤسسات الرسمية، التي ستكون أمام تحدّ أساسي في كشف ملابسات ما جرى، ومعرفة الأشخاص الذين قاموا بهذه العملية ولصالح من. في بعض الأوساط الدولية أيضاً، هناك اعتقاد بأن ما جرى هو عملية أمنية صرفة، بغض النظر عن محاولات إعطائها طابع المشكلة العفوية مع أهل المنطقة. إلى جانب هذا الوضع المعقد، برز تجدد المشكلة في بلدة رميش بين أهالي البلدة وحزب الله، على خلفية سيطرة الحزب على مساحات حرجية تابعة لأهالي المنطقة، وهذا سيكون معطوفاً على خلق جو داخلي أيضاً من شأنه تطويق الحزب أو تكريس الشرخ والانقسام معه.
اليونيفيل والتحقيقات
كل الأحداث الجارية تضيء مجدداً على شروط عدد من الدول، حول ضرورة توسيع صلاحيات عمل قوات الطوارئ الدولية، وتزويدها بتقنيات حديثة لرصد أي حركة للأسلحة، بالإضافة إلى السماح لهذه القوات بالدخول إلى مناطق خارج نطاق عمل القرار 1701. صحيح أن التداعيات لهذه الحادثة قد لا تظهر سريعاً في هذه المرحلة، إنما ستكون ورقة ضاغطة لاحقاً، مضافة إلى أوراق أخرى قد تهدف إلى زيادة منسوب الضغوط على دول الاتحاد الأوروبي لتصنيف حزب الله تنظيماً إرهابياً، بشقيه السياسي والعسكري. وهو الأمر الذي كانت ترفضه فرنسا.
كل السياق المتعلق بهذا الاعتداء وتداعياته، لا بد له أن يكون مرتبطاً بمسار التحقيقات ونتائجها. وحسب ما تقول مصادر متابعة، فإن فريق التحقيق الإيرلندي يواصل تحقيقاته ولكن بإشراف الجيش اللبناني، الذي تولى القيام بالإستدعاءات. وتقول مصادر متابعة إن المرحلة الأولى من التحقيق قد حسمت مسألة حصول ملاحقة لدورية اليونيفيل، ما دفعها إلى ولوج طريق فرعية باتجاه الطريق البحري. أما بالانتقال إلى المرحلة الثانية من التحقيقات، فتتم مواجهة صعوبات في الوصول إلى نتائج، خصوصاً أن معظم الإفادات كانت متطابقة لدى شهود العيان، وهي أن دورية اليونيفيل دخلت إلى الشارع في البلدة، وتم اعتراضها وقطع الطريق عليها، وحصل توتر واشتباك. وقد صدمت إحدى سيارات الدورية سيارة مدنية متوقفة على جانب الطريق، وبعدها سمع إطلاق رصاص. ولكن لدى سؤال شهود العيان عن مصدر إطلاق النار يشيرون إلى عدم معرفته.
في المقابل، تضيف المصادر، تم الاستماع إلى إفادات عنصرين من عناصر الدورية الإيرلندية، اللذين خرجا من المستشفى، وتم نقلهما إلى مقر الكتيبة الإيرلندية في الطيرة. وبالتأكيد، فإن هذه الإفادات ستضيء على جوانب أساسية يمكن الإرتكاز إليها، لتكوين صورة أوضح عن ما جرى، وعن نوع السيارة التي كانت تلاحق الدورية، وحتى حول ما يتعلق بعملية إطلاق النار، فيما يبقى هناك انتظار لشفاء العنصر الثالث، الذي أصيب إصابة حرجة في صدره وكتفه، لأخذ إفادته أيضاً.