جولة رئاسية جديدة بدأت تصعيدية على ما يبدو، عنوانها قائد الجيش العماد جوزيف عون، وما بين بدء التسويق له الذي تولاه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والتصعيد بوجهه الذي تولاه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وما بينهما “الثنائي الشيعي” يتراوح المشهد الرئاسي الحالي.
بدأ المشهد يتحرّك بعد طول جمود، من لقاءات ومواقف غيّرت في المسار الرئاسي الذي اعتُمد من بداية المعركة، فمن الممكن أن يكون هذا التغيّر نقطة تحوّل في المعركة أو جولة من جولاتها، إلا أن الأكيد الآن أن اللحظة الحاسمة لم تأتِ بعد لانتخاب رئيس.
المعطى الجديد في هذا الملف برز في أكثر من نقطة: الأولى: حملة الضغط المسيحية بجناحيها الروحي والسياسي والتي يتزعمها باسيل، والثانية: لقاءات جنبلاط مع حزب الله والبطريرك الراعي والرئيس نبيه بري وحديثه عن مبادرة طرح فيها قائد الجيش كحل وسط بين المرشحيْن المطروحيْن من الفريقين أي ميشال معوض وسليمان فرنجية، الثالث: موقف باسيل الأخير المتقدِّم جداً بسلبيته حيال العماد جوزيف عون، والرابع: تمسّك الثنائي الشيعي بفرنجية حتى اللحظة.
ما حصل أن القوى الخارجية أي أميركا وفرنسا والسعودية وقطر أعطت الضوء الأخضر للسير بقائد الجيش نحو الرئاسة، تلقف جنبلاط اللحظة وبدأ في ضوئها مبادرته التي تحمل اسم العماد عون رغم كلامه أنها ليست محصورة به، فالأمور ستبقى مفتوحة على أسماء أخرى ممكن القبول بها، قدّم جنبلاط هذا الطرح للرئيس بري على قاعدة ممكن أن تُغري الثنائي الشيعي والتي تتضمن التنازل عن فرنجية مقابل تنازل الفريق الآخر عن معوض، أي طرح يحمل حلاً وسطياً من السهل السير به بالنسبة له وإلا يوضع الرفض بسياق العرقلة، رفض الثنائي الشيعي جاء على “الفرض” الباطني لكلام بظاهره “مبادرة”، فقبل رد بري، كان رد مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا في اللقاء الأخير في كليمنصو أنّ طرح قائد الجيش يحتاج الى تعديل دستوري وليس بهذه السلاسة التي يتم الحديث عنها، أما رئيس مجلس النواب فكان رده مبطناً بطرح فكرة الذهاب الى جلسة والتصويت للمرشحين وإمكان الفوز بـ ٦٥ نائباً. كلام جاء كـ “توجيه إنذار” بحال كانت الأمور ذاهبة باتجاه فرض أي مرشح والتعاطي بهذه الطريقة.
قبل موقف الثنائي الشيعي، كان لافتاً تصعيد رئيس التيار الوطني الحر بوجه قائد الجيش واللافت أكثر عدم رد الأخير على اتهامات باسيل الذي انتقل من قطع الطريق الرئاسي على فرنجية الى قطعه على العماد عون، فسلاحه في الأول رفض الأغلبية المسيحية له والذي يسميها فقدان الميثاقية، أما الثاني: صحيح أنه لا ينطبق عليه الموقف المسيحي إلا أن إذا بقيت الأمور على حالها فلن يحصل على صوت شيعي واحد، ما يعني كِلا المرشحيْن لديهما المشكلة ذاتها ولكن من زاوية مختلفة.
من هنا يمكننا أن نقول: أمام الضغط المسيحي بوجه فرنجية والضغط العربي لمصلحة قائد الجيش، وبناء على كلام رئيس تيار المردة حول أهمية العلاقة مع الدول العربية والعمل على تحسينها، ما يعني أهمية موقفهم منه وتحديداً المملكة العربية السعودية، يدفعنا الى طرح سؤال مشروع بهذه الحالة، ألا وهو: إذا بقي الموقف العربي وتحديداً الخليجي على حاله، هل سيستمر فرنجية في ترشحه للرئاسة؟ الجواب هنا هو الذي يحدد كيف ستسير الأمور في المرحلة المقبلة. فلننتظر…