بَلَغَ الكباش بين قائد الجيش العماد جوزف عون ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل نقطة اللاعودة مع استخدام كلّ الأسلحة المحرّمة في حرب لا بدّ أن تنتهي بـ”غالب ومغلوب”.
سيشكّل خروج عون من حلبة السباق الرئاسي بحدّ ذاته “انتصاراً” لجبران باسيل مهما كانت “كلفته”، فيما سيُبقي وصول قائد الجيش إلى قصر بعبدا جبرانَ أسيرَ معارضة شرسة وشبه مبعد من “جنّة” السلطة وفاقدَ “الكلمة” والسطوة في المواقع التقريرية-التنفيذية في الدولة ومُحاصَراً مسيحياً بوجود عون على يمينه وسمير جعجع على يسارِه.
بدأ فعلياً العدّ العكسي الفاصل عن مهلة الثلاثة أشهر قبل إحالة قائد الجيش إلى التقاعد، لذلك يمكن توقّع تجاوز الكباش الخطوط الحمر من دون قدرة أيّ وسيط على تنفيس الاحتقان غير المسبوق بين الرجلين.
حرب مفتوحة
كانت تطوّرات الأيام الماضية لافتة جداً في سياق الحرب الرئاسية المفتوحة. بعد مسار من النيران “غير الصديقة” من باسيل ضدّ قائد الجيش، أطلق الأخير خطاباً عاصفاً من الهرمل ضدّ رئيس التيار الوطني متّهماً إيّاه، من دون أن يسمّيه، بـ “التواطؤ” في معركة مكافحة تدفّق النازحين السوريين من خلال الإيعاز لوزرائه عدم حضور جلسة النازحين في السراي.
ردّ باسيل من بعلبك-الهرمل أيضاً رافعاً السقف إلى حدّه الأقصى بالحديث عن “قرار أمنيّ عسكري بالنأي بالنفس عن الحدود”، قائلاً إنّ “الوقت حان والحقائق عم تنكشف للمغشوشين بالمظاهر”، ومشيراً إلى أنّ “ضبّاطاً وقادة وأفراداً في الجيش متواطئون سياسياً ومستفيدون مادّياً من شبكات التهريب، وعنّا معطيات بين أيدينا من 17 تشرين إلى اليوم”.
وفق معطيات “أساس” لن يكون هناك أيّ ردّ من قيادة الجيش على ما سيق من اتّهامات مباشرة من باسيل ضدّ قائد الجيش في ملفّ النزوح السوري وأداء بعض ضبّاط الجيش في المناطق الحدودية
بعد هذا المسار من الكباش العلني أفردت وسيلة إعلامية “صديقة” لباسيل صفحاتها لتقرير عن سلّة ارتكابات يقوم بها ضبّاط كبار في الجيش، مع ذكر أسماء وتلميح إلى أسماء قريبة من قائد الجيش، يُسهّلون من خلالها عمليات التهريب وأعمال “مشبوهين” على الحدود بهدف الاستفادة المادّية، مع الإشارة إلى أنّ علاقات وطيدة تجمع ضباطاً كباراً في الجيش مع مطلوبين للعدالة، وسرد الكثير من الوقائع عن حاجز حربتا الحدودي في البقاع الشمالي وتسهيل تهريب النازحين السوريين والشاحنات المحمّلة بالبضائع من وإلى سوريا.
وَصَل الكباش بين عون وباسيل إلى حدّ تسريب معطيات في الإعلام عن “ملاحقة قضائية” محتملة من باسيل ضدّ قائد الجيش بعد إحالته إلى التقاعد، مع التسليم في هذه الحال من قبل رئيس “التيار” بأن “لا تمديد لقائد الجيش ولا إمكانية لانتخابه رئيساً للجمهورية”.
“تطنيش” اليرزة
وفق معطيات “أساس” لن يكون هناك أيّ ردّ من قيادة الجيش على ما سيق من اتّهامات مباشرة من باسيل ضدّ قائد الجيش في ملفّ النزوح السوري وأداء بعض ضبّاط الجيش في المناطق الحدودية، مع العلم أنّ القيادة نادراً ما تردّ على ما يرِد في بعض وسائل الإعلام حتى تلك التي تكتسب مصداقية كبيرة. أمّا الردّ الفعليّ فسيكون على مستويين:
- اختيار قائد الجيش التوقيت المناسب، وعادة من خلال جولاته على مواقع عسكرية، للردّ على طريقته على ما يُصنَّف في قاموس اليرزة “حرباً سياسية أحاديّة الطرف من باسيل ضدّ عون لأسباب شخصية وحسابات رئاسية ضيّقة يخسر من خلالها الكثير على المستويين المسيحي والوطني ويعرّض الجيش لضغوط و”نيران حقد” في أصعب مرحلة تمرّ بها المؤسسة العسكرية في تاريخها”.
تجزم مصادر عسكرية لـ “أساس” أنّ “تحقيقاً فُتح لجلاء الملابسات تماماً كما يحدث في حوادث شبيهة
- في ملفّ النازحين ينظّم الجيش للمرّة الأولى اليوم جولة لوسائل الإعلام لمعاينة الحدود الشمالية للتثبّت من الإجراءات العملانية التي يتّخذها الجيش مع تحديد نقاط التمركز جغرافياً للحدّ من التسلّل عبر المعابر الحدودية، ويتخلّل الجولة عرض موجز لأعمال التسلّل غير الشرعي إلى الأراضي اللبنانية والحاجات الضرورية لتعزيز هذه الإجراءات. أمّا لناحية الاتّهامات المسوقة من باسيل في ملفّات أخرى فهي، وفق مصادر عسكرية، “اتّهامات سياسية غير معنيّين بالردّ عليها لأنّ الجيش مولج بمهامّ مصيرية ووطنية أهمّ بكثير من صرف الوقت على الردّ على افتراءات في السياسة”. وستستتبع ذلك، وفق المعلومات، جولة محتملة قريباً على الحدود شرقاً.
حادث اللبوة
في واقع الأمر قدّم حادث اللبوة لباسيل “شحمة على فطيرة” حربه المعلنة ضدّ قائد الجيش. فالحادث الذي أدّى إلى مقتل الشابّ نجيب رباح نهاية الأسبوع الماضي في منطقة العين لعدم امتثاله لأوامر عناصر حاجز طيّار ثمّ استدرج اعتراضات من عشيرة آل رباح وإقفال الطريق الدولي ورمي حجارة على الآليّات العسكرية، تزامن مع جولة باسيل والرئيس ميشال عون البقاعية.
تحقيق في حادث اللبوة
تجزم مصادر عسكرية لـ “أساس” أنّ “تحقيقاً فُتح لجلاء الملابسات تماماً كما يحدث في حوادث شبيهة. وخلافاً لما تمّ تسريبه، “الحاجز الظرفي” (أو الطيّار) الذي يقيمه الجيش في المناطق هو حاجز عسكري تواكبه آليات عسكرية مع شعار القطعة العسكرية الموجودة على الأرض الذي يدلّل على هويّته، وليس حاجزاً “كميناً” لملثّمين ودرّاجات نارية كما يوحي البعض”.
يُذكر أنّ القوّة الخاصة التي تنفّذ حواجز ظرفية تُعرف بـ (QRF) “Quick Reaction Force”، وهي تابعة مباشرة لقيادة اللواء التاسع.
يُذكر أنّ باسيل نفسه يقرّ، تماماً كما العديد من المراقبين، بأنّ “هناك عملاً أمنيّاً نوعيّاً لفرع مخابرات البقاع وغير مسبوق في توقيف المتورّطين بشبكات تصنيع وتهريب المخدّرات ومحاصرة مافيات الممنوعات في بعلبك-الهرمل ومطاردتهم حتى الحدود، وتكثيف عمليات مداهمة المخيّمات التي باتت تؤوي نازحين من الموجة الثانية ومصادرة الأسلحة”.