لجأ النظام السوري، أخيراً، إلى إعادة التهديد بـ”الجريمة الإلكترونية” كتهمة جاهزة، لإجهاض الأصوات التي ارتفعت في الآونة الأخيرة، ضد الفساد المستشري في البلاد، حيث كبرت قائمة الأسماء الموصوفة بالفساد في نظامه، بحسب صفحات مواقع التواصل، ووصل الأمر إلى اتهام مستشارة الأسد، بثينة شعبان، بالفساد، الأمر الذي دفع بالسلطات الأمنية، مجدداً، إلى إشهار سيف “الجريمة الإلكترونية” بوجه كل الأصوات المنتقدة لتردي الأوضاع وتفشي الفساد. وفي التفاصيل، وبدون سابق إنذار، أصدرت وزارة داخلية النظام السوري، ليل السبت، بياناً، على حسابها الفيسبوكي، تهدد فيه باعتقال ومحاكمة وحبس “رواد مواقع التواصل الاجتماعي” إذا “تفاعلوا” أو “تواصلوا” مع “صفحات” وصفها البيان بالمشبوهة، أو إذا تم “تزويد” تلك الصفحات، بـ”معلومات أو بيانات” أو نشر وتداول ما سماه بيان داخلية الأسد، بأخبار كاذبة “حتى لا يتعرضوا للمساءلة القانونية”.
بحسب البيان. وهدّد بيان داخلية النظام، بـ”ملاحقة” من يقدم “على ارتكاب هذه الأفعال” واتخاذ “الإجراءات اللازمة بحقهم” وفقاً لبنود قانون سنّه النظام في وقت سابق، من قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية. ويستحق العقوبة، بـ”الاعتقال المؤقت” بحسب إنذار داخلية الأسد الأخير، كل متهم بـ”إضعاف الشعور القومي” وأيضاً، من “نَقَل في سوريا، أنباء يعرف أنها كاذبة، أو مبالغاً فيها، من شأنها أن توهن نفسية الأمة!”.
وجاء بيان داخلة الأسد، بعد موجة غضب عارمة، أطلقها أنصاره على مواقع التواصل، في مناطق سيطرته، من تدهور الأوضاع الاقتصادية، وتفشي الفساد، وإساءة استعمال السلطة، من قبل رجالات النظام، وعلى أعلى المستويات.
وفي هذا السياق، تحولت محافظة طرطوس الساحلية، والتي تعتبر “أرض الشهداء” و”أم الشهداء” بالنسبة لنظام الأسد، وهي أكبر خزان بشري رفده بالمقاتلين، إلى أرض المستائين المحتجين الغاضبين من تفشي الفساد الذي وصل حتى “إلى اللقمة” فيسحبها، من فم الجائعين، بحسب صرخات فيسبوكية. ويشار إلى أن بيان داخلية الأسد، شهد موجة تعليقات كثيفة، ذكّر بعضها، بطرطوس وما يجري فيها من حراك الكتروني ناقد، كما لو أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فهموا البيان على أنه إنذار خاص، إلى ناشطي تلك المحافظة في المقام الأول، مخافة أن يمتد تأثيرهم، إلى أمكنة أخرى، كالعاصمة، بصفة خاصة، على ما قال معلقون.
وكانت طرطوس قد صدّعت رأس النظام، في الآونة الأخيرة، إثر تشكيل مجموعة ناقدة على فيسبوك، أطلقوا عليها اسم “مواطنون مع وقف التنفيذ” فقام النظام مطلع شهر كانون الثاني، بتوقيف مدير الصفحة، الناشط يونس سليمان، بإيعاز مباشر من محافظ طرطوس، صفوان أبو سعدى، بحسب ما أقر هو نفسه، لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية، منتصف الشهر الجاري.
وبحسب وثائق توقيف سليمان، والتي نشرها على حسابه الشخصي، وحساب مجموعته، فقد ورد اسم “مواطنون مع وقف التنفيذ” في مجريات التحقيق، فضلا من تفاصيل إضافية. وفيما كان أبو سعدى، قد زعم أنه لم يكن يريد اعتقال الرجل، وأنه فقط تقدم بشكوى بحقه، إلى أجهزة الأمن، وبدليل الإفراج عنه، قام النظام السوري، باعتقال يونس سليمان، مرة أخرى، وبطريقة أقرب إلى الخطف، بحسب منشورات “مواطنون مع وقف التنفيذ” التي أكدت اعتقاله، الأربعاء الماضي، بعد أيام من نشر المجموعة الفيسبوكية، تدوينة تتهم مستشارة الأسد، بثينة شعبان، وبالاسم، بالفساد.
وجاء اعتقال سليمان، بمفعول عكسي من مسعى النظام بكم الأفواه الناقدة لتفشي الفساد، فأطلقت حملة تضامن واسعة مع الناشط الذي يوصف بالفلاّح البسيط، وهو الوصف استعمله محافظ طرطوس، عن “خصمه” الذي اتهمه بالفساد، أيضاً.
وذكر منشور على “مواطنون مع وقف التنفيذ”: كم كانوا أغبياء حينما اختطفوا يونس. الشعب كله، صار يونس” كذلك لم يتأخر ردّ المجموعة الناقدة، على بيان داخلية الأسد الأخير، فورد في تدوينة، سخرية من “تحذيرات وزارة الداخلية، لرواد مواقع التواصل الاجتماعي” وطالبوا، متهكمين، داخلية النظام، بوضع “قائمة بالمواقع والصفحات “المشبوهة” كي لا يتعامل الإخوة المواطنون معها!”.
وجاء بيان داخلية النظام المهدّد لرواد التواصل الاجتماعي، في عزّ الغليان الذي تشهده أكثر من منطقة خاضعة لسلطته، بسبب الفقر والانهيار الاقتصادي وانعدام الأمن وتفشي الفساد، من طرطوس إلى اللاذقية، والحسكة، وحلب، وحمص، حيث هناك خشية، من أن يكون بيان داخلية الأسد، مقدمة لمزيد من الاعتقالات في صفوف الموالين له، ومختلف أنواع التنكيل بالناشطين الناقدين الذين ارتفعت أصواتهم في الآونة الأخيرة، ووصلت إلى بيت الأسد نفسه، باتهام مستشارته بالفساد، أو موظفيه الكبار، وزراء، ومحافظين، ومديرين عامين، فيما رئيس النظام يستعد، للترشح للانتخابات الرئاسية، أوائل الصيف القادم. المصدر – العربية