تعتبر النارجيلة أداة لاستخدام التبغ وهي كناية عن خرطوم او “نربيش” ووعاء زجاجي يحتوي الماء ويوضع المعسّل في رأس من فخار متين ويُغطى بقطعة من ورق الالمنيوم، وفوق الرأس يتم وضع الفحم لحرقه. ويواظب كثيرون على تدخين النرجيلة بالرغم من انها عادة تضر بالصحة أكثر من السجائر التي يذهب البعض الى حد وصفها “بتروّق النفس” ولكن ماذا تعرفون عن أساسها واصل موطنها؟
في منطقة طريق الجديدة يجلس الحاج عمر الدسوقي وهو في العقد السابع من عمره امام مدخل الملعب البلدي ينفّخ النرجيلة ويراقب المارة ذهابا وإيابا ويقول لـ “الديار”، “يعتقد البعض ان أصل النرجيلة يعود الى ولايتي راجستان وغوجارات في الهند، فيما يظن آخرون انها انطلقت من الدولة الصفوية في بلاد فارس قبل ان تنتشر في شرق الهند والعالم”. أضاف، “الشيشة أداة تدخين ترتكز على تمرير دخان التبغ المشتعل في الفحم بالماء قبل سحبه ويقال لها “ناركيلة” وهي جوزة الهند افرغت من لبّها وحليبها ثم استعملت كآلة للتدخين”.
التدخين يعادل 5 علب من السجائر
وفقا لمنظمة الصحة العالمية، “فإن نَفَس النارجيلة الواحد يوازي تدخين 100 سيجارة او أكثر أي بما يعادل 5 علب من السجائر وهذا يعني ان النرجيلة أخطر بكثير من تنفيخ السيجارة. فكمية الدخان التي يتم استنشاقها في “النفَسْ” او “الرأس” الواحد تبلغ 90 ألف مليلتر”. وطبقا للمراكز الأميركية للتحكم بالأمراض والوقاية منها، “فإن مقدار الدخان المستنشق من تدخين السيجارة الواحدة هو خمسمائة على ستمائة مليلتر”. وفي تقرير حول “سلوك التدخين عند المراهقين في لبنان” نشره معهد النشر الرقمي (MDPI) في أيار الفائت، فقد سجل الذكور معدل تدخين اعلى من الاناث (40,3% مقابل 29,8%).
اعتقادات خاطئة ام جهل!
بالموازاة، قال الطبيب المختص في الصحة العامة وامراض الدم خالد ياسين لـ “الديار”، “ان الاعتقاد السائد بأن النرجيلة خيار أخف ضررا من السجائر هو تصوّر خاطئ لان الفحم المستخدم في النرجيلة ينتج معدلات عالية من اول أوكسيد الكربون والمعادن والمواد المسببة للسرطان. الى جانب كل ما تقدم يحتوي تبغها ودخانها على عناصر تؤدي الى الإصابة بسرطان الرئة والمثانة والفم واسقام القلب والشرايين”. أضاف، “اما من جهة استخدامها من قبل أكثر من فرد فيؤدي الى انتقال الادواء والعدوى بين هؤلاء؛ كما ان الأطفال الذين يولدون لأمهات يدخنّ النرجيلة فيكونون أنقص وزنا عند الولادة وبالتالي أكثر عرضة لأمراض الجهاز التنفسي”.
الاستيراد انخفض ولكن!
وفي الإطار، كانت اشارت الجمارك في احصاءاتها الى تراجع استيراد تبغ النراجيل من 28 ألف دولار عام 2019 أي بمعدل 3 أطنان الى 17 الفا و294 دولارا العام الماضي أي بنسبة 2,286 طنا. وبالرغم من ان لبنان استورد هذا العام نحو ما يقارب الـ 946 طنا أي بما يساوي 4 الاف و240 دولارا؛ الا ان ذلك لا يعني انكماش حجم الاستهلاك الفردي مع توافر منتجات محلية الصنع الى جانب تلك الكميات التي باتت تدخل الى الأسواق اللبنانية عبر معابر غير شرعية”.
واستنادا الى بحث أجرته الشركة الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين Statista عام 2022، فقد تقدم لبنان الدول ضمن العينة في الانفاق العام على السجائر من أصل الناتج المحلي بـ 36.7 دولارا، تليه اميركا 35.6 دولارا.
الادمان
وبحسب الطبيب ياسين، “فإن الإقلاع عن تدخين النرجيلة او السجائر يحتاج الى إرادة وعزيمة قوية لان المشكلة الكبرى تكمن في الإدمان على النيكوتين وهو مادة كيميائية موجودة في المعسل تجعل التوقف عن التدخين امرا صعبا لأنه يصل الى الدماغ في خلال ثوانٍ من استنشاقه؛ وفي الدماغ يزيد النيكوتين من افراز مواد كيميائية تسمى الناقلات العصبية والتي تساعد في تنظيم السلوك والمزاج حيث يتم افراز الدوبامين وهو أحد الناقلات العصبية في الدماغ ويسبب الشعور بالفرح والسعادة. ويجب معرفة ان الدخان يشتمل على ما يزيد على 60 مادة كيميائية حتى تلك الطبيعية او العشبية تتضمن تركيبتها مواد ضارة”.