باسيل يسعى لدى قطر بهدف “تبييض سجلّه”… وعراقيل عدّة تقف في وجه وصوله للرئاسة!!

Share to:

الديار: دوللي بشعلاني

لا يبدو أنّه سيتمّ التوصّل الى التوافق في مجلس النوّاب على إسم مرشح لرئاسة الجمهورية من دون اللجوء الى دول الخارج. وتصبّ زيارة رئيس “التيّار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل الحالية الى دولة قطر، ما جعله يتغيّب عن جلسة انتخاب الرئيس الخميس الفائت، في إطار الترويج لنفسه كمرشح جدّي للرئاسة تُطالب به قاعدته الشعبية، ولطلب الدعم من القطريين بهدف “تبييض صفحته” أمام كلّ من الولايات المتحدة الأميركية والسعودية وفرنسا سيما وأنّ هذه الدول تتحدّث عن ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية علناً، ولا تعتبر أنّها تتدخّل في شؤون لبنان الداخلية. فمن دون موافقة دول الخارج، لا يحصل مع الأسف أي توافق داخلي على إسم الرئيس الجديد للجمهورية، إذ ليس من قرار داخلي منفصل عمّا تريده دول الخارج التي تفرض بشكل أو بآخر قراراتها على مواقف السياسيين في البلد.

مصادر سياسية عليمة تجد بأنّه على أي مرشح للجمهورية أن يكون منفتحاً على دول الخارج ويكسب ثقتها لأنّ لبنان لا يُمكنه أن يعيش خارج محيطه العربي، ومن دون رعاية إقليمية ودولية تدعمه.. غير أنّ التزلّف لبعض دول الخارج، هو الذي يجعل الأمور لا تسير في البلاد على خير ما يُرام، لا سيما مع تصارع هذه الأخيرة على الساحة اللبنانية. وبدا من أداء الكتل النيابية خلال الجلسات الخمس لانتخاب رئيس البلاد أنّهم يمرّرون الوقت في انتظار الضوء الأخضر من الخارج.

وفيما يتعلّق بطرح باسيل نفسه كمرشح جدّي للرئاسة، رأت أنّه يسعى أولاً الى شطب العقوبات الأميركية من سجّله، من خلال الدعم الخارجي. هذه العقوبات التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل انتهاء ولايته على أنّها لا تُشكِّل “عقبة” أمام وصوله لرئاسة الجمهورية، إذ يُمكن شطبها بسهولة. وثانياً، الى كسب ثقة اللبنانيين في الداخل من خارج قاعدته الشعبية التي تُرشّحه دون سواه من “التيّاريين” للرئاسة. وثالثاً، الى توافق الكتل النيابية على انتخابه إذ لم يعد لديه أي حليف سوى “حزب الله”، وهذه الخطوات صعبة جدّاً، وغير معبّدة أمامه، رغم ذلك فإنّ باسيل يحاول لمعرفة نسبة حظوظه. ولا يُمكن بالتالي لأحد معرفة ما سيكون عليه موقف الحزب في حال أعلن ترشّحه بشكل رسمي، ولمن سيُصوّت عندها، لباسيل أم لرئيس تيّار المردة الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية.

وتقول المصادر نفسها بأنّ فرنجية لا يزال مرشّحاً جدّياً لحزب الله، وهو يتفوّق على باسيل بتأييد كتلة “التنمية والتحرير” له، أي بتأييد الثنائي الشيعي له، على عكس باسيل الذي لا يصوّت له رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، على غرار ما فعلت كتلته يوم انتخاب عون للرئاسة، إذ فضّلت الإقتراع بورقة بيضاء. وهذا يُصعّب مهمة باسيل إذ سيكون عليه إقناع النوّاب السنّة المستقلّين والنوَّاب التغييريين، وربما كتلة “اللقاء الديموقراطي” للتصويت له ليتمكّن من الحصول على 65 صوتاً في الدورة الثانية أو التي تليها. أمّا المهمة الأصعب فهو تأمين نصاب الثلثين في الدورة الثانية في ظلّ الخلاف الكبير القائم حاليّاً بينه وبين الأحزاب المسيحية الأخرى، لا سيما “القوّات اللبنانية” و”الكتائب اللبنانية” و”المردة”.

من هنا، ترى المصادر أنّ الحلّ لانتخاب الرئيس الجديد للبلاد لا يُمكن أن يحصل من دون الحوار بين الكتل النيابية، كونها هي المعنية بتمثيل الشعب اللبناني، وبانتخاب الرئيس الأفضل للبلاد. ولكن مع رفض تلبية دعوة برّي الأخيرة للحوار، والتي كان على جدول أعمالها، بند واحد يتعلّق بانتخاب الرئيس، تتجه الأمور مجدّداً، بحسب المعطيات، الى عقد مؤتمر حوار وطني خارج لبنان، في إحدى الدول الأوروبية، مثل فرنسا أو سويسرا، للتوافق على انتخاب الرئيس الجديد، على غرار ما حصل في مؤتمر الطائف الذي أتى بالياس الهراوي رئيساً، وبمؤتمر الدوحة الذي جاء بالعماد ميشال سليمان رئيساً للبلاد.

غير أنّ موقف السعودية السلبي من دعوة السفارة السويسرية ممثلي الكتل والأحزاب الى عشاء في لبنان، على ما أضافت، وإعطائه أكثر من حجمه، خشية تدخّل الدول الأوروبية في الشؤون الداخلية اللبنانية، والسعي الى وضع “عقد أو نظام سياسي جديد للبنان”، على ما طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد انفجار مرفأ بيروت في 14 آب من العام 2020، قد لا يُشجّع سويسرا أو سواها، على عقد أي طاولة حوار لديها لحلّ أزمة الشغور الرئاسي في لبنان. فالسعودية لم تكتفِ بالإعتراض على عشاء السفارة السويسرية، بل ذهبت الى أبعد من ذلك، ونظّمت مؤتمراً في الذكرى الـ 33 لتوقيع “إتفاق الطائف”، الذي انبثقت عنه “وثيقة الوفاق الوطني” التي أصبحت دستور البلاد، وذلك لتضع حدّاً لأي تدخّلات خارجية قد تؤدّي الى تعديل هذا الإتفاق أو سدّ بعض الثغرات الموجودة فيه والتي كشفتها تجربته على مدى العقود الثلاثة الماضية.

ولهذا، فإنّ فرنسا القريبة من الولايات المتحدة، كما من السعودية، يُمكنها لعب هذا الدور، على ما رأت المصادر عينها، ودعوة ممثلي الكتل النيابية الى مؤتمر حوار تستضيفه على أرضها للبحث في مسألة انتخاب رئيس الجمهورية المقبل، وفي أسس المرحلة المقبلة لا سيما بعد توقيع إتفاقية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان والجانب الإسرائيلي في 27 تشرين الأول المنصرم. ففرنسا معنية بهذا الإتفاق كون شركة “توتال” الفرنسية هي التي ستقوم بعمليات التنقيب والإستخراج في البلوكين 4 و9 في المنطقة الإقتصادية الخالصة للبنان. وهذا الأمر يُعوّل عليه كثيراً لسداد الديون ولتحسين الوضع الإقتصادي والمالي في لبنان خلال السنوات المقبلة.

غير أنّ شيئاً ليس مقرّراً بشكل نهائي بعد، على ما عقّبت المصادر، إذ ربما تجد بعض الدول العربية، ولا سيما السعودية أو قطر التي دخلت بدورها الى ملف الغاز والنفط في منطقة الشرق الأوسط، بأنّه من الأفضل للبنان، عقد مؤتمر الحوار في إحدى الدول العربية، بدلاً من إحدى الدول الأوروبية، سيما وأنّه درجت العادة على ذلك في المؤتمرين السابقين المذكورين لحلّ أزمة الشغور الرئاسي.

Exit mobile version