متلازمة داون اضطراب جيني ينتج منه زيادة في عدد الكروموسومات من 46 الى 47 كروموسوما. وينشأ ذلك جراء انقسام غير طبيعي للخلايا في المادة الوراثية من الكروموسوم رقم 21. وهذا الاختلال الجيني يختلف من طفل لآخر لجهة قوته محدثا عيباً ذهنياً وتأخراً في التطور الجسدي مدى الحياة إضافة الى مشقات في التعلم عند المصابين به.
وما تجدر الإشارة اليه، ان DOWN’S SYNDROME هي حالة خلقية وليست مرضية ويعرف بمسميات أخرى: تثلث الصبغي 21، البلاهة المغولية، المنغوليا، وتناذر داون.
والجدير ذكره، انه لا يتم توريث هذا المرض لان السبب الأساس هو خلل في انقسام خلايا البويضة او الحيوانات المنوية، او عند تكوّن الأجنّة. كما لا توجد أي طريقة لمنع الخطورة وفي هذا الإطار قد يحتاج المصاب الى استشارة طبيب مختص بالأمراض الوراثية قبل الحمل.
ووفقا للمركز العربي للدراسات الجينية، تتضاعف نسبة الإصابة مع تقدم العمر، والبعض ظن ان للمرض علاقة بعرق معين من شرق آسيا بسبب الملامح التي تظهر في العينين والانف المسطح ومن هنا اتت التسمية «المنغولية».
وبحسب المركز، «تعتبر هذه التسمية خاطئة ومسيئة ومنتشرة وتستخدم في اللهجات العامية في معظم الدول العربية. وأشار المركز الى ان الأرقام مرتفعة نسبيا لدى مرضى متلازمة داون وتتمثل بالإعاقة العقلية».
سمات
هناك صفات مميزة بالشخص المصاب على الرغم من ان البعض لا يفصحون عنها وأكثرها شيوعا الاتي:
عيون «مائلة» على شكل حبة اللوز، قصر في الرقبة واضح، وصغر اليدين والقدمين والاذنين، كما يوجد في كف اليد خط واحد، ويتميز المصاب بـ «الداون» بوجه مسطح وانف ممتد الى جانب ضعف العضلات بحيث تكون المفاصل رخوة.
بالمقابل، قد يعاني المصابون من مجموعة مضاعفات منها: اضطرابات في القلب «خلقية»، اختلال في السمع والبصر، ضعف الجهاز المناعي، وعقدة في العمود الفقري، وامراض عقلية، وقد يتوقف الشخص عن التنفس في أثناء النوم.
مغالطات
وفقا للمنظمة العالمية، هذا الخلل يصيب واحدا من كل ألف الى 1100 مولود عالميا، مشيرة الى انه يتوقع تحسين نوعية حياة المصابين الذين يعانون من هذه الحالة من خلال تلبية احتياجاتهم عن طريق تأمين الرعاية الصحية اللازمة التي تشمل اجراء الفحوص الطبية المنتظمة لمراقبة النمو العقلي والبدني، وتوفير التدخل في الوقت المناسب، ان لجهة العلاج الطبيعي او تقديم المشورة او التعليم الخاص». وأضافت، يمكن لهؤلاء ان يحظوا بالعناية الابوية والتوجيه الطبي وقواعد الارشاد القائمة في المجتمعات. وهذه الأمور تساعد على ادخال المصابين بمتلازمة داون في المجتمع لتمكينهم».
بالموازاة، يبني المجتمع مفاهيم خاطئة عن المصابين بمتلازمة الداون، فيعتبرهم غير قادرين على التعلم او ممارسة نشاطاتهم اليومية والقيام بالأعمال الحياتية على نحوٍ طبيعي، الا ان هذا الظن السائد بعيد كل البعد عن الصواب. والحقيقة، يُرجّح تثقيفهم في حال توافر الدوافع والحوافز.
باربي «داون»
في سياق متصل، قامت «باربي» بإطلاق اول دمية مصابة بمتلازمة داون، وفي هذا الإطار عمدت شركة ماتيل المصنّعة للألعاب الى استحداث اول دمية باربي مصابة بهذا المرض، وذلك كمبادرة منها للسماح للأطفال برؤية أنفسهم في «باربي».
وقد صممت الدمية الجديدة بالتعاون مع الجمعية الوطنية لمتلازمة داون (NDSSorg)، للدلالة على انها تعكس بإحكام شخصا مصابا بـ DOWN’S SYNDROME.
من جانبها، كانت عارضة الأزياء البريطانية والمصابة بمتلازمة الداون ايلي غولدشتاين الوجه الإعلاني للحملة وعبّرت عن سعادتها بالباربي الجديدة قائلة: «التنوع مهم بالنسبة لي لان الناس بحاجة الى رؤية المزيد من الأشخاص مثلي هناك في العالم والا يختبؤوا بعيدا».
بالإشارة الى ان الهيئة الجديدة لباربي تمثلت باختلاف وجهها وشكل جسمها لتكون أقرب الى الواقع ولتشبه الشخص المصاب بمتلازمة داون أي ان: «الوجه دائري والاذنان أصغر وجسر الانف مسطح، والعينان مائلتان قليلا على شكل لوزة، كما ان ام الدمية طولها أقصر من باقي الدمى في المجموعة».
وتضمّ سلسلة دمى باربي السابقة المواكبة للموضة من «ماتيل» (Mattel Barbie Fashionistas) دمية ذات ساق صناعية، وأخرى تستخدم معينات سمعية، بالإضافة إلى دمية تجلس على كرسي متحرك، فيما أخرى مصابة بمرض البهاق الجلدي، الذي يتسبّب ببقع على الجلد جراء فقدان الصبغة التي تعطي الجلد لونه.
خطوة باتجاه الشمولية
اوضحت الاختصاصية النفسية غنوة يونس لـ «الديار» أهمية صنع باربي مصابة «بالداون» فقالت: «هذه الخطوة تعزز الانتماء، التواصل، والتفاعل مع الاخرين وتقلص الاختلافات والوصمة والتمييز ما بين الأشخاص الطبيعيين والمصابين بهذا المرض لجهة الخصائص المختلفة».
واردفت، «الناس متعودون على باربي بشكلها الجميل وجسمها المتناسق من دون أي غلطة، وصُنع واحدة مصابة بالمرض خطوة طبيعية ولفتة مهمة كونها تشعرنا ان هذه الدمية حقيقية بشكلها أكثر وتحاكي واقعنا المعاش وتُبدد التَنَابُذ وعوامل التفريق. كما انها تسهم في ادماج هؤلاء بالمجتمع وتحفزهم على اللعب بألعاب تخصهم وتتشابه بالملامح معهم، وهذا ما سيدفعهم الى تقبل واقعهم، وبالتالي تخفيف تأثير الفوارق القائمة وتعزيز حسن التصرف وتبديد فكرة انهم منبوذون».
تابعت، «الطفلة المصابة «بالداون» إذا رأت باربي تحمل ملامحها فهذا الامر سيشعرها بالفرح وسيدفعها الى تحسّس شكلها وتقبل خلقتها أكثر، مما قد ينعكس إيجابا على قلبها وصحتها النفسية». وأشارت، «الى ان التضاد موجود ويجب الا يعيق التواصل بل يحسّن من الانصهار ليصبح اقوى وأسلس وهذا يساند الطفل لتخطي العقبات بغض النظر عن ملامحه وشكله».
اضــافت، «هذا العمل إيجابي ونابع من ادخال هذا الفئة بالمحيط الذي يعيشون فيه، ولنتصرف معهم كأنهم طبيعيون كغيرهم من الأطــفال. وتفرّدهم بخصائص متنافرة او متناقضة لا يلغي وجودهم وحقهم في ممارسة اللعب، والحياة الطبيعية».
التنمر
اثنت غنوة على تصنيع باربي أقرب بشكلها الى الحقيقة بالقول، «هذا العمل كالمفتاح للأطفال للاعتراف بوضعهم، كما سيحميهم من التعرض للتنمر او لأي تباين، خاصة ان الطفل في مرحلة لا يعرف ما معنى انه مختلف او حتى مصاب بـ «متلازمة داون» وما هي الفوارق التي تظهر عليه وما الاختلاف بينه وبين طفل آخر طبيعي، فجاء ابداع هذه الدمية كمدخل لرؤية أفكار جديدة لجهة تصنيع الألعاب الالكترونية التي يفضلها الأطفال وحبّذا لو تُصّنع جميع الاشكال لكل الأولاد الموجودين بمن فيهم أولئك الذين يعانون من اعاقات معينة لا ذنب لهم فيها».