انقطاع التواصل اللبناني-السعودي وتجميد عمل مجلس الوزراء

Share to:

بولا مراد – الديار

حين عاد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من اسكتلندا وقرر التوجه مباشرة للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بدا متحمسا ومندفعا. يقول مطلعون على اجواء لقائه بعون انه كان يشعر بفائض قوة نظرا للدعم الذي تلقاه من العواصم الدولية وبخاصة من واشنطن وباريس كما من الالمان والبريطانيين. هو لم يتردد بمفاتحة رئيس الجمهورية بخارطة طريق للحل قال انها تبدأ باستقالة وزير الاعلام جورج قرداحي واذا رفض ذلك باقالته، مقدما شرحا مفصلا لجهة ان عدد الوزراء المحسوبين على رئيسي الجمهورية والحكومة كفيل بانجاز الاقالة. حين سأله الرئيس عون ما اذا كانت الاستقالة او الاقالة تعيد ترميم ما انكسر مع المملكة او اقله تعيد الى ما كان عليه قبل تعميم تصريحات القرداحي، اجاب ميقاتي بصراحة انه لا يمتلك اي ضمانات بهذا الخصوص “ولكن يمكن ان نحاول”، فكان رد عون حاسما “لا يمكن ان نجرب بكرامات الناس”.

منذ ذلك الوقت أيقن رئيس تيار “العزم” ان عزمه على السير بخارطة طريق وضعها بالتنسيق والتعاون مع عرابيه الاميركي والفرنسي شيء وان تطبيقها شيء آخر تماما. تقول مصادر سياسية مطلعة على ما آلت اليه الاوضاع “اننا في حالة مراوحة غير مسبوقة لا بل ابعد من ذلك باتت الازمة تستولد الاخرى، لكن وجود مظلة وقرار دولي صريح بمنع الانهيار اللبناني الكلي، ليس لاهتمام الدول بمصلحة لبنان انما بمصالحها الخاصة التي تحتم راهنا حد ادنى من الاستقرار اللبناني، يضعنا امام من مجموعة من الوقائع ابرزها تجميد عمل مجلس الوزراء الى اجل غير مسمى والرضوخ لفكرة انقطاع التواصل اللبناني- السعودي”. فقرار “الثنائي الشيعي” عدم المشاركة بأي جلسة لا تنتهي بطريقة او بأخرى لكف يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عن قضية انفجار المرفأ نهائي ولا رجوع عنه، تماما كرفضهما المطلق للمشاركة بأي جلسة تؤدي لاقالة قرداحي باعتبار انهما اضافة الى مرجعيته الاساسية، تيار “المردة” من يرفضان ان يقدم استقالته.

وتبعا لكل ما سبق سيدفع “الثنائي” بالاتفاق والتوافق مع رئيس الجمهورية لتفعيل الوزراء اعمالهم داخل وزاراتهم انطلاقاً من انهم قادرون على ذلك بخلاف عملهم بكنف حكومة تصريف اعمال. فان كان عون لا ينفك يعرب عن امتعاضه من تجميد عمل مجلس الوزراء، الا انه بالوقت عينه يدرك تماما ان اي خطوة استفزازية او حتى مجرد خطوة ناقصة تهدد بصدام كبير يبدأ حزبيا وسرعان ما سيتحول طائفيا نتيجة الاصطفافات الحاصلة على الملفات الساخنة وابرزها ملف انفجار المرفأ.

اما من جهة ميقاتي الذي كان قد لوح قبل مغادرته الى اسكتلندا بورقة استقالته، فهو وبعد دراسة معمقة، يبدو انه حسم امره بوجوب ترك الامور على ما هي عليه راهنا، وان كان يضع مهلة شهر كحد اقصى للوصول الى حلحلة الملفات المطروحة دفعة واحدة. هو لا يزال يعول على دور يلعبه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رغم ادراكه ان حجم الخلافات بينه وبين “الثنائي” عون – باسيل وصلت مؤخرا الى مستويات غير مسبوقة تجعل اي وساطة جديدة مهددة بالعمق.

وبانتظار خلطة سحرية عجائبية يرجح ان تنتج عن واقع دولي واقليمي جديد لن يتبلور قبل انطلاقة مفاوضات فيينا مجددا نهاية الشهر الحالي، سيكون على اللبنانيين التعايش مع ازماتهم اليومية ومآسيهم راضخين لواقع ان تبعية حكامهم للخارج وقلة مسؤوليتهم ووطنيتهم وتغليبهم مصالحهم الشخصية والحزبية على المصلحة الوطنية العليا، لن تودي بهم الا للهلاك!

Exit mobile version