في إطار الشكاوى الدورية التي تقدّمها وزارة الخارجية والمغتربين بواسطة بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك لتوثيق العدوان الإسرائيلي على لبنان، ووضع المجتمع الدولي ومجلس الأمن أمام مسؤوليتهما من أجل التحرّك لوقفه، يتحضّر لبنان لتقديم شكوى عاجلة الى مجلس الأمن الدولي عن عملية الإنزال البحري التي نفّذتها قوّة الكوماندوس «الإسرائيلية» فجر السبت الفائت على شاطىء البترون، على بُعد 140 كلم من الحدود الجنوبية اللبنانية. وقد اختطفت خلالها القبطان البحري اللبناني عماد فاضل أمهز، في سابقة من نوعها خلال حربها الحالية على لبنان.
وكان سبق وأن قام العدو بإنزالات بحرية عديدة عند الشاطىء اللبناني بهدف اختطاف أشخاص أو تصفية آخرين خلال فترة الحروب السابقة. وتتواصل التحقيقات لكشف ملابسات هذه الحادثة ووضع الأمور في نصابها، سيما أنّ القوّات البحرية التابعة لليونيفيل هي المكلّفة مراقبة طول الشاطىء اللبناني، وجرى اتهام الكتيبة الألمانية فيها بتسهيل هذه العملية أمام العدو.
وفي الوقت الذي أشارت فيه نائبة المتحدّث باسم «اليونيفيل» كانديس أرديل الى أنّ «اليونيفيل» «لم تتورّط في أي انتهاك للسيادة اللبنانية، وهدفنا حماية لبنان وتطبيق القرار 1701»، كاشفة أنّ «سفننا لم ترصد أي شيء في البحر اللبناني، وسنتعاون مع الجيش اللبناني بشأن المعلومات وندعمه»، تؤكّد أوساط ديبلوماسية أنّه من الضروري أن يتمّ سؤال القوّات البحرية في «اليونيفيل» عن أسباب هذا التقصير لتلافي تكرار مثل هذه العملية. فالحديث يكثر في هذه الآونة عن إمكان أن يقوم العدو بعدد من الإنزالات المشابهة في كلّ من شواطىء السان جورج، وكورنيش المزرعة، وصيدا وجبيل. الأمر الذي لا بدّ من منع حصوله، أو على الأقلّ إعلام الجيش اللبناني بأي تحرّكات بحرية مشبوهة من قبل العدو.
وإذ تحدّث العدو عن أنّ العملية حصلت بمساعدة من القوّات البحرية التابعة لـ «اليونيفيل»، على ما شدّدت الاوساط، بهدف خلق شرخ ما بينها وبين الجيش اللبناني، تقول انّ الولايات المتحدة حاولت خلال التجديد السنوي للقوّة الدولية في جنوب لبنان، توسيع مهامها لتشمل حرية التحرّك بشكل مستقلّ وبدون إذن مسبق، ما أثار الضجة حول هذه المسألة. وتبيّن خلال العملية البحرية الحالية للعدو أنّ ذلك لا يمكن أن يحصل، إذ لا تستطيع عدم التعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني في حال راقبت حصول أمر مشبوه. وفي حال حاولت الولايات المتحدة التقدّم أكثر في هذا السياق، ستحصل ردّات فعل معاكسة عليه. علماً بأنّ القرارات السابقة نصّت على «حرية الحركة بشكل مستقلّ» لـ «اليونيفيل»، غير أنّها لم تُنفّذ على الأرض نظراً لصعوبة تطبيقها. فالأمر يحتاج الى دراسة لأنّه قد يؤدّي الى نتيجة ما من دون حصول أي مفاجآت.
وفي ما يتعلّق باتهام القوّة البحرية الألمانية بالانحياز الى «إسرائيل»، الأمر الذي جعلها تسهّل عملية خطف أمهز، تلفت الأوساط الى أنّ القوّات البحرية التابعة لـ «اليونيفيل»، ليس دفاعاً عنها، إنّما بهدف توصيف الواقع، أنشئت في العام 2006 بهدف دعم البحرية اللبنانية الى حين تمكّنها من القيام بمسؤولياتها كاملة. وهي تعمل بناء على طلب من الدولة اللبنانية على قضايا الهجرة غير الشرعية ومراقبة المياه الإقليمية. وتتألّف من 650 جنديا تابعين لخمس دول هي: ألمانيا، بنغلاديش، أندونيسيا، اليونان، وتركيا، ما يجعل المسؤولية مشتركة. في الوقت الذي يؤشّر فيه البعض الى دولة معنية بأنّها تُسهّل عمل العدو. علماً بأنّ «اليونيفيل» أوضحت في بيان لها أن «لا علاقة لها بتسهيل خطف المواطن أمهز أو انتهاك السيادة اللبنانية». فضلاً عن قولها إنّ «المعلومات المغلوطة والشائعات الكاذبة تُسيء للقوّة الدولية».
كما أنّ تعرّض قوّات «اليونيفيل» للضربات الموجّهة من قبل العدو الإسرائيلي، على ما أضافت الاوساط، ينفي وجود أي تعاون بين الطرفين. علماً بأنّه على لبنان و»إسرائيل» الحفاظ على سلامة جنودها، كونها قوّات طوارىء دولية تعمل على الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، من دون أي تحيّز لطرف دون الآخر. وهي غالباً ما تقوم برفع التقارير الدورية الى الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة عن الخروقات والإنتهاكات للقرار 1701 من قبل الجانبين. وقد أصدرت في اليوم الأول لمحاولات التوغّل البرّي ل «الإسرائيليين» في 1 تشرين الأول الماضي الى الأراضي اللبنانية، بياناً أكّدت فيه أنّ «أي عبور الى لبنان يُشمّل انتهاكاً للسيادة اللبنانية وسلامة أراضي لبنان، وللقرار 1701»، داعية جميع الأطراف الى «التراجع عن مثل هذه الأعمال التصعيدية التي لن تؤدي إلّا إلى المزيد من العنف وإراقة المزيد من الدماء».
وعن ادعاءات «الإسرائيليين» بأنّ ثمّة أنفاقا لحزب الله أقيمت على مرأى من أعين قوّات «اليونيفيل» في الجنوب، بهدف الإشارة الى أنّها تغضّ الطرف عمّا يقوم به عناصر الحزب في منطقة الليطاني، تؤكّد الأوساط أنّ ليس من إثبات عن وجود هذه الأنفاق منذ العام 2006، عندما تولّت «اليونيفيل» مهامها في المنطقة الجنوبية بناء على القرار 1701. وعندما علمت بأمر وجود هذه الأخيرة قامت بإبلاغ الجيش اللبناني عنها. ومن المعلوم أنّها غالباً ما تتعاون وتنسّق مع الجيش في جميع العمليات التي تقوم بها بهدف الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة الجنوبية الحدودية.