وجه لبنان الرسمي جلّ اهتمامه لما تشهده كواليس الأمم المتحدة في نيويورك، على مسافة أيام من حلول موعد التجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل”. يسعى وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، الموجود هناك، من خلال اللقاءات التي يعقدها، إلى محاولة تكريس مبدأ التنسيق بين القوات الدولية والحكومة اللبنانية ممثلة بالجيش اللبناني في أي تحرك يفترض أن تقوم به. كما أن لبنان يرفض أي توسيع لصلاحيات اليونيفيل على الساحة اللبنانية، ما يعني إبقاء نطاق عملها جنوب نهر الليطاني وضمن سياق القرار 1701 وعدم توسيعها إلى شمال النهر.
ضغط اسرائيلي
في المقابل، يُسجل ضغط إسرائيلي كثيف في سبيل توسيع صلاحيات عمل اليونيفيل، بشكل تصبح مخولة بالتحرك بدون التنسيق مع الجيش، وقادرة على الكشف عن أي عمليات نقل للأسلحة أو تعزيز المواقع العسكرية العائدة لحزب الله. يحاول الإسرائيليون العمل على أكثر من خط، أولها ممارسة ضغوط على الحزب من خلال العقوبات، ومنها التي فرضت أخيراً على جمعية أخضر بلا حدود؛ وثانيها تركيز الحملة على تثبيت حزب الله لخيمتين في خراج بلدة كفرشوبا مع الإشارة إلى أن عناصر ومقاتلين من الحزب يتمركزون في الخيمتين. أما ثالثها فالتذكير بحوادث عديدة وقعت بين حزب الله وقوات اليونفيل وآخرها حادثة الإعتداء على الدورية الإيرلندية التي أدت إلى مقتل أحد عناصرها وإصابة آخر.
إعلان حرب
تحت هذه العناوين تُمارس ضغوط إسرائيلية كثيفة مع واشنطن في سبيل توسيع عمل اليونيفيل، أو التلويح بتخفيف المساعدات المقدّمة لها، علماً أن هناك قراراً دولياً واضحاً بضرورة الحفاظ على عمل اليونيفيل، خصوصاً في هذه المرحلة التي تحتاج فيها المنطقة إلى استقرار، لا سيما أن الإسرائيليين يركزون على استخراج النفط والغاز، ولبنان بدأ مرحلة الحفر والتنقيب. ولكن آخر ما وصلت إليه الضغوط، هو تقديم مقترح وفق ما أعلن بو حبيب، ينص على تعديل صلاحيات اليونفيل، ونقلها من تحت الفصل السادس إلى الفصل السابع. طبعاً هذا الكلام بحال كان جدياً وحظي بإصرار دولي فهو يمثل بشكل أو بآخر “إعلان حرب” لأن الفصل السابع ينص على استخدام القوة لفرض الإستقرار ومكافحة نقل الأسلحة، وهو ما لا يمكن أن يمر لدى حزب الله، الذي كان قد رفض ذلك في العام 2006 في خضم حرب تموز.
ابتزاز الفصل السابع
في مقابل طرح فكرة الفصل السابع، كان لبنان يسعى إلى تعديل الفقرة التي أضيفت على قرار التجديد السنة الفائتة، والتي تضمنت جملة تشير إلى عمل اليونيفيل بدون الحاجة للتنسيق مع الجيش اللبناني، وهو ما اعترض عليه لبنان، وسط مساعٍ يبذلها بوحبيب لشطب هذه العبارة، إلا أن الردّ الدولي جاء بالتلويح بالفصل السابع، والذي يعتبر أشبه بمناورة لتمرير مسألة إبقاء التعديلات التي أقرت السنة الماضية، وبالتالي بما أن لبنان يعترض على تعديلات السنة الفائتة، تم رفع السقف والتلويح بالفصل السابع، والذي لا موافقة عليه من قبل الصين وروسيا، فتكون النتيجة بتجنّبه ما يسمح للبنان بإعلان إنجاز تجاوزه، فيما يبقى القديم على قدمه لجهة الإجراءات ولا يتم تعديل الفقرة التي أضيفت في التجديد الذي أقر في العام 2022. لا سيما أن أي اتجاه نحو الفصل السابع، فإن لبنان يرتكز على عدم موافقة روسيا والصين والتصويت ضده، ذلك أيضاً سيدفع واشنطن إلى التعاطي مع لبنان وكأنه لم يعد في عداد الدول الصديقة.