هيئة الاشراف على الانتخابات النيابية، هي من البنود الاصلاحية، التي تضمنها قانون الانتخاب الذي صدر عام 2017، وباتت الانتخابات تجري على النظام النسبي مع صوت تفضيلي، وليس على الاكثري.
والهيئة وفق المادة التاسعة من القانون، ليست مستقلة، او يناط بها ادارة العملية الانتخابية، بل هي تنسق مع وزير الداخلية، مما يحجب عنها الاستقلالية التامة، لكنها تجربة متطورة في العملية الانتخابية، لا بدّ من استكمالها، بتحديث قانون الانتخاب الذي فيه شوائب، واعطاء هيئة الاشراف صلاحيات اكبر ومهام اوسع.
ويجري تعيين الهيئة قبل ستة اشهر من موعد الانتخابات، وهذا ما لم يحصل بعد، اذا كانت الانتخابات وفق القانون المعدّل ستحصل في 27 آذار المقبل، حيث طلبت وزارة الداخلية من المراجع التي تشكو منها الهيئة تزويدها بالاسماء، وتقديم ثلاثة مرشحين لتمثيل الجهة المعنية، لاختيار شخص واحد منهم، وفق القانون، الذي نص على ان الهيئة تتألف من 11 عضواً موزعين على الشكل الآتي: ثلاثة قضاة (عدلي واداري ومدني)، نقيب سابق للمحامين في بيروت وآخر من الشمال من ضمن ثلاثة اسماء لنقباء سابقين، وممثل عن نقابة الصحافة، وخبير في شؤون الاعلام والاعلان يرشحه المجلس الوطني للاعلام، ونقيب سابق لخبراء المحاسبة، وممثل عن هيئات المجتمع المدني، وعضوان من اصحاب الخبرة الواسعة المرتبطة بالانتخابات.
ويترأس الهيئة القاضي الاعلى درجة بين القاضيين العدلي والاداري، ويقدم مجلس القضاء الاعلى اسماء القضاة المقترحين الى وزير العدل الذي يرفعهم الى وزير الداخلية، وقد تم تعيين القاضي نديم عبد الملك، رئيساً لهيئة الاشراف على الانتخابات في عام 2018، وفقاً للقانون، بحيث شكل قيام هذه الهيئة، اول ممارسة لها في مراقبة الانتخابات في شقين اساسيين الانفاق والاعلام الانتخابي حيث تمكنت الهيئة برئاسة عبد الملك، من ان تبني هيكلاً لها، في ان يكون لها مقر، وفي التعاقد مع افراد، شكلوا الجسم الاداري، اضافة الى اشخاص تولوا متابعة الاعلام، وآخرين الانفاق الانتخابي الذي حدده القانون بـ150 مليون ليرة، وتم ادخال تعديلات على القانون الساري المفعول.
وعن تجربته في الهيئة يكشف عبد الملك لـ«الديار» بانها كانت غنية، واجرينا تقويماً لها، وسجلنا الملاحظات سواء القانونية والادارية واللوجستية، كما اوردنا اراءنا لما يمكن ان يساهم في تطوير عمل الهيئة، من كل النواحي الادارية والمالية والفنية، والاتجاه بها نحو الاستقلالية اكثر.
وتستمر الهيئة الحالية بعملها، حتى تعيين اخرى جديدة، وكان على الحكومات المتعاقبة، ان تقوم بصلاحياتها، بعد انتهاء العملية الانتخابة بستة اشهر، فلم يحصل ذلك واستمر عبد الملك بتسيير مرفق عام بما هو متاح له، دون اي بدل مالي مع انهاء عقود لافراد استعانت بهم الهيئة في اثناء الانتخابات الماضية.
وكان على وزارة الداخلية ان تقدم في 21 تشرين الثاني الماضي اسماء الهيئة لان المهلة تقصر مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي، لكن تعطيل جلسات مجلس الوزراء حال دون ذلك اذ كشفت معلومات قضائية، بأن مجلس القضاء الاعلى برئاسة سهيل عبود اختار القاضي المتقاعد رشيد مزهر لرئاسة هيئة الاشراف وتم ابلاغ وزير الداخلية الا ان مزهر اعتذر عن تسلمه هذا المنصب وقد لقي اجماعا داخل القضاء وترحيبا من مراجع رسمية وسياسية اعتبرت انه اختيار جيد في المكان المناسب ولقي عدم قبول مزهر في تولي المسؤولية نوعا من النكسة لانه كان في هذا الموقع سيحصن الاشراف على الانتخابات ويزد من نزاهتها بتطبيق القانون وفق ما تؤكد المصادر القضائية، التي فوجئت بجواب مزهر الرافض الذي قد يكون من القلة الذين لا يبحثون عن مراكز حيث جرت محاولات معه للرجوع عن قراره لكنه تمسك به لاسباب تتعلق بالاجواء السياسية العامة في لبنان والانقسامات فيه بحيث سيكون الاستحقاق الانتخابي ربما الاصعب في لبنان للتدخلات الكثيرة فيه والصراع عليه.
ومع اعتذار القاضي مزهر عن تولي رئاسة هيئة الاشراف على الانتخابات فإن البحث عن قاض اخر يقوم به مجلس القضاء الاعلى ليقوم وزير الداخلية بمهامه برفع اسماء المقترحين الى مجلس الوزراء الذين يعينهم بمرسوم يتخذ فيه وتقسم الهيئة الجديدة اليمين امام رئيس الجمهورية اذ يداهم الوقت وزير الداخلية القاضي بسام المولوي اذا لم يصدر المرسوم قبل ستة اشهر من موعد الانتخابات التي يعرضها للطعن.