الهبة الإيرانيّة تسلك طريقها يَتبعها… إنشاء معمل لإنتاج الطاقة الكهربائيّة

Share to:

الديار – مريم نسر

لم يكن العرض الذي قدّمته الجمهورية الإسلامية الإيرانية جديداً في ما يتعلّق بحل مشكلة الكهرباء في لبنان، إن كان حلاً مؤقتاً من خلال (هبة) أو حلاً جذرياً من خلال بناء معمليْ لإنتاج الطاقة الكهربائية، لكن الجديد تجاوب الدولة اللبنانية مع هذا العرض رغم المماطلة التي تلته بحُجة التدقيق بتطابق المواصفات، ولكن في الواقع الكُل يعلم أن الرفض السابق لكل العروض والمماطلة الحالية لها حساباتها الخارجية وبشكل أدق تنتظر الإذن الأميركي تحديداً.

بعد المماطلة والشك في جدية الموقف الرسمي اللبناني، أعلن وزير الطاقة وليد فياض أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي طلب منه إعداد وفد فني لمناقشة التفاصيل الفنية مع المسؤولين في طهران.

هذا الطلب جاء بعد أن تم الإتفاق على المبادىء العامة في المباحثات التمهيدية بين الجهة الإيرانية والجهة اللبنانية متمثلة بالرئيس ميقاتي والوزير فياض، وبعد تجاوز هذه المباحثات أصبح الموضوع على سكة المتابعة التنفيذية، وأكثر من ذلك، تم التوصل الى نتيجة نهائية حول الموضوع، والوفد اللبناني الذي سيتوجه الى طهران في الأيام القليلة المقبلة سيبحث في الإجراءات والتفاصيل.

أما عن مضمون ما تم التوصل إليه: تقديم الهبة الإيرانية يتضمن كمية الفيول المطلوبة والمدة الزمنية (القابلة للتجديد)، وبذلك تتراوح ساعات التغذية الكهربائية بين ٦ الى ٨ ساعة إذا جمعنا الفيول الإيراني مع الفيول العراقي(اتفاقية مد لبنان بالفيول المخصص للكهرباء) وسيترافق معهما إقرار رفع التعرفة الكهربائية بشكل مدروس يتمشى مع الواقع الحالي في البلاد.

أما التطور اللافت والجديد الأهم في ما يتعلق بالذي أعلنه وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان أن لدى ايران إمكانات فنية وهندسية لإقامة معمليْن لإنتاج الكهرباء في لبنان واحد في بيروت وآخر في الجنوب بقدرة ألف ميغاوات لكل منهما، وأن بلاده تنتظر موافقة الحكومة اللبنانية، لقد تمت الموافقة على بناء معمل كهرباء واحد في لبنان حتى الآن على طريقة (BOT).

يمكن اعتبار هذين الخبرين كـ “حدث مهم” ينتظره اللبنانيون لحل أزمة تُعتبر من أصعب أزماتهم، وبما أن وضع البلد يسوء أكثر يوماً بعد يوم وبظل الأزمة القائمة فإن رفض هكذا عرض يُشكِّل إحراجاً للحكومة اللبنانية.

لكن السؤال الأهم والبديهي الذي يسأله الجميع… هل حصلت الحكومة بشخص رئيسها على ضوء أخضر أميركي لتوافِق على هذين العرضين الإيرانيين؟؟ الجواب البديهي: بالتأكيد “نعم”.

الإشارات بدأت منذ الإعلان أن الهبة الإيرانية لا تخضع للعقوبات الأميركية وكذلك بناء المعمل على طريقة (BOT) الذي لا يُكلِّف الدولة شيئاً.

فما الذي يحصل؟ الدولة التي تُحاصر لبنان وتفرض عقوبات على شخصيات وتهدده دائماً بالعقوبات وتخنقه، كيف تسمح له أن يتنفس؟

ربطاً بموضوع الترسيم البحري والدور الأساسي للأميركي به والطلب من الإسرائيلي إنجازه بوقت مُحدَّد والإصرار عليه بعد إتصال الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس وزراء العدو يائير لابيد، طبيعي أن إنجازه يجب أن يتم ببيئة مستقرة للإستفادة من ثرواتها وليستطيع الإسرائيلي تصدير الغاز للمساهمة بحل أزمة الطاقة في أوروبا بعد الحرب الروسية-الأوكرانية، ما يعني أن هناك مصلحة أميركية بالحلحلة ولو نسبياً.

أما في الداخل اللبناني صحيح أن الأميركي يضغط داخلياً، لكن يبقى السؤال: هل له مصلحة بانهيار الوضع في البلد بشكل تام؟ ومن يستفيد بحال وصلت الأمور الى هذه المرحلة؟

لعلّه سؤال يكمن بداخله الجواب، ولعل أيضاً أن هنالك أسئلة كثيرة حول الآداء الأميركي في هذه المرحلة جوابها في الأيام المقبلة، لكن الواضح أن الأميركي لم تعد تعنيه صورته بل مصلحته التي تتعارض هذه الأيام مع الصورة التي اعتادت عليها الولايات المتحدة واعتاد عليها العالم.

وبالعودة للهبة الإيرانية ومعمل الكهرباء، يبقى الشك بالأميركي مشروع للغاية، حتى إنجاز المهمة وتطبيق ما يتم الإتفاق عليه بين لبنان وإيران والوصول الى خواتيم سعيدة.. فلننتظر…

Exit mobile version