النوم الحسن… «نوم الجَمَال» و«ينبوع الشباب» و«خير دواء» هو عمليّة تجديد وصيانة مُتواصلة للجسم طوال ساعات الليل في الدماغ

Share to:

الديار – ندى عبد الرزاق

النوم هو عملية فيزيولوجية تستكين فيها أعمال الجسم، تتجلّى بنقص الشعور والادراك، وتختلف فترات النوم مع أوقات اليقظة والعمل. ويعد راحة مقيّدة تساعد الجسم على استعادة ما يخسره من طاقات متعددة خلال اليوم. ولهذا قيل انه خير دواء لان تجديد الخلايا ونموها يتضاعف ليلا. كما انه يحافظ على توازن السكر في الدم واستقلاب الدهون لدى الانسان ويحدّ من الشهية.

طبياً، الذين يعملون في دوريات ليلية بشكل دائم هم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري والبدانة وامراض القلب والشرايين.

والنوم هو عملية حماية وتجديد للجسم طوال ساعات الليل في المخ، وهناك فوائد أخرى على صعيد المظهر الخارجي كنضارة الوجه، والتقليل من ظهور التجاعيد، والعيون المشرقة والشعر الصحي، والتفكير بإيجابية، والقدرة على اتخاذ القرارات المهمة الخ… ويقضي الانسان نحو ثلث حياته في النوم الذي يعد أساسيا كالطعام والشراب والتنفّس. وبيّنت الدراسات ان الغاية من النوم تشير الى ان الدماغ هو المسؤول عن حاجتنا اليه.

بالموازاة، يكون النوم الحسن قبل الساعة الثانية عشرة ليلا، وعرف بنوم الجمال كونه يترك علامات جيدة على المظهر الخارجي للفرد. ويقوم الجسم بعملية اصلاح وتعاف اثناء النوم، وهذا يوفر فوائد جمّة على صعيد البشرة والصحة النفسية والعقلية، والحصول على معدل كاف من ساعات النوم تتراوح ما بين الـ 6 و8 ساعات جيدة كل ليلة.

الاتصالات تبدأ ليلاً

اعتبر الباحث في بيولوجيا الاعصاب في جامعة توبنغن الألمانية ألبريشت فورستر في حديث لموقع «شيبكتروم» الألماني: «انه خلال الليل تبدأ عمليات كثيرة داخل الدماغ، وهي اثناء النوم أكثر من أي وقت آخر في حياتنا». تابع «حين نكون مستيقظين يتم بناء اتصالات جديدة بين الخلايا العصبية، وحين ننام تبدأ عمليات إعادة البناء والترتيب». أضاف، «النوم يشبه الغسل والقطع والترتيب في منطقة الدماغ».

تنظيم وترتيب اليوميات

للنوم دور إيجابي في إعادة توزيع وتنظيم وتثبيت داخل ذاكرتنا من معلومات، يتم استبدالها الى درجة من المعرفة، راقية المستوى ومميزة «نخبة الأفكار»، وبحسب ألبريشت فورستر «انه اثناء النوم يحدث تبادل نشط بين مناطق المخ المختلفة وتسمى «الحُصين»، وهو الى حد ما كالمفكرة في دماغنا، ويلاحظ التجارب المهمة، ويعطي خلال النوم القشرة الدماغية نبضات لعرضها من جديد مرارا وتكرار وتَرْسِّخِها ووصلها ببعضها بعضا».

الصحة النفسية والعقلية

في هذا الإطار، قالت الاختصاصية النفسية والاجتماعية غنوة يونس لـ «الديار»، «يرتبط النوم الحسن بالصحة النفسية والعقلية، فهو يساعدنا ان نكون بحالة مرنة والعكس صحيح، وتُسْهم بعض النزعات في جعل الفرد غير قادر على النوم وهناك ارتباط وثيق ما بين هذين العاملين». تابعت « ببساطة يوفّر لنا الاستجمام والرقود ويحافظ على سكينة الناقلات العصبية بمعدل أكبر فتؤدي مهامها بشكل طبيعي، بينما الاجهاد والنوم المتقطّع، او لساعات قليلة او عدمه على وجه الخصوص، جميعها تجعل الجسم في حالة من التوتر الدائم كما ان عضلاته لن تجد الفرصة للاضْطجاع والاستلقاء. الامر الذي سيؤدي الى ارتفاع بمستوى ضغط الدم، وستختلّ وظيفة الدورة الدموية وهو ما يتعلق بالصحة الجسدية لان النوم ضروري للجسم لاستعادة طاقته التي يحتاج اليها في اليوم التالي وتساعده على القيام بمسؤولياته الحياتية».

واكدت يونس ان «النوم السيىء يجعل الفرد في حالة ذعر دائمة ويفتقد التركيز على المهمات الملقاة على عاتقه، فتخف انتاجيته ويصبح اقل نفعا كما انه قد يأخذ قرارات لا يمكنه تطبيقها او تنفيذها وذلك نتيجة الإحباط بسبب عدم الخلود الى النوم بما في ذلك ضعف الاندفاع لأي مهمة».

يُحارب الامراض

«النوم الحسن يُبعد بعض الامراض والاختلالات النفسية مثل: القلق، الاكتئاب، التوتر والغضب»، وبحسب يونس، «فإن هذه الأمور جميعها تتعلق بجودة النوم». اضافت «هناك مرضى يعانون من الاختلاجات التي تنعكس سلبا على صحتهم النفسية والعقلية، لان النوم عنصر مهم جدا، وعاملاً يساعد الفرد على تحقيق الاستقرار ورباطة الجأش للقيام بمخططات تتناول الجوانب الشخصية والمهنية. ويوفر له المقدرة على التعامل مع مشاكله من خلال خلق حلول صائبة، والا سيقاسي من نوبات ذعر وهذيان وتوتر، وهذه الزعزعة قد تتضاعف وفي حال تكررت مرجّح ان يقدم الشخص على الانتحار لان هذا التموّج قد يشتد».

ولفتت الى ان «جزء كبير من العلاج النفسي الذي نقوم بتطبيقه يأتي لمساعدة المريض لتحسين نوعية نومه والحصول على وقت كافٍ ما بين 6 و8 ساعات لان ذلك سيؤمن له التوازن والتغلب على المصاعب والمشاكل التي يعانيها».

حلول

وقالت يونس «من الحلول المتّبعة في مثل هكذا حالات ان يتم تدريب المرضى على تقنيات التنفس، التي تمدّ الجسم والدماغ بالراحة وإدخال الاوكسجين بشكل أكبر، وتساعد على النوم لفترات أطول وتعمل على تجاوز الارق الى جانب الاسترخاء». واشارت «الى ان العلاج السلوكي والمعرفي الذي يساعدنا على تلبية المريض ليتفوق على الأفكار السلبية التي تدور في رأسه واستبدالها بأخرى إيجابية، والتي من شأنها ان تقلّص مسبّبات القلق والتفكير الزائد الذي يلازم معظم الأشخاص قبيل النوم ويحرمهم من التفكير بصورة اوضح وأقرب للواقعية، ويمكّنهم الخروج من «شَرَبكة القضايا» والمشاعر العسيرة التي يعيشونها وتُعيق التقدم».

ودعت «الى ضرورة ممارسة التمارين الرياضية باعتبارها تمكّن الجسم من التنفس وإخراج الشحنات السلبية والتوتر، الى جانب ضرورة الابتعاد عن الأجهزة الالكترونية والاصوات المرتفعة قبل التوجه الى النوم بساعتين»، ونصحت «بالاستماع الى الموسيقى الهادئة والنوم بطريقة محببة للفرد، بما في ذلك ان تكون الوسادة مريحة، وتجنب الإضاءة القوية التي تؤثر في النظر».

المظهر الخارجي

واوضحت يونس «ان أهمية النوم «النوعية الجيدة» تكمن في جني النوم العميق الذي من خلاله يستطيع الفرد اخذ قسطٍ كافٍ من الراحة والرُقاد، على عكس النوم السطحي او الخفيف».

واردفت « ينقلب ذلك على المظهر الخارجي مثل: اشراق البشرة، مظهر العينين، الملامح المريحة، وكذلك على مستوى الاطمئنان النفسي والمقدرة على حسن التصرف، وانخفاض معدّل التوتر ومضاعفة الإنتاجية والاندفاعية».

ونصحت يونس الطلاب والشباب المقدمين على وظائف او امتحانات او مقابلات مهمة، «باللجوء الى النوم بنحو جيد بهدف زيادة التركيز لتحقيق النجاح المنشود في المهمات المطلوبة، لِمَا للنوم الحسن من تأثيرات إيجابية كبيرة في الجهاز العصبي والمخ لدى المرء».

Exit mobile version