النفق السياسي مقفل، حيث باتت صورة المشهد الداخلي مفروزة بين مكونات سياسية تعادي بعضها البعض، وانعدمت امكانية بلورة قواسم مشتركة فيما بينها حول اي من التفاصيل الداخلية، وهو ما يتبدى في مقارباتها المتصادمة سياسيا ورئاسيا وحكوميا ونيابيا وانتخابيا وقضائيا واقتصاديا وسياديا، وكذلك على مستوى علاقات لبنان الخارجية.
تبعاً لذلك، ما يفاقم هذه الصورة ويعمّق الانقسام الرهيب، هو انعدام الارادة المشتركة لسد الفجوة التي تتوسع على مدار الساعة. وقد سألت «الجمهورية» مرجعا مسؤولا عما اذا كانت اعادة الوصل الداخلي ما زالت ممكنة؟ فقال: الوضع الداخلي يحتاج الى امرين، الأول، معجزة، وهي مستحيلة، مع انني اخشى ان هذه المعجزة قد تتمكن من أن تقرّب اللبنانيين من بعضهم البعض، وان تعيد لمّ هذا الافتراق القائم بينهم سياسيا وطائفيا وحول كل شيء.
اما الامر الثاني فهو اعادة ترتيب البلد، وهو امر مستحيل ايضا في هذه المرحلة، حيث اننا يجب ان نعترف ان الوضع السياسي بلغ من التفسّخ مستوى لا يمكن لحمه الا بعقد اجتماعي جديد، وهذا امر، مع انه يختمر في اذهان القوى السياسية، الا ان احدا لا يجرؤ ان يصرّح بذلك. الا ان الامور إن بقيت على ما هي عليه، فأنا أراها ذاهبة إن عاجلا او آجلا في هذا الاتجاه الذي سيؤدي الى عقد جديد او الى نوع شبيه به يؤدي الى ترسيخ معادلة جديدة تعيد توزيع السلطة والصلاحيات وتسد ما هو قائم من ثغرات، ولكن يجب ان نعلم ان لهذا ثمنه الذي لا يستطيع احد ان يدفعه.