يعرف الشعر على انه تاج على رؤوس النساء، ورمز من رموز الجمال والانوثة. وهذه القاعدة لم تعد محصورة بالسيدات، بل للرجال نصيب من العناية والتزيين، لأنه سر الجاذبية وعلامة من علامات الحيوية ويدل على مظهر صحي، وكثافته تعكس روح الشباب وتعطي شكلا رائعا ومزيدا من الثقة بالنفس.
على مقلب آخر، بات تساقط الشعر امراً شائعا بين الناس عموماً، ويُسمّى بـ “معضلة العصر”، لان هذه المشكلة قد تصل الى الصلع، او تُحدث فراغات كبيرة في فروة الرأس. وتدهوره يزعج النساء والرجال، كونه يفضي الى الشعور بالألم النفسي حينما تمتلئ الفرشاة بالشعرعند تصفيفه او لدى الاستحمام، وغالبا نجده متناثرا على الأرض في المدار الذي يوجد فيه الأشخاص الذين يقاسون من هذا البلاء.
الاضطراب يقضي على الحلول
قد يكون تساقط الشعر في بعض الحالات ناتجا من داء او مشكلة جسدية. ويحدث أيضا جراء الضغط النفسي والاجتماعي الذي يمر به الفرد، فيؤدي الى المزيد من القلق والاكتئاب والاضطراب الذي يزيد من العلّة. ووفقا للمركز الوطني للمعلومات التقنية الحيوية “NH”، فإن النساء اللواتي يعانين من التوتر أكثر عرضة 11 مرة لتساقط الشعر من اللواتي لا يعانين من الضيق والاجهاد. لكن، إذا كان فقدان الشعر مرتبطا بالتعب النفسي، فإن بصيلات الشعر لا تتضرر بشكل دائم، وهذا يعني ان الاستقرار المعنوي والاهتمام الجيد بالصحة، قد يعملان على إعادة معدل نموه الطبيعي”.
وفي سياق متصل، نشرت المجلة العلمية (NATURE) دراسة مفادها “ان الباحثين استنتجوا ان ارتفاع هرمون الاجهاد “الكورتيكوسنيرون” عند الفئران، يؤدي الى توقف نمو بصيلات الشعر لمدة طويلة، وذلك في مرحلة السكون التي يتوقف من خلالها النشاط الايضي بشكل كامل او شبه كامل. ويعمل هذا الهرمون على إيقاف أحد البروتينات الخاصة، التي تحفز نمو خلايا الشعر، ويصبح بذلك سقوط الشعر خلال مرحلة الكُمُون أسهل من وقوعه خلال مرحلة النمو، وهو ما يفسر سقوط الشعر نتيجة الاكتئاب والاختلاجات النفسية، خاصة عند النساء الأكثر عرضة للتبدلات الهرمونية”.
الاكتئاب يضغط على البصيلات
يُعتبر الاجهاد من اهم العوامل التي تنال من سلامة الانسان، وعدم الانصات للرسائل التي يبعثها الجسد يعد جريمة. لذا فإن غض النظر عن أي ملاحظة غير مألوفة، قد يدفع الى عواقب جسيمة ابسطها تساقط الشعر. والتوتر قد لا ينعكس على الصحة النفسية وحسب، بل يتخطاه الى صحة الجسم.
بالتوازي، نقل موقع “ان تي في” الألماني عن الدكتور بيرند ريغر قوله: “بأي حال من الأحوال فإن الاجهاد يمكن ان يكون مسببا لتساقط الشعر، اذ يتسبب فرط الارهاق بتدمير المواد الحيوية في الجسم، كما ان جذور الشعر تصاب بنقص امدادات هذه المواد، وفي ظل تقلص هذه العناصر يصبح الشعر ركيكاً اول الامر، ومن ثم يفقد بريقه ليصبح ضعيفا في نهاية المطاف”.
واشار ريغر الى “ان كل بصيلة في فروة الرأس محاطة بشبكة كثيفة من الالياف العصبية، فإن المواد التي يطلقها الجسم عند الانهاك تصل اليها أيضا، ما يتسبب بحصول التهابات في جذور الشعر واضطرابات في غزارته او حتى في تساقطه”.
وراثي وغير وراثي
على خطِ موازٍ، شرحت الاختصاصية في الامراض الجلدية والتجميلية د. غادة قصير لـ “الديار” عن آفة العصر قائلة “ان مشكلة تساقط الشعر تقسم الى نوعين: الأول وراثي والثاني غير وراثي، وعندما نتحدث عن غير الوراثي نقصد النقص في العديد من الفيتامينات. لذلك ينبغي على كل فرد اجراء تحاليل الدم اللازمة للتأكد من الفقر في كل من فيتامين “د” والحديد والزنك”، واشارت الى “ان هذه العناصر جميعها أساسية، إضافة الى الأمراض التي قد يعاني منها الشخص مثل: امراض الغدة الدراقية، الروماتيزم، داء السكري، واحتمال ان يصل الامر الى الإصابة ببعض أنواع السرطانات، التي تسبب تساقط الشعر على نحو كثيف”. اضافت “ان التعويض بالأطعمة التي تكتنز هذه الفيتامينات يساعد على حل هذه الورطة. لكن، في بعض الأحيان نحتاج الى تناول المكملات الغذائية لنعالج بسرعة هذه العقبة”.
التقصف عقدة أيضا!
واعتبرت قصير “ان التكسّر مرتبط بنوعية الشعرة غير الجيدة والهشّة والمتهالكة، الى جانب النقص في المعادن التي ذكرتها سابقا. أيضا يجب مراقبة أسلوب الحياة الذي يعتمده الفرد لجهة العناية بالشعر، والذي من وجهة نظري اعتبره عاملا مهما يجب علينا التصرف حياله بلطف وهدوء”. اضافت “ان استعمال المجفف (السشوار)، والمثبتات القوية مثل البخاخ “السبراي”، وبعض أنواع الصبغات التي تشتمل على مواد كيميائية مضرة، مثل “الامونيا” وغيرها من الأمور، وجميعها أساليب تؤذي الشعر”.
الطبيعي أحسن!
ودعت قصير الى “بضرورة التفتيش عن الزيوت الطبيعية ومنتجات التلوين المستخرجة من النباتات والمواد الطبيعية، وتجنّب الضغط على الشعر، كارتداء القبعة لفترات طويلة وغيرها من السلوكيات، التي تلحق الاذى به وتتعبه وتؤدي الى وقوعه”.
العلاج
واكدت قصير “ان العلاج الانجع والأكثر استدامة والاقل كلفة مادية يتمثل بخفض معدل التوتر، واعتماد أسلوب حياة منظم قائم على نمط ومنهج صحيين، الى جانب توفير الحد الأدنى من العناية اللازمة للشعر، واستعمال مساحيق طبيعية وطبية لتوفير الترطيب المطلوب، الذي يعمل على تغليف وإصلاح الشعرة لتفادي التقصف الذي يؤدي الى تلفها سريعاً. فبدلا من فقدان 100 شعرة في اليوم، قد يخسر الفرد آلاف الشعرات، وهذا الامر قد يُحدث فراغات في فروة الرأس تصل الى الصلع، الذي قد ينتهي عند حدوده أي علاج”.