النزوح السوري في مرحلة مُتقدّمة … منحى خطير للأزمة

Share to:

الديار – ابتسام شديد

لم يعد النزوح السوري مجرد إختلاف او عدم تطابق في وجهات النظر بين القوى السياسية، فمؤخرا تحولت مسألة النزوح الى الحديث الأكثر إثارة للجدل، وسط إجماع لبناني رسمي وأمني، ان هناك خطرا وجوديا يتهدد لبنان من كل النواحي الديمغرافية والإقتصادية والإجتماعية.

فما حكي عن تدفق أعداد كبيرة من السوريين في إطار الموجة الثانية للنزوح، يطرح تساؤلات خطيرة حول أسباب تدفق النازحين بصورة كبيرة ، فهل ان الدوافع محض اقتصادية فقط بسبب الأزمة المعيشية في سوريا؟ او مرتبط بأجندات معينة؟ وما صحة ما يتردد عن وجود عناصر مشبوهة من ارهابيي “داعش” و”النصرة”؟ وهل أصبح لبنان محطة ترانزيت لعبور السوريين الى أوروبا؟

لعل التحذير القبرصي من خطر يتربص الجزيرة الأوروبية ، يجيب عن جزء من الأسئلة الكثيرة لكن ليس عن جميعها، كما تؤكد مصادر مواكبة لملف النازحين، فالتسلل السوري الى لبنان هو بأهداف وأجندات كثيرة، الظاهر منها اليوم ان النازحين الجدد هاربون من وطأة الأزمات الحادة، قبل فصل الشتاء وانقطاع المواد الأولية وغلاء المحروقات، اما المخفي ووفق المعطيات الأخرى، فيبدو أكثر قساوة على المجتمع اللبناني المضيف، خصوصا ان التسريبات الأمنية تتحدث عن وجود مسلحين خطيرين من ضمن المجموعات التي وصلت مؤخرا.

واشارت المصادر الى ان النزوح السوري في الشهرين الأخيرين، المتزامن مع انفجار الوضع في مخيم عين الحلوة من أخطر الملفات التي يواجههه لبنان منذ اندلاع الحرب السورية عام ٢٠١١ ، فمن الواضح ان هناك ترابطا بين الأحداث، وهناك قرار بتفجير الوضع الداخلي وارباك لبنان، لتمرير مشاريع معينة مثل التوطين وإبقاء النازحين في لبنان ودمجهم، وهذا الأمر يثبته التجاهل الرسمي للأزمة، فما يقال كلام لتسجيل الموقف من دون ان يرتبط بحلول فعلية مقابل تواطؤ المجتمع الدولي الذي يمد النازحين بالمساعدات والأموال، ويشجع مَن بقيَ في سوريا الى الخروج منها بالإغراءات المادية والخدمات ، فيما يتهم النظام السوري الأوروبيين بالسعي لتأليب السوريين المعارضين ضده، وعدم تعاون المجتمع الدولي مع الحكومة السورية لإعادة الأعمار في البلدات والمدن السورية المدمرة.

لبنانيا، الانقسام واضح بين القوى السياسية، فهناك فريق يرفض الإقرار بواقع النزوح الخطير الذي تخطى الخطوط الحمراء ، وفريق يرمي الانتقاد والمشكلة على المجتمع الدولي الساعي الى فرض التوطين الفلسطيني والسوري معا، فيما يرى آخرون ان الدولة السورية لا ترغب بمواطنيها المعارضين للنظام ولا يمكن ان تسهل انتقالهم إليها، والمنتمون الى هذا الفريق من المعارضة اللبنانية يعتقدون ان زيارة وزير الخارجية عبدالله بو حبيب والوفد الأمني المرافق له الى سوريا لن تقدم شيئا على مستوى العودة، في ظل بقاء التشنج السياسي وارتفاع منسوب الأزمة المعيشية في سوريا .

هذا الواقع يلقي بعاتق المعالجة على كاهل الأجهزة الأمنية، تضيف المصادر، التي تضع ثقلها لسد التقصير السياسي في هذا الملف، بضبط المعابر وملاحقة المهربين، مع ما يترتب على العملية من استنزاف لقدرات العسكريين. فالمهربون اكتسبوا خبرة ومهارات في عمليات التهريب عبر الطرق الوعرة ، كما ان التطور الخطير في الموجة الأخيرة من النازحين، تتمثل بنسبة الشباب من الداخلين الى الأراضي اللبنانية من الفئة الشبابية التي يمكنها حمل السلاح، مما يطرح مخاوف معينة، ويفتح الباب على واقع خطير جدا في المستقبل، مع احتمال خروج الوضع مع الوقت عن السيطرة مع ازدياد الوافدين الجدد، وعدم قدرة الجيش من السيطرة على كامل الحدود والمعابر غير الشرعية، وعدم وجود غطاء سياسي كامل للتعامل بحزم مع الأزمة.

واكدت المصادر ان الأجهزة الامنية تلقي القبض على المهربين وتوقف النازحين غير الشرعيين لاعادتهم الى بلادهم، لكن الأمر يحتاج الى اقترانه بالحل سياسي أولا، والتنسيق مع الدولة السورية والأمم المتحدة ثانيا لعدم تسهيل أمور النازحين ومنع المساعدات المالية عنهم، فالنزوح دخل منحى صعبا ومعقدا، ولبنان لم يعد يحتمل كما قال قائد الجيش وكل لبناني مسؤول حيال الخطر الذي يواجهه لبنان اليوم.

Exit mobile version