المصارف…. وغياب كل القيم الانسانية

Share to:

عندما يكون الانسان هو الهدف الاسمى في الحياة، وانسانيتنا هي التي تطغى على كل ما عداها ونجد ان هذه الانسانية تكاد تضمحل،لا يعود أمامنا خيارٌ إلا الهروب نحو مكانٍ لا يُفقدنا إنسانيتنا وكرامتنا.

دروب اللاإنسانية مشوارها بدأ من المصارف اللبنانية التي تسير من السيء الى الاسوأ ودروب الاستغلال مستمرة من خلال الرقص على اوجاع الناس ومصائبهم.هذه القصة هي ليست فقط بطلتها مها عرموني طوق وانما كل اللبنانيين.

إنها قصة وجع اللبنانيين التي ارادت مها أن تكون صوتهم.

 في سنة 2012 خسر زوج مها،سمير، عمله في سبينس جراء عمل نقابي كان يقوم به من أجل تطبيق مرسوم غلاء المعيشة الذي رفضت الإدارة تطبيقه.

عندها قامت الاخيرة بصرفه. وهو الآن في معركة قضائية معها.

بعد سنة من المعاناة مع ديون سابقة تراكمت بسبب اقساط المدارس والجامعات وقسط المنزل الذي كان مرهوناً لمصرف الإسكان منذ سنة 1999،توجهت مها للاستدانة من BLC bank  لسداد كافة الديون المترتبة على عائلتها.

إلا ان المصرف رفض اعطائهم القرض الا بشرط تأمين رهن ليحفظ حقه. ومن هنا و بعد وساطات قامت بها مها وعائلتها، استطاعت نقل ملكية رهن منزلها من بنك الاسكان الى BLC BANK، وعليه تمت الموافقة على قرض بقيمة 90000 الف دولار اميركي، إلا أن هذا المبلغ أخذ منه المصرف منه تكاليف كاتب العدل، وفتح الملف وغيرها من الامور، لتستلم منه 85500 الف دولارا.مها هي مدرّسة منذ أكثر من 28 سنة وهي نائبة رئيس لجنة اللغة الفرنسية في الامتحانات الرسمية للمرحلة الثانوية منذ اربع سنوات. ومنسّقة لغة فرنسية في مدرسة راهبات القلبين الأقدسين، جبيل. كانت الامور جيدة في المدرسة التي كانت تتابع التدريس فيها وهي “الشانفيل”.

الا ان نشاطها النقابي في هذه الفترة كان في أوجه، كما كانت أيضاً من المشاركين في ثورة 17 تشرين. وعليه فان مها اتهمت بأنها تتحدث مع طلابها بالامور السياسية (واعجباه، وهل يا سادة يوجد في لبنان طفل لا يتكلم في السياسة؟!) رفضت مها هذا الاتهام ونفته جملةً وتفصيلاً من خلال نصٍ كتبته على الانذار الذي أعطيَ لها يومها.

وهي كما قالت لنا تحتفظ بكل التسجيلات الصوتية التي تظهر كل ما حدث ووضعتها بتصرّف المحكمة.

الواضح ان ادارة المدرسة التي تُعَلّم فيها مها قد صَوّبَتْ سهام الظلم اليها كونها ناشطة في العمل النقابي وفي ثورة 17 تشرين فقررت صرفها في نهاية السنة، متذرعةً بأسباب واهية، وبدون سابق إنذار مما يعتبر خرقاً لقوانين العمل في لبنان.والظاهر أن مدير المدرسة لم يستطع الاتفاق مع مها، وثقافة مها، وعنفوان مها، ووطنية مها، وامومتها وخوفها على اولادها ومستقبلهم في بلد تحكمه سياسات حزبية واخرى طائفية.فاتهمها أيضاً، بتحريض التلاميذ على عدم الدراسة لأنها، في مواقفها عبر وسائل الإعلام أظهرت المشاكل التي تعترض التعليم عن بعد يومها.وعليه تم صرفها من عملها، تعسفاً، لتفقد مورد الرزق الأساسي للعائلة، وتصبح بلا عمل وبلا أمل بهكذا وطن.

وفي مواجهة قضائية مع المدرسة. إلا ان وجع مها الأكبر هو كيف ستدفع للمصرف السندات المستحقة؟ فمنذ آب الفائت توقفت عن الدفع.

وبطبيعة الحال كل المصارف اجلت الدفعات المستحقة لكل اللبنانيين المديونين لها ولم تتم المطالبة بها للآن.

طلب المصرف من مها الحضور لاعادة تجديد ملفها، ولدى سؤالها عن المبلغ المتبقي، فوجئت بأن المبلغ هو 95,720$!! فكيف يكون القرض برمته 85500 الف دولار وتم سداد المستحق منه لمدة ال 8 سنوات تقريباً، ويبقى للدفع ما يزيد عليه بحوالي ال10,000$ على مدى 11 سنة آتية؟؟ لم ينقص المبلغ بل على العكس!!فما كان يدفع من السندات ما هي الا فوائد متحركة! فكيف لمصرف ان ينفرد بتحديد فائدة دون الرجوع إلى الاشخاص المعنيين؟

مع العلم انه كان قد تم الاتفاق على تثبيت هذه الفائدة، الا ان المصرف لم يلتزم بذلك إلا لأول سنتين من البدء بسداد القرض… وللقصة تتمة.

بقلم ندي عبدالرزاق

Exit mobile version