المتعاقدون في التعليم الرسمي: إمّا حسم المطالب في الأول من كانون الأول أو الإضراب!

Share to:

الديار – يمنى المقداد

قدّم منسق “حراك المتعاقدين” حمزة منصور في بيانه، مبادرة تربوية وطنية لوزارة التربية، تقوم “على إعطاء فرصة لوزارة التربية ووزارة المال وحكومة تصريف الاعمال حتى الأول من كانون الاول فقط، لحسم نهائي لدفع الحوافز عن شهر تشرين الاول والثاني مع المنحة الاجتماعية، وإنهاء قرار إجراءات رفع أجر الساعة فورًا، وقبل آخر هذا الشهر على أساس 180 ألف ليرة للثانوي و100 ألف ليرة للأساسي، مع إضافة بدل النقل على رفع أجر الساعة (كما وعد وزير التربية في اللقاء الأخير الأربعاء)، وغير ذلك نحن لم نعد نستطيع الذهاب الى المدارس”.

يتابع البيان أنّه ومع “أن عدم الذهاب إلى المدارس يمنع أجر ساعة المتعاقد ولا يقبض أجره من دون عمل، لكن وصلنا إلى مرحلة الإفلاس لأننا لا نقبض كل شهر، ولا نقبض من دون عمل، ولم نقبض أي حوافز للآن تقوم بتغطية ولو بدلات التنقل إلى مراكز العمل”.

بيان يعكس واقعا مريرا يعانيه الأستاذ المتعاقد في المدراس الرسمية اللبنانية منذ سنوات طوال، والذي لم ينفك يوما عن المطالبة بتسوية أوضاعه على مستويات عديدة، لكن من دون آذان صاغية.

يشار في هذا الموضوع، إلى عدم وجود توافق أو إجماع سياسي بالأصل حول ملف الأساتذة المتعاقدين، فمنهم من يعتبر التعاقد بدعة ومنفعة شخصية وبالتالي أمرا باطلا، ومنهم من يراه حاجة وحقّا، خصوصا لمن خضع من الأساتذة لامتحانات أجرتها الجهات الرسمية المعنية كمجلس الخدمة المدنية وسواه، ونجحوا فيها.

هذا التباين في وجهات النظر حول ملف التعاقد، لا يلغي حقيقة المعاناة التي يتكبّدها هؤلاء، لينطبق عليهم المثل القائل: “لا معلّقة ولا مطلّقة”، فهم ليسوا ملاكا تنطبق عليهم زيادات القطاع العام وتقديماته، ولا متعاقدين شرعيين، إن صحّ الوصف، يحصلون على أبسط حقوقهم على الأقلّ.

آلاف المتعاقدين بلا حقوق

يضمّ التعليم الثانوي “المتعاقدين” و”المستعان بهم” و”الإجرائي”، بحدود 3 آلاف أستاذ في التعليم الثانوي، و 10 آلاف أستاذ تقريبا في الأساسي الذي يضم متعاقدين من غير حملة الإجازات، وفق ما أشار منسق حراك المتعاقدين الثانويين حمزة منصور لـ “الديار”، لافتا إلى أنّ جميعهم لديهم حقوقا، لكن المشكلة هو أنّهم إذا لم يعلّموا لا يقبضون رواتب مطلقا، وأنّ مطلبهم الموحد والأساسي اليوم هو رفع أجر الساعة وقبض الحوافز و بدل النقل.

وفي ما خصّ دور وزارة التربية و تواصل الأساتذة معها لحلّ المشكلة، لفت منصور إلى اجتماعهم مع وزير التربية الأسبوع الماضي، حيث جرى الاتفاق حول مجموعة من الأسس التي يستطيع من خلالها الأساتذة إكمال العام الدراسي، أهمّها الحوافز التي يستقدمها الوزير من الأمم على شكل هبات، وهي مبلغ الـ 90 دولارا الذي يقبضه المتعاقد شهريا، إضافة إلى بدل النقل، ورفع أجر الساعة، كاشفا أنّ الأساتذة لم يقبضوا بدل النقل منذ العام الماضي، كما لم يقبض قسم منهم الحوافز في أشهر معينة من ذلك العام.

المتعاقد يستدين للوصول الى مدرسته

لم تعد مطالب المتعاقدين اليوم تتجاوز حدود المستحقات المالية للعيش البسيط، بعد أن كانت سابقا تشمل التثبيت ولوازمه، وتقتصر وفق منصور على قبض بدل النقل عن العامين الماضي والحالي والحوافز القديمة، حيث أقرّت اليوم حوافز جديدة تبلغ 130 دولارا شهريا لكلّ متعاقد، كما لم يقبض الأساتذة خلال شهريّ تشرين الأول والثاني “أي ليرة” عل حد تعبيره، مضيفا: “طلبنا من وزير التربية في لقاء الأربعاء الماضي الإسراع بهذه المطالب كي يسير العام الدراسي بسلام، فالمتعاقد يستدين للشهر الثاني على التوالي للوصول الى مدرسته، وطلبنا هبة، فأجابنا الوزير بأنّ كلّ معلم متعاقد وملاك سيحصل على هبة بين 150 و200 دولار بأسرع وقت”.

الإيجابية الوحيدة هذا العام وفق منصور، أنّنا دخلنا لنعلّم وشجعنا الجميع وبدأنا بالتعليم، مشيرا إلى أنّ الأمور كانت جيدة، بناء على وعد الوزير بأن يكون هناك حقوق للمتعاقدين، لكن لم يحصل أي شيء حتى الآن.

لم يكن منصور سابقا من داعمي الإضراب، فالمتعاقد يخسر من هذا الإجراء، ولكن الوضع تغيّر اليوم، وحول هذا قال: انّنا ضدّ الإضراب بالمبدأ، لكن لدينا هواجسنا، فقد دخلنا الشهر الثاني من العام الدراسي وليس لدينا حوافز، كما لم يحسم رفع أجر الساعة، واضعا القرار بالإضراب في خانة الضغط على الدولة بأكملها، وليس فقط على وزارة التربية، فالوزير” لا يزال يعمل مشكورا”، لكن هناك ناس “مطنشة” كوزارة المالية وغيرها.

هبة أم قرض؟

تطرّق منصور لهاجس جديد يتعلّق بالحوافز، لافتا إلى أنّ الأخيرة كان يستقدمها الوزير من الخارج على شكل هبات و لاعلاقة لها بخزينة الدولة، كما العام الماضي، بحيث تبقى بحيّز وزارة التربية، وبالتالي يستطيع الوزير أن يصرف منها، فيما اليوم يشاع أنّ الحوافز هذه السنة عبارة عن “ديون” من قبل البنك الدولي والأمم، ما يعني أنّها ستدخل خزينة الدولة مباشرة تحت إشراف وزارة المالية، ولا شأن لوزارة التربية بها، كما أنّ القرض سيشمل كلّ الموظفين وليس فقط المعلمون، وهذه كارثة، فالأموال لن تكفي، عدا أنّ الأمر يتطلب قرارات وحكومة وروتينا إداريا يطول كثيرا، وهذا ما جعلنا “نشدّ الهمّة”.

وختم منصور، بدعوته الدولة والحكومة ورئاسة مجلس النواب الى أخذ الأمر بعين الأهمية والموضوعية، ومصلحة التعليم الرسمي والأساتذة، والإسراع بالحل أو تحويل القرض إلى منح للدفع لكافة المعلمين المتعاقدين والملاك، ودفع حوافز تشرين الأول والثاني ورفع أجر الساعة، بعدها يتّم العمل على رواتب الملاكـ ما يحلّ الأمور تدريجيا.

خلاصة القول، كخطوة بناءة وفعّالة، وجب إعداد دراسة شاملة لملف المتعاقدين، على قاعدة إصلاحية قوامها العدل والإنصاف، وليس الغبن والصرف التعسفي لمن ينظر لهم بعين العبء، ذلك أنّ الدولة اليوم أفلست، وتستجدي الهبات والقروض كي تدفع لهم مستحقاتهم، وهذا في عرف الاقتصاد المنهار جريمة، وفي عرف الأستاذ الذي كاد أن يكون رسولا ظلم وغبن، فاقتضى التذكير!

Exit mobile version