أنهى الفيفا (FIFA) الزواج مع شركة “إي إيه سبورتس” (EA Sports) المتخصصة في تطوير الألعاب بعد 30 عاما تربعت فيه اللعبة الأكثر الشعبية على الأرض والشاشات على صدارة ألعاب الفيديو، ولكن ما مصير هذه اللعبة بعد هذا الانفصال؟ ولمن سيترك الشريكان السابقان المستخدمين الذين تعلقوا بهذه اللعبة طوال هذه السنوات؟
تعد سلسلة لعبة فيفا من “إي إيه” واحدة من أشهر العلامات التجارية للألعاب على مستوى العالم، حيث يحقق فيفا ألتيمات تيم (FIFA Ultimate Team) المليارات لناشر اللعبة كل عام.
وقالت الشركة العام الماضي إن الفيفا باع أكثر من 325 مليون نسخة على مدار عقودها الثلاثة، وبحسب ما ورد فقد حققت مبيعات تزيد على 20 مليار دولار.
وبحسب ما ورد كان الفيفا يسعى للحصول على مليار دولار على مدار دورة جديدة مدتها 4 سنوات لتجديد ترخيصه للعبة كرة القدم الشهيرة، وهي رسوم تزيد كثيرًا على حصة “إي إيه” المطورة.
وقضى صانع الألعاب الأميركي، والاتحاد العالمي لكرة القدم، شهورًا في التفاوض بشأن اتفاقية الترخيص التي دعمت اللعبة منذ إصدارها الأول عام 1993.
لكنهم أكدوا الانقسام في مايو/أيار عندما قال الفيفا إنه سيبحث عن شركاء آخرين، وقالت “إي إيه” إنها ستعيد تسمية لعبتها باسم “إي إيه سبورتس إف سي” (EA Sports FC) اعتبارًا من العام المقبل.
وقال توم ويجمان من نيوزو (Newzoo) وهي شركة تحلل البيانات حول صناعة الألعاب “إن لعبة فيفا كانت ولا تزال واحدة من أكثر الامتيازات شعبية في جميع الألعاب”.
ويعتبر الانفصال محفوفًا بالمخاطر لكل من “إي إيه” وفيفا” مع عدم ضمان نجاح مشاريعهما الجديدة، ولكن ما هي مشاريعهم الجديدة بعد الانفصال؟ ومن هم الشركاء الجدد؟
الفيفا وكونامي علاقة جديدة أم شائعات؟
منذ الانفصال، قال الفيفا إنه سيطلق ألعاب فيديو جديدة لكرة القدم تم تطويرها مع استوديوهات وناشرين تابعين لجهات خارجية، مما يوفر المزيد من الخيارات لعشاق الكرة والألعاب، الفترة التي تسبق كأس العالم في قطر 2022 وكأس العالم للسيدات في أستراليا ونيوزيلندا 2023.
وبحسب بيان الفيفا هناك عدد من الألعاب الجديدة قيد الإنتاج بالفعل، وسيتم إطلاقها خلال الربع الثالث من هذا العام. الأول هو تجربة ألعاب مصممة خصيصًا لعرض أكبر حدث على وجه الأرض (كأس العالم في قطر 2022) والذي سيوفر تجارب تفاعلية جديدة للجماهير في جميع أنحاء العالم.
بعد هذا الكشف الأولي، سيطلق الفيفا المزيد من الألعاب والتجارب الافتراضية حول كأس العالم هذا العام. كما تجري مناقشة مشاريع إضافية مع الناشرين قبل كأس العالم للسيدات العام المقبل.
وقال رئيس الفيفا جياني إنفانتينيو “يمكنني أن أؤكد لك أن اللعبة الحقيقية الوحيدة التي تحمل اسم فيفا ستكون أفضل لعبة متاحة للاعبين ومشجعي كرة القدم. اسم فيفا هو العنوان العالمي الأصلي الوحيد. فيفا 23 وفيفا 24 وفيفا 25 وفيفا 26، وما إلى ذلك، الثابت هو اسم فيفا وسيبقى إلى الأبد ويبقى الأفضل”.
ومن الصعب أن نتخيل كيف يمكن أن ينافس الإصدار المتسرع للعبة فيفا 24 والذي تقول التقارير إن شركة كونامي (Konami) هي التي ستطوره من منافسة لعبة “إي إيه سبورتس إف سي” وتكمن الصعوبة في أن كونامي فشلت في منافسة عمالقة كرة القدم لعقود متتالية.
وقال ويجمان -من شركة تحليل البيانات- إن الفيفا قد يكافح لجذب شركاء محتملين بعد طلب مليار دولار.
“إي إيه” وحيدة ولكن قوية
تعتبر منافسة فيفا لخبرة شركة “إي إيه سبورتس” صعبة، فمن أجل الحصول على فرصة لتحدي “إي إيه” مع لعبة كرة قدم كاملة مقنعة، سيحتاج فيفا إلى الشراكة مع فريق من المطورين الموهوبين وذوي الخبرة، ولكن لم يعلن بعد عن وجود أي شخص مستعد لأخذ هذه المهمة.
لكن المحللين يقولون إن شركة “إي إيه” في وضع أقوى بعد أن أمضت 30 عامًا في تطوير وتسويق اللعبة.
وأعلنت “إي إيه” بالفعل أن نسختها الجديدة “إي إيه سبورتس إف سي” -وهي أول لعبة منفردة لكرة القدم بعد 29 عامًا مع فيفا- ستحتوي على أكثر من 30 بطولة وستضم ما لا يقل عن 19 ألف لاعب عبر أكثر من 700 فريق.
وستظل المسابقات المضمنة باللعبة مألوفة، حيث تم تأكيد وجود دوري أبطال أوروبا (UEFA) والدوريين الإنجليزي الممتاز والألماني، وهو لصالح اللعبة الجديدة.
كما ذكرت التقارير أنها ستبرم صفقة رعاية لمدة 5 سنوات لدوري الدرجة الأولى الإسباني العام المقبل، مقابل 30 إلى 40 مليون يورو سنويًا.
وقد بلغ حجم مبيعات “إي إيه” من الألعاب 5.6 مليارات دولار العام الماضي، مما يجعلها واحدة من أكبر صانعي الألعاب الذين لا يزالون خارج متناول العمالقة الأربعة: تنسينت (Tencent)، سوني (Sony)، مايكروسوفت (Microsoft)، نينتيندو (Nintendo).
ومع أن “إي إيه” ستفقد الحق في استخدام اسم فيفا ومسابقات مثل كأس العالم، فلا يزال بإمكانها استخدام أسماء اللاعبين والمسابقات غير التابعة للفيفا مثل الدوري الإنجليزي الممتاز، وهي ميزة رئيسية على منافسيها.
المستخدمون ضحايا أم كلمة السر؟
ربما يكون اللاعبون الأقل انزعاجًا من تداعيات انفصال الشريكين حيث إنهم يريدون فقط لعب أحدث إصدار من اللعبة.
ولكن ما لا يعرفه المستخدمون أنهم هم الثقل الذي سوف يرجح نجاح أحد الشريكين في مشاريعه المستقبلية، فهم في موقف مشابه تمامًا للذين يفكرون بين شراء “إكس بوكس سيريس إكس” (Xbox Series X) أو “بلاي ستيشن-5” (PlayStation 5) فلعبة كرة القدم التي يمتلكها أصدقاؤهم ستؤثر على اختيارهم بين الاستمرار في دعم “إي إيه” أو الانتقال إلى “فيفا 24”.
فقد اكتشفت شركة كونامي على مر السنين، وبعد محاولات لخطف الصدارة في مجال كرة القدم، أنه بمجرد أن تصبح اللعبة مرغوبة ومشهورة بين مجموعة من الأصدقاء، فإن جعل اللاعبين الآخرين يخالفون المجموعة مهمة صعبة للغاية.
هل يفعلها الفيفا كما فعلها مع السوبر ليغ؟
استطاع اتحاد العالم لكرة القدم وقف فكرة بطولة السوبرليغ الذي اقترحته عدة نواد كبيرة ليكون منافسا لبطولة أبطال أوروبا، وقُضي على التمرد والمنافسين الذين يحاولون اقتسام الكعكة مع فيفا.
ولكن هل تستطيع أن تقوم بذات العمل على الشاشات؟ هل يمكن أن تجد مطور ألعاب يقبل أن يدفع لها هذا المبلغ الضخم ليدخل في منافسة مع مطور له في السوق خبرة في مجال تطوير وتسويق اللعبة لعشرات السنين؟
أصبحت صناعة ألعاب الفيديو، التي تقدر قيمتها بنحو 300 مليار دولار سنويًا، عنيفة بشكل متزايد السنوات الأخيرة مع قيام أكبر الشركات بشراء العديد من منافسيها.
لذلك فالمبلغ الذي كان معروضا على الفيفا من قبل “إي إيه” تستطيع الشركة إعادة توجيهه الآن لتأمين تراخيص أخرى، مثل حقوق مع أندية نابولي وأتلانتا وروما ولاتسيو، كما أن يوفنتوس عاد مجددا إلى اللعبة، بعد توقف دام 3 سنوات، ولديها إيه سي ميلان وإنتر ميلان في الدوري الإيطالي.
كل هذا بالإضافة للدوري الإنجليزي والإسباني ودوري أبطال أوروبا، والمفقود من هذه المجموعة كأس العالم فقط، وهي بالتأكيد مهمة ولكنها ربما لا تكفي ليكسب الفيفا معركته على الشاشات.