فاكهة الكوموكوات، أو البرتقال الذهبي، ليست مجرد ثمرة صغيرة تُغري العين بلونها الزاهي وطعمها المتوازن بين الحلاوة والحموضة، بل هي رمزٌ لصمودٍ زراعيٍ في وجه الأزمات الاقتصادية التي تعصف بلبنان. هذه الفاكهة، التي تبدو وكأنها قطعة شمسٍ مُصغرة تُخبئ دفء الربيع، تُزهر في مناطق مختلفة من البلاد، حيث تفضل المناطق ذات المناخ المعتدل مثل الساحل اللبناني، وتنضج ثمارها عادةً في أواخر الخريف وحتى بداية الشتاء، مما يجعلها جسراً بين المواسم، رابطاً بين الفصول، تماماً كما هو حال لبنان، الذي ينحني أمام العواصف لكنه يظل ثابتاً.
داعمة للاقتصاد الوطني
يقول الخبير في المجال الزراعي يحيى لـ “الديار”: “يمكننا القول إن الكوموكوات، رغم صغر حجمها، تمثل حلقةً في سلسلة المقاومة الزراعية في لبنان، في بلدٍ يئن تحت وطأة الأزمات المالية والانهيارات الاقتصادية.ويشير الى زراعة هذه الفاكهة تُعتبر إحد الطرق لتعزيز الأمن الغذائي، وتصدير المنتجات الزراعية ذات القيمة العالية. هي كالاقتصاد اللبناني نفسه، صغيرٌ لكنه غنيٌ بالنكهات والإمكانات، ينتظر من يقدّر أهميته”.
ويضيف الخبير “إن تسميتها بـ “البرتقال الذهبي” ليست من قبيل المصادفة، فهي تعكس قيمتها العالية ليس فقط من حيث الطعم والعناصر الغذائية، بل أيضاً من حيث ارتباطها بالنظام الغذائي الصحي.وفي عالمٍ يبحث عن بدائل طبيعية لتحسين المناعة والوقاية من الأمراض، تأتي الكوموكوات كمصدر غني بالفيتامين “C”، والألياف، ومضادات الأكسدة، مما يجعلها ركناً في أنظمة التغذية الصحية”.
لهذا النوع في النظام الغذائي اللبناني… رمزية!
يجمع الخبراء على أن الكوموكوات هي انعكاسٌ لشخصية اللبناني المتأقلمة مع التحديات. فكما يُؤكل الكوموكوات بقشرته، دون فصلٍ بين المرارة والحلاوة، هكذا يعيش اللبناني حياته، يحتضن حلوها ومرها معاً. هي دعوةٌ غير مباشرة لإعادة التفكير في علاقتنا مع الطبيعة، والعودة إلى استهلاك ما هو محلي ومستدام بدلاً من الاعتماد على الاستيراد.
وإذا تأملنا أبعد من قشرتها اللامعة، نجد أنها تُذكّرنا بتناقضات لبنان. هي صغيرة الحجم، لكنها تُزهر بكثرة. هشة المظهر، لكنها تحمل في طيّاتها صلابةً في مواجهة الظروف. وكما يحتاج البلد إلى دعم القطاعات الإنتاجية الصغيرة للنهوض، تتطلب هذه الفاكهة اهتماما وعناية لتزدهر وتُصبح جزءاً لا يتجزأ من النسيج الزراعي اللبناني.انطلاقًا من كل ما تقدم، تعتبر زراعتها ليست مجرد نشاط زراعي، بل هي جزء من معركة الاستقلال الغذائي والاقتصادي. وكما تنضج الثمار على مهل تحت شمس الخريف، هكذا يُمكن للاقتصاد الزراعي أن ينضج إذا أُعطي الوقت والدعم اللازمين، ليصبح نقطة ضوءٍ في نفقٍ مظلم، تماماً كما تبدو هذه الثمرة وهي تلمع بين الأوراق الخضراء.
بعد انتشار مقاطع تتحدث عن قيمة الكومكوات… “الديار” تتقصى!
كما يحدث مع كل مرة يتم فيها تسليط الضوء على موضوعٍ ما، تحرص “الديار” على الغوص أعمق مما يُنشر على شبكات الإنترنت، فتسعى لتفكيك خيوط الحديث المشتعل في فضاء التواصل الاجتماعي. وفي قضية الكوموكوات، هذه الفاكهة التي وُصفت بـ “الإكسير الذهبي للتنحيف”، لم تكتفِ “الديار” بالوقوف عند حدود الكلام العابر، بل عمدت إلى مخاطبة أصحاب الاختصاص، كأنها بحّارٌ يطارد الحقيقة في محيط الشائعات.
ففي زمنٍ تُصاغ فيه الحقائق على مقاس المنشورات الرقمية، تُصرّ “الديار” على أن تكون كالعين الساهرة، تُميّز بين البريق الحقيقي والوهج المصطنع. من هنا، استندت إلى آراء اختصاصيين لفحص إذا كانت الكوموكوات، هذه الثمرة الصغيرة، تحمل في طيّاتها بالفعل مفتاح الرشاقة، أم أن الأمر لا يعدو كونه فقاعةً إعلامية أخرى تُحلق في فضاء الإنترنت سريع التغير.
رغم صغر حجمها… خصائصها عظيمة!
تقول الاختصاصية في مجال التغذية كاتيا قانصو لـ “الديار”: “فاكهة الكومكوات، المعروفة أيضا بـ “البرتقال الذهبي”، هي نوع صغير من الحمضيات تتميز بطعمها اللذيذ، وتُعد ذات قيمة غذائية عالية ولها العديد من المزايا الصحية، ومن أبرز فوائدها:
1- تعزيز جهاز المناعة: تحتوي الكوموكوات على نسبة عالية من فيتامين C ، مما يساعد في تعزيز المناعة وحماية الجسم من الأمراض والعدوى، كما أنه يساهم في تحسين صحة الأوعية الدموية، والغضاريف المختلفة في الجسم، وتسريع تعافي الجروح.
2- مصدر غني بمضادات الأكسدة: تحتوي على نسبة عالية من الألياف الغذائية التي يحتاجها الجسم بشكل عام والجهاز الهضمي بشكل خاص، وتشتمل على مركبات مثل (الفلافونويدات) و(الكاروتينات) التي تقلل الالتهابات وتقي الجسم من الأضرار الناتجة من الجذور الحرة.
3- دعم صحة الجهاز الهضمي: غنية بكمية جيدة من الألياف الغذائية، مما يساعد في تنشيط عملية الهضم، والوقاية من الإمساك، وتعزيز صحة الأمعاء.
4- الحفاظ على سلامة القلب: تساعد الألياف، ومضادات الأكسدة، والبوتاسيوم في الكوموكوات على تخفيض مستويات الكوليسترول الضار وتنظيم ضغط الدم، مما يعزز صحة القلب
.5- تقوية عافية البشرة: يعمل وجود فيتامين C ومضادات الأكسدة على اصلاح الجلد، والحفاظ على نضارته وحالته، وتقليل علامات الشيخوخة.
6- الوقاية من السمنة: تعتبر الكوموكوات خياراً مثالياً للأشخاص الذين يتبعون نظاما غذائيا صحياً، إذ تحتوي على سعرات حرارية منخفضة وتمنح إحساسا بالشبع.
7- توفير الطاقة الطبيعية: نظراً لاستحواذها على سكريات طبيعية، فهي تمد الجسم بالطاقة السريعة، ما يجعلها بديلاً مناسباً كوجبة خفيفة.
وتختم قانصو بالتنويه إلى أن “قشور الكومكوات بشكل خاص تمتلك مركبات كيميائية معينة، قد تلعب دورا في محاربة السمنة وبعض الأمراض التي قد تترافق معها. وتؤكد أن تناولها طازجة بقشرها يعد أفضل طريقة للاستفادة منها نظراً لمنافعها الكبيرة، كما يمكن استخدامها في تحضير المربى، العصائر، أو إضافتها إلى السلطات والحلويات”.