ملّ الشعب من وعود تأمين الكهرباء 24/24. فمنذ سنواتٍ وعقود وهو يأمل بزيادة ساعات التغذية، إلى أن وقع اليوم ضحية “كهرباء الدولة” وأصحاب المولّدات معاً، في ظلّ أزمةٍ شاملة غير مسبوقة تُحاصره من كلّ الجهات.
لماذا التركيز على سلف الكهرباء وعلى خططٍ من هنا وهناك، بدل الإتجاه إلى الطاقة الشمسيّة؟ يتساءل المدير العام السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون عبر موقع mtv. ويقول: “نصحنا أكثر من مرة بالخروج من طريقة التفكير المُتّبعة والذهاب نحو مُعالجات مرحليّة بالطاقة الشمسية، من خلال إجراء مناقصات الطاقة السريعة وبأقلّ كلفة”.
الحلّ واضحٌ والعبرة في التنفيذ. ويُشير بيضون إلى أنّ “تنفيذ خطط اعتماد الطاقة الشمسية ليس صعباً ولا يحتاج إلى عباقرة، بل يتطلّب الأمر النية الصافية بتخفيف العبء عن الناس والشّروع في اتباع خطة عمليّة بعيداً من الحسابات الضيّقة والمصالح الشخصيّة”.
ويشرح الطريقة التي يمكن اتباعها: “نحتاج أولاً إلى مموّلين محليين، لأنّ المموّل الخارجي غير مستعدّ لأن يُغامر في لبنان بأيّ دولار، في ظلّ الفوضى والهدر ووضع الكهرباء المعروف محليًّا ودوليًّا، و”القرش يلّي بفوت على كهرباء لبنان ما بيضهر”.
ويُضيف: “يمكن تسهيل أمور الناس العادية من خلال تشجيعهم على الطاقة الشمسية للإستخدام الشخصي أي تأمين الـ1 ونصف ميغاواط. ويتحقّق الأمر بالتحرّك نحو تكليف البلديات بالمُتابعة مع الحرص على تأمين الشروط اللازمة، بدل الدخول في متاهة المُتابعة من قبل الوزارة. فهذا من شأنه أن يُسهّل عمل المواطنين لتنفيذ مشاريع صغيرة تُفيدهم، خصوصاً وأنّ القانون يسمح بإنتاج الطاقة من دون ترخيض في هذه الحالة”.
أمّا بشأن المشاريع الكبيرة، فيقول بيضون: “في ما خصّ الطاقة الشمسية الكبيرة على مئات الميغاواط، هناك أراضٍ كثيرة تملكها الدولة خصوصاً في البقاع، يمكن الاستفادة منها وتأمين مموّلين لبنانيين من صناعيين وأصحاب مشاريع مستعدّين للتمويل، شرط توفير نوعٍ من الاستقالالية بالنشاط”. وهنا ينصح بـ”اعتماد لامركزية الإنتاج، لا سيما وأنّ المركز اللبناني لحفظ الطاقة أجرى مناقصة للطاقة الشمسية ولديه دفتر شروط”.
الإنتقال نحو الطاقة المتجدّدة يُعتبر الإستثمار الأفضل لأنّها تُنتج ضعف حاجة لبنان وبأسعارٍ مقبولة يمكن التحكّم بها في ظلّ الأزمة التي يمرّ بها البلد، فضلاً عن أنّها تشكّل مورداً ماليًّا مهمًّا وطويل الأمد لماليّة الدولة من خلال تأجير أراضيها ومشاعاتها.
وبالأرقام، بيّنت دراسة أنجزتها “الجمعية اللبنانية للطاقة المتجددة” بالتعاون مع “المجلس الوطني للبحوث العلمية” أنّ إجمالي الطاقة الشمسية الممكن إنتاجها في لبنان تصل إلى 28000 ميغاوات، منها 18 في المئة أي ما يُعادل 5000 ميغاوات من المشاعات والممتلكات العامة. وإجمالي الطاقة الهوائية الممكن إنتاجها تُقدّر بنحو 5000 ميغاوات منها 20 في المئة، أي ما يُعادل 1000 ميغاوات في المشاعات العامة.
هنا يُشدّد بيضون: “ما بدنا ننطر لا بنك دولي ولا دول وتفاهمات”، مشيراً إلى “إمكان أن تتبنّى الهيئة الناظمة دفتر شروط وتقرّر أن تضع أملاك الدولة بتصرّف مشاريع الطاقة الشمسيّة، مع إجراء مناقصة في إدارة المناقصات وهذا سيجذب الإستثمار”.
ويقول: “هدفنا اليوم تخفيف حدة الأزمة على الناس مع الإرتفاع المتزايد لأسعار النفط والمحروقات، وكلّما تأخّرنا في مشروع الحلّ المذكور كلّما تأخّرت فرصة النجاة”، لافتاً إلى “وجوب التفكير بطريقة مختلفة مبنيّة على الواقع الجديد. أضعنا العديد من الفرص وما زلنا، ولذلك لا بدّ من تغيير النهج المُعتمد لأنّه أثبت فشله خصوصاً وأنّ الظروف تغيّرت”.