القمة العربية في الجزائر.. الفشل يلازم النظام الرسمي العربي

Share to:

نضال العضايلة

كان من المقرر أن تنعقد القمة العربية شهر مارس 2022م، قبل أن تقترح الجزائر أن تعقد في يوم له رمزية بالنسبة لها وللعرب أيضًا، هذا اليوم هو 1 نوفمبر، تاريخ انطلاق الثورة الجزائرية عام 1954م، للتحرر من الاستعمار الفرنسي، وما كانت الثورة الجزائرية لتنجح لولا “لم شمل كل الجزائريين” تحت راية حزب جبهة التحرير الوطني، والأكثر من ذلك أن ذات الثورة حظيت بدعم عربي واسع رسميًا وشعبيًا، حتى أن المرأة العربية كانت تتبرع بخاتم الزواج لصالح الثورة.

ومن هذا المعطى اكتسى تاريخ عقد القمة العربية المرتقبة رمزيته، عسى أن يتجاوز العرب بعض خلافاتهم ويطلقوا من جديد مؤشرات عمل عربي مشترك وفعال.

تستند الجزائر في سعيها إلى “لم الشمل العربي” إلى أفضلية سياسية وأخرى تاريخية، فمن الناحية السياسية ترتبط بعلاقات ممتازة مع كل الدول العربية باستثناء المغرب التي قطعت علاقتها معها شهر أغسطس 2021م، ولم تتخذ الجزائر موقفًا منحازًا لأي طرف بسبب بعض الخلافات البينية العربية وكانت دائمًا تدعو للحوار لحل الخلافات، كما أنها لم تكن سببًا في بعض المآسي التي تعيشها بعض دول الربيع العربي، ثم إنها سعت بما استطاعت للعب دور دبلوماسي لصالح الأمن والاستقرار في المنطقة.

بعيداً عن الجزائر والتنظيم فإن مخرجات القمم العربية ومستوى التمثيل العربي لم يكن يوماً في مستوى الطموحات، خاصة ما تعلق بالقضية الفلسطينية.

عشرات التعليلات لفشل القمم العربية في جمع العرب وبث الوفاق بينهم بدل الفرقة والاختلاف، فمن قائل إن السبب هو الخارج المتربص بالعرب وثرواتهم والخائف من إمكاناتهم فيعمل على التحريش بينهم، وآخر يرى أن مصالح الأنظمة العربية الضيقة هي بيت الداء، فكل منها يكيد للآخر أملا في اتساع سلطانه ونفوذه على من يجاوره، وهناك من يقول غير ذلك من التعليلات التي تكاد لا تحصر.

من عوامل فشل القمم العربية أزمة الثقة وغياب النضج السياسي وإيجاد تسوية للخلافات والبحث عن رفع الأسهم السياسية وتلميع الصورة لدى الدول الغربية وهو ما لا يعكس أمال الشعوب وتطلعاتها فالقواسم المشتركة بين الدول العربية تجعل من الوفاق العربي ضرورة حتمية تتطلبها المرحلة في ظل التكتلات المتسارعة التي يشهدها العالم.منذ مؤتمر أنشاص عام 1945 تميز الرؤساء العرب بغياب الشرعية الشعبية الحقيقية لأنظمتهم وعدم انبثاقها من رغبة الشعب وإرادته، وفي كل القدم كان حضورهم بدون اقتناع بأهداف المؤتمر، وضعف الثقة فيما بينهم، ورغم إدعاء بعضهم لمرجعيات ثقافية كالإسلام والاشتراكية والديمقراطية والعبثية فلم يكن لهم التزام أخلاقي بهذه الإدعاءات يعملون به، ويحاسبون عليه.

القمة العربية في الجزائر تأتي في وقت بلغ التحدي فيه مداه، وهي قمة ليست كسائر القمم التي سبقتها، ينتظر منها أن تخرج بقرارات، سواء على المستوى العربي أو بمواجهة الأخطار والتحديات المستجدة أخيراً، ولا سيما بعد الاعتراف الأمريكي بسيطرة إسرائيل على كل من القدس الشرقية، فضلاً عن أهمية الخروج بموقف عربي قوي من التدخلات والتهديدات الإيرانية في دول المنطقة.

الشعوب العربية لا تعلق أمالاً كبيرة على مثل هذه القمم بسبب فشلها المتكرر في حل الأزمات التي تواجهها الدول العربية، ومؤتمرات القمة العربية لا تثير اهتمام أي عربي من المحيط إلى الخليج، وهذا موقف مزمن لم يستجدّ بسبب الارتباك العربي في التفاعل جماعياً مع الانتفاضات الشعبية بدءاً من العام 2011 ولا بسبب العجز عن حلِّ أي من الأزمات التي تحوّلت إلى حروب أهلية.

قمة الجزائر عابرة وبروتوكلية كغيرها من القمم، فالفشل والخيانة والعجز والتواطؤ والخنوع، أمراض تنخر في أجساد الحكام الذين تحولوا الى مطايا لأمريكا، وحلفاء لإسرائيل، لا يمتلكون الجرأة الكافية لرفض سياسات القوى العربية والدولية المستمرة في تدمير الساحات العربية.

القمة العربية ستفشل قطعاً، ولن يكون منها رجاء ولا انعطافات في المسيرة، بسبب حالة التيه التي تسيطر على العرب الذين يبدون اليوم بلا قضية واحدة وبلا قيادة جامعة وبلا مشروع عربي واحد يجمع الطاقات ويجابه التحديات، لكن ما يخفف ألم ذلك أن الشعوب غير مهتمة ولن يصيبها إحباط آخر من خراب مؤسسة القمة.

والمفارقة، ان الجزائر التي تستضيف قمة عربية لجمع شمل العرب، قطعت علاقاتها مع ‎المغرب في أغسطس الماضي وعدائها لوحدته الترابية على خلفية النزاع في الصحراء المغربية، فعن اي قمة تتحدثون؟، وعن اي توافق تتكلمون؟.

Exit mobile version