القـ.ـذائف الفوسفوريّة التي تستخدمها “إسرائيل” لا تقتل المدنيين فقط بل تحرق “الأخضر واليابس”!

Share to:

الديار – ندى عبد الرزاق

مما لا شك فيه ان عملية “طوفان الأقصى” بيّنت القدرة العسكرية لكتائب القسام الجناح العسكري التابع لحركة حماس بعد ان استخدمت أسلحة متقدمة مثل الطائرات المسيرة والطائرات الشراعية؛ واللافت أيضا انها قامت بتغيير استراتيجيتها الهجومية وحتى الدفاعية منطلقة من خطط عسكرية تكتيكية ذكية، فاجأت بها دول العالم اجمع. على مقلب آخر، كانت أسمت “إسرائيل” هذه العملية او المعركة بعملية السيوف الحديدية واستعملت أسلحة أكثر فتكا وتدميرا مثل القنابل الذكية التي تسمى “جدام” و “القذائف الفوسفورية” الحارقة التي تقصف بها المدنيين وقد اعترفت إسرائيل مؤخرا انها قصفت غزة بـ 6000 قنبلة من الذخيرة.

والقذائف الفوسفورية التي تحتوي على مادة الفوسفور الأبيض، هي مادة سامة بشكل خاص عند اشتعالها، وتسبب اضرارا كبيرة على الانسان والبيئة. الا ان الضرر يعتمد على مجموعة عوامل مثل كمية الفوسفور المستخدمة والمسافة من مكان الانفجار. استخدام هذا النوع من الأسلحة يطرح تساؤلات كثيرة تربك اذهان المواطنين عن مدى تأثيرها واضرارها كونها تحدث إصابات خطرة وطويلة الامد.

الأسلحة المحرمة دوليا!

في هذا الخصوص، شرحت البروفيسور جومانة طفيلي رئيسة مختبر الدراسات التطبيقية للتنمية المستدامة والطاقة المتجددة في الجامعة اللبنانية لـ “الديار” عن الأسلحة الفتاكة قائلة: “استخدمت منذ آلاف السنين ولم يتم إبرام اتفاقيات دولية حتى القرن التاسع عشر حيث تم تحريم بعض الأسلحة في الحروب حول العالم؛ وتم الاتفاق على إبرام اتفاقيات منع استخدام بعض الأنواع التي تؤدي إلى الموت المحتوم الا ان معظم الدول لم توقع عليها”.

وتابعت موضحة، “أن الأسلحة المحرمة دولياً تشمل النووية والكيميائية والبيولوجية وأنواعاً أخرى من الأسلحة التقليدية ولعل السبب الرئيسي لتحريمها هو تجاوزها كونها مجرد سلاح حربي يستخدم ضد جيوش الأعداء إلى سلاح أعمى يقتل الجنود والمدنيين على حد سواء؛ بل ويصل تأثيره إلى الجنود الذين يستخدمونه وهذا أدى الى ارتفاع حالات إصابة جنود الجيش الأميركي بالأمراض السرطانية بعد حرب العراق وما رافقها من استخدام لأسلحة محرمة دولياً وبالأخص اليورانيوم المنضّب الذي يعتبر دليلا حيا على ذلك”. ووفقا لطفيلي، يستند إبْطال بعض الأسلحة دولياً إلى المعايير التالية:

أسلحة تجعل الموت حتمياً

الأسلحة التي تسبب أمراضاً دائمة

الأسلحة التي تتسبب بقتل جماعي سواء للجنود أو للمدنيين

الأسلحة التي تسبب أضراراً واسعة النطاق وطويلة الأمد وشديدة الفتك بالإنسان والبيئة الطبيعية.

واستكملت، “بناءً على هذه المعايير الأربعة، تم ايقاف عدد من الأسلحة المحددة صراحة بموجب الاتفاقيات الدولية. وتشمل اتفاقية الأسلحة البيولوجية لعام 1972، واتفاقية الأسلحة التقليدية لعام 1980، واتفاقية أوتاوا لعام 1997 بشأن الألغام الأرضية المضادة للأفراد؛ وأيضاً تشمل اتفاقيات الأسلحة على سبيل المثال لا الحصر، اتفاقيات جنيف لعامي 1925 و1949، واتفاقية عام 1979، واتفاقية الأسلحة الكيميائية لعام 1993، ومعاهدة أوتاوا لعام 1997، واتفاقية الذخائر العنقودية لعام 2008. وبحسب تلك الاتفاقيات يمكن محاكمة من يقوم بمخالفتها في المحاكم الوطنية، أو أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. ومع ذلك هناك العديد من الانتهاكات، التي تقوم بها بعض الدول مثل إسرائيل في فلسطين ولبنان والولايات المتحدة الأميركية في العراق علماً أن اغلبية الدول لم توقع على جميع الاتفاقيات”.

الاضرار تفوق الوصف والخيال!

في شأن متصل، بينت طفيلي: “إن البروتوكول الثالث بشأن حظر أو تقييد استخدام الأسلحة الحارقة يحرِّم جعل السكان المدنيين هدفاً للهجوم بأي سلاح أو ذخيرة مصممة أساساً لإشعال النار في الأهداف أو التسبب في إصابة الأشخاص بالحرق من خلال تأثير اللهب أو الحرارة أو المزيج منهما الناتج عن تفاعل كيميائي لمادة يتم القاؤها على الهدف”. لافتة الى، “ان “قنابل الفوسفور الأبيض” سلاح يعمل عبر اختلاط الفوسفور فيه مع الأوكسجين، والفوسفور الأبيض عبارة عن مادة تتفاعل مع الأوكسجين بسرعة كبيرة منتجة ناراً ودخاناً أبيضاً كثيفا”.

ماذا يفعل هذا النوع من الأسلحة بالإنسان والنبات والحيوان؟

في هذا الصدد، قالت: “يسبب الفوسفور حروقا في جسد الإنسان لدرجة أنها قد تصل إلى العظام، كما أنه يترسب في التربة أو في قاع الأنهار والبحار، ما يؤدي إلى تلوثها الذي يؤثر سلبا على الإنسان؛ وفي الوقت نفسه يضر بالدورة البيولوجية للكائنات الحية وغير الحية. حتى ان دخان هذه القذيفة الفوسفورية يصيب الأشخاص المتواجدين في المنطقة بحروق لاذعة في الوجه والعينين والشفتين.” مشيرة، “الى ان أميركا في حرب فيتنام قامت باستخدام قنابل الهاون وبعض الصواريخ التي تحتوي على الفوسفور الأبيض. واستخدمت القنابل الفوسفورية في مدينة الفلوجة العراقية عام 2004”.

واضافت، “في عام 2009 أوردت جريدة التايمز البريطانية في تقرير لها أن الجيش الإسرائيلي استخدم القذائف الفوسفورية في حربه على غزة، واستشهدت الصحيفة بدلائل عبارة عن صور فوتوغرافية رغم نفي إسرائيل لذلك. وقالت الصحيفة: “أنها رصدت كميات كبيرة من قنابل الفوسفور الأبيض، عبر الصور التي التقطت لوحدات الجيش الإسرائيلي على الحدود مع غزة. وقال التقرير إن المدنيين الفلسطينيين عانوا من حروق ناتجة عن استخدام الأسلحة؛ مع العلم ان القانون الدولي يمنع استخدام القنابل المصنوعة من الفوسفور الأبيض ضد المدنيين، الا ان العدو الإسرائيلي يستعمله اليوم في قطاع غزة”.

الأضرار تنتقل عبر الهواء إلى الدول المحيطة!

وضّحت طفيلي قائلة، “من المستبعد أن يمتد تأثير القنابل الفوسفورية إلى عشرات الكيلومترات إلا ان حدث تلوث بمياه الأنهار والأمطار والمياه الجوفية، علما أن المياه تقلل من قوة تأثير هذه المواد الفوسفورية الخطرة. وتتميز القنابل الفوسفورية بشدة نشاطها كيميائيًا وسرعة تفاعلها مع الغلاف الجوي. حيث أن الفوسفور الأبيض بمجرد ملامسته للهواء يشتعل ويتأكسد بشكل سريع جدًا وينتج عنه خامس أكسيد الفوسفور. كما ان هذه القنابل عند انفجارها تولّد حرارة عالية جدًا يصل تأثير شدتها إلى انفجار عنصر الفوسفور، ليصنع لهباً كبيراً حارقًا يؤجج كل ما يلامسه من بشر أو شجر أو حتى تربة، ويُحدث دخاناً أبيض اللون كثيفًا سامًا يقتل نسبة كبيرة ممن يستنشقونه لفترة طويلة؛ سواء من البشر، أو الحيوانات، أو حتى الكائنات العضوية، وقد يتسبب فيما بعد بكارثة بيئية لا تحمد عقباها”.

واردفت: ” الجدير ذكره أنه في حال تعرض منطقة ما للتلطخ بتفاعلات هذه القنابل (الفوسفور الابيض) فإن ذلك يؤثر على عناصر البيئة كافةً من ماء وهواء أو حتى تربة وكائنات بشرية وعضوية، بل ويصل تأثيرها لكل كائن حي في المنطقة المستهدفة. حيث أن الآثار المباشرة على البشر تتركز في التسبب بحروق من الدرجة الثانية والثالثة وأمراض جلدية عديدة، وأمراض ترتبط بالجهازين التنفسي والعصبي، واضرار بالغة في الكبد والقلب والكلى”.

وختمت قائلة، “غزة التي تعرضت لكميات كبيرة من هذه القنابل بقيت لفترة طويلة وما زالت تعاني بيئتها وتربتها من آثارها. حيث صاحَب استخدام هذه القنابل مخاطر عديدة على التنوع الحيوي، وتدمير النظام البيئي الطبيعي من حيوانات ونباتات، وتلويث المنتوجات الزراعية التي يتم فيما بعد تناولها عن طريق السلسلة الغذائية”.

واشارت، “الى ان النشاط الزراعي توقف لفترة طويلة في الأراضي التي تسممت بالفوسفور الأبيض الذي حرق ايضاً كافة الأشجار المزروعة في هذه المناطق، ناهيك عن آلاف الحيوانات التي قُتلت وحرقت نتيجة هذه القنابل. إضافة إلى ذلك فإن استخدام هذه القنابل على غزة في فصل الشتاء، كان سببا في تسرب الفوسفور الابيض المتبقي على سطح التربة إلى أعماق مختلفة تحت الطبقة الزراعية للتربة، ومن ثم إلى المياه الجوفية والبحار، مما أدى الى تسمم مصادر المياه الجوفية وتسمم الأسماك”.

Exit mobile version