في السابق كان الدخول الى القطاع العام بمثابة امتياز، لكن بعد الأزمة الاقتصادية والمالية التي يمر بها لبنان باتت أوضاع موظفي القطاع العام يُرثى لها، وهذا ما انعكس سلباً على سير العمل في الادارات العامة بدليل انّ غالبيتها يفتح ابوابه يومين او ثلاثة في الاسبوع. ورغم ان الدولة أقرّت إعطاء مساعدات اجتماعية للقطاع العام، الا انّ التضخّم وارتفاع كلفة النقل وتآكل الاجور بالمرصاد.
شرح ممثّل رابطة موظفي الادارة العامة لدى الحكومة حسن وهبي لـ»الجمهورية» انه رغم كل المساعدات التي حُكي عنها الا ان موظفي القطاع العام قبضوا حتى اليوم دفعتين من المساعدات عن شهري تشرين الثاني وكانون الاول التي سبق ووعد رئيس الحكومة انها ستُعطى لهم كعيدية قبل أعياد الميلاد ورأس السنة.
ولاحقاً، أقرّت مساعدة اجتماعية لموظفي القطاع العام وصدرت في الجريدة الرسمية ستظل سارية المفعول الى حين إقرار الموازنة، وهي عبارة عن نصف راتب اضافي على ان يكون حدّها الأدنى مليون ونصف مليون ليرة وحدّها الاقصى 3 ملايين. وتشترط الحكومة على الموظف ليتمكّن من الاستفادة منها ان يداوم 3 ايام في الاسبوع. على ان يحصل بعد اقرار الموزانة على راتب كامل اضافي على راتبه الاصلي بمعنى انّ من يقبض اليوم مليون ليرة يصبح راتبه بعد اقرار الموازنة مليوني ليرة.
لكن التحدي اليوم يكمن في قدرة الحكومة على تأمين الاموال لدفع هذه المساعدات بدليل اننا حتى اليوم لم نقبض المساعدة الموعودة عن اشهر كانون الثاني وشباط وآذار وقد دخلنا شهر نيسان، والتحدي الثاني يقف عند الموظف غير القادر على سحب راتبه كاملا من المصرف نقدا. وبحسب وهبي، إن المساعدة الاجتماعية التي أقرت مؤخرا باتت نقمة على الموظف لأن غالبية المصارف لم تلتزم بتعميم مصرف لبنان الذي شدّد على أن لا سقوف لقبض الراتب بينما الغالبية لا تزال تفرض اعطاء المساعدة بواسطة البطاقات المصرفية التي لا يجد الموظف مكاناً لصرفها، كما لا يمكن حصر استعمالها جزئياً في السوبرماركت في حين انه بحاجة لاستعمالها في الصيدليات وعلى محطات المحروقات.
الى ذلك، تخوض رابطة موظفي الدولة تحدي بدل النقل الذي ما عاد يساوي شيئا مع الارتفاع المتزايد والمتواصل في اسعار المحروقات. وفي السياق، قال وهبي: «طلبنا من رئيس الحكومة تحديد بدل تعرفة نقل عادلة للموظفين باعتماد تسعيرة لليترات البنزين، إذ ريثما يتمّ تثبيت واقرار بدل النقل للموظفين تكون اسعار المحروقات قد ارتفعت مجددا. مثلاً، عندما كان بدل النقل 8000 ليرة طالبنا برفعه تماشياً مع ارتفاع اسعار المحروقات، وافقوا على رفع بدل النقل الى 24 الفاً لكن خلال الوقت الذي استغرقه اقرار المرسوم قفزَ سعر صفيحة البنزين من 50 الفا الى 250 الفا، ولاحقا ريثما أقرّ رفع بدل النقل من 24 الفا الى 64 الفا كان سعر الصفيحة قد اقترب من 500 الف ليرة. انطلاقا من ذلك، طرحت الرابطة تثبيت حق للموظف بأن يحصل على ما قيمته ثمن 10 ليترات بنزين يوميا اياً كان سعر الصفيحة، الا ان هذا الاقتراح لم يلق تجاوبا من المعنيين على اعتبار ان الحكومة تحجز اعتمادات مسبقة سنوية لبدلات النقل لذا لا يمكن على سبيل المثال حجز مليار ليرة كلفة بدل نقل لموظفي القطاع العام، ومع اعتماد سلّم متحرك للتسعير تتخطى كلفة النقل المبلغ المحجوز، لذا سقط هذا الاقتراح.
ثم عادت الرابطة واقترحت إعطاء بونات بنزين على غرار ما يحصل مع القوى الامنية كذلك لم يتم التوصل الى اي تفاهم حول هذه النقطة. ورأت الحكومة انه لا يمكن الاتفاق على بدل النقل سوى بتثبيت التعرفة. الا انّ هذا الاقتراح يبدو غير عادل مطلقاً لأنّ الموظفين الذين يسكنون قرب العمل ويقصدونه سيراً على الاقدام يقبضون نفس قيمة البدل الذي يحق لمَن يبعد مكان سكنهم عن مركز عملهم كثيرا، لذا تعمل الرابطة على اقرار مشروع يقضي بتحديد بدل نقل لمن يقع مكان عملهم ضمن مساحة 10 كلم عن مكان سكنهم على ان تختلف تسعيرة بدل النقل للموظفين الذين يبعد مكان سكنهم عن مركز عملهم أكثر من 10 كلم. ورغم انّ الرابطة أبدت استعدادها لإعداد دراسة عن هذا الموضوع، الا انها لم تلق تجاوباً على هذا الاقتراح. وهناك اصرار على الاستمرار باعتماد بدل النقل الصادر في مرسوم والمحدّد بـ 64 الفا والتي حتى الساعة لم تتوفر لها الاعتمادات».
وعمّا اذا كان هناك اتجاه للتحرّك والاعتصام، قال وهبي: كنّا ولا نزال نقوم بتحركات متنقلة في المناطق لأن الموظف لا يملك ثمن البنزين للتوجه الى العاصمة وتنفيذ اعتصام مركزي، عدا ذلك نحن في اضراب مستمر منذ 5 اشهر، نداوم يوما او اثنين في الاسبوع فقط، الا انّ المساعدة التي أقرّت للقطاع العام أتت مشروطة بالحضور 3 ايام في الاسبوع على الأقل.