الفيصلي والوحدات الأرق الذي يلازم الشارع الأردني

Share to:

نضال العضايلة

شهدت الساحة الكروية الأردنية العديد من المواقف السلبية خلال الأيام الثلاثة الماضية، اذ شهدت مدينة الملك عبدالله الثاني الرياضية شرق العاصمة الأردنية عمان، احداثاً تسببت فيها جماهير نادي الوحدات الأردني، عندما أحدثت أعمال شغب تلت مباراة الوحدات مع الحسين إربد في الإسبوع التاسع عشر من دوري المحترفين الأردني، والتي خسرها الوحدات، تلا ذلك قيام عناصر من جمهور الوحدات بمهاجمة حافلة لاعبي النادي الفيصلي عقب خروجها من لقاء الفيصلي والرمثا والتي إنتهت بانفراد الفيصلي بصدارة الدوري.

أي لقاء بين الفيصلي والوحدات يرفع حالة الاستنفار في البلد إلى أقصى درجة، مع ما يكلف هذا الاستنفار من مال وجهد وحرق أعصاب ومخاطر لا يعلمها إلا من يعرف ما يعاني الجهاز الأمني في أوقات اللقاء الكروي.

بالنسبة لنا ثمة خصوصية يتعين علينا ألاّ نغفلها، فالفيصلي والوحدات لهما بعدان رمزيان تستفزان فتنة نائمة، بل ربما يتخذهما البعض ذريعة للتنفيس عن أمراض وأحقاد دفينة لسنا بحاجتها أبدا، بل إنها تستدعي ثارات جاهلية ومشاعر منتنة.

قبل أي خطوة يتعين على الجهاز الأمني تحديد المسؤولية عما حصل أخيرا عقب المباراة الأخيرة بين الوحدات والحسين إربد، ومعاقبة المتسببين بما جرى، لأن دمل الجرح بلا تنظيف وتعقيم له مضاعفات صحية خطيرة، وحتى ذلك الحين يلزمنا إحساس عال بالمسؤولية فلا نعمد إلى التحريض وإشعال النيران، بل تهدئة النفوس وإشاعة روح التسامح والأخوة.

المواجهات الكروية بين قطبي الكرة الأردنية الفيصلي والوحدات عادة ما تثير الجدل في المملكة، وسط تعاظم المخاوف من تأثير تلك المواجهات وما يتخللها من سجالات، على الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي للبلد.

جهاز الأمن العام الأردنية وبموجب قانون الجرائم الإلكترونية أوقفت شخصين أُعتبرا من بين المحرضين على الكراهية وهي صيغة تُستخدم لأوّل مرّة في بيانات توقيف الأشخاص المرتبطة حصريا بمنصات التواصل الاجتماعي.

وعادت مسألة وحيّز الاستقطاب بوضوح على المستوى الرياضي الأردني العام بسبب صدارة الفيصلي لبطولة الدوري وعادت مظاهر الشغب في الملاعب والتشنّجات والاستقطابات الحادّة التي غالبا ما تُقلق مؤسسات الدولة الأمنية الأردنية وتُحوّل مباريات فريقيّ الوحدات والفيصلي إلى مواجهةٍ ساخنة قد تحصل فيها أحداث أمنية أو حالات اعتداء أو حتى هتافات تُسيء للوحدة الوطنية.

وأكاد ان اتيقن ان مباراة الفريقين التي ستقام يوم الجمعة القادم، في ربع نهائي مسابقة كأس الأردن، ستشهد أحداثاً مؤسفة لا تريد لها ان تحدث، فلن يقف مشجعي الفريقين عن الهتافات المسيئة البعيدة تماماً عن الرياضة، والتي تمس مقدسات وثوابت وطنية، الأمر الذي سيثير حالة من الاستياء والقلق في ذات الوقت.

كل العبارات التي تخرج من فئة مندسة بين جمهور كرة القدم تمس وحدتنا الوطنية، وشجب الهتافات العنصرية والمثيرة للنعرات الإقليمية يجب ان يكون حاضراً بقوة، وعلى الجهات المختصة ان تتخذ أشد العقوبات بحق كل من يخرج عن إطار الوحدة الوطنية من جماهير كل الأندية.

امس أكد نادي الوحدات، عبر صفحته الموثقة، على الروح الرياضية والعلاقات التي تربط الفريق بغريمه التقليدي وشقيقه النادي الفيصلي، وهو بذلك يؤكد كنادي التزامه بمعايير الإخوة التي تربطه بالفيصلي، ولكن، ماذا عن جماهيره التي تشير صفحاته على وسائل التواصل الاجتماعي ان مباراة الفريقين القادمة لن تشذ عن القاعدة في ظل حالة الاحتقان الشديد بين جماهير الفريقين، وهو احتقان يخرج عن إطار التنافس الرياضي بينهما، ويتجاوز ذلك إلى ما هو أبعد، الأمر الذي يتطلب وجود معالجات جادة تضع حداً لحالة الاستقطاب والفئوية التي تحكم العلاقة بين فريقين يشكّلان العمود الفقري للمنتخبات الأردنية.

كل ما نريده ان تخرج المباراة والتي سيتبعها مباراة أخرى في إطار دوري المحترفين بعد إسبوعين فقط من لعب مباراة الكأس، ان تخرج هذه المباراة بلا أية متاعب سواء للفريقين او للأجهزة الأمنية التي تتحمل العبء الأكبر عندما يلعب الفريقان.

كثيراً ما ترفع جماهير الوحدات شعارات، تحاول من خلالها ان تنكأ جراحات الماضي، لا بل هي شعارات استفزازية، في سبيل إثارة جماهير الفيصلي واخراجهم عن طورهم، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض لاعبي الوحدات المستفزين والذين يواجهون مشاكلهم مع ناديهم باستفزاز جماهير الأندية الأخرى، وهنا تكمن الكارثة، فأن ترفع علم غير علم دولتك في المدرجات استفزاز بحد ذاته، وان تهتف لدولة غير دولتك أيضاً استفزاز آخر، فأنت تعيش في دولة لها مؤسساتها ولها علمها ولها نشيدها الوطني، فبأي حق تتناسى كل ذلك في سبيل إثارة جماهير خصمك.

واخيراً، بيت الشعر ليس تهمة، والمخيم ليس تهمة، وما يهمنا هو الأردن بكل اطيافه، الأردن بمنابته المعروفة واصوله الراسخة، علينا ان نترفع عن كل ما يسيء للوطن وان ندفن الفتنة قبل حدوثها، مع أمنيات التوفيق للفيصلي في مباراته مع شقيقه الوحدات.

Exit mobile version