بعد تطيير الانتخابات البلدية والإختيارية في مجلس النوّاب، والتمديد للمجالس البلدية والاختيارية لمدّة أقصاها سنة تنتهي في 31 نيسان من العام المقبل، ستكون الكرة قريباً في ملعب المجلس الدستوري. فثمّة طعون عديدة ستُقدّم أمام هذا المجلس، بهدف إبطال القانون الذي صدر أخيراً عن مجلس النوّاب ضمن مهلة 15 يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، ويُنتظر أن يُنشر فيها الأسبوع المقبل، على ما يُفترض… غير أنّه لا يزال هناك عقبة تتعلّق بمَن سيوقّع مكان رئيس الجمهورية على هذا القانون قبل أن يُصار الى نشره. فما هو المخرج الذي سيُعتمد، وماذا عن الطعون التي يجري تحضيرها في هذا الإطار؟!
مصادر سياسية مطّلعة أوضحت أنّ المادة 19 من أحكام الدستور تنصّ على أنّه يعود حقّ مراجعة المجلس الدستوري فيما يتعلّق بمراقبة دستورية القوانين الى كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النوّاب ورئيس مجلس الوزراء أو الى عشرة أعضاء من مجلس النوّاب، والى رؤساء الطوائف المعترف بها قانوناً، في ما يتعلّق حصراً بالأحوال الشخصية وحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية. وهذا يعني أنّه باستطاعة أي من هذه الجهات المعنية تقديم الطعن في قانون التمديد ضمن مهلة 15 يوماً تلي تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية.
وإذ تتحضّر جهات سياسية عديدة لتقديم مراجعة الطعن في القانون الذي صدر أخيراً عن مجلس النوّاب في ما يتعلّق بالتمديد للمجالس البلدية والاختيارية لمدّة أقصاها سنة تنتهي في 31 نيسان 2024، منها «القوّات اللبنانية» والنوّاب «التغييريون» وسواهم، تنتظر في الوقت نفسه أن يصدر في الجريدة الرسمية، لكي تتصرّف ضمن المهلة المحدّدة. كما لا بدّ من حلّ العقبة المتمثّلة بمَن سيُوقّع على القانون عن رئيس الجمهورية أولاً قبل إصداره…
وعملاً بأحكام المادة 54 من الدستور، تقول المصادر نفسها، بأنّ من يوقّع عادة على مرسوم إصدار القوانين هو رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة. ولكن نجد اليوم توقيعين لرئيس الحكومة، فمن يوقّع إذاً عن رئيس الجمهورية، تُجيب المصادر بأنه سبق لمجلس شورى الدولة أن اتخذ قرارات عديدة في هذا السياق في العام 1996 نصّت على أنّه من يوقّع عن مجلس الوزراء بدلاً من رئيس الجمهورية هو رئيس الحكومة عن مجلس الوزراء، إذا كانت الحكومة كاملة الصلاحيات أو مستقيلة. ولكن مَن يوقّع مكان رئيس الجمهورية الشاغر موقعه اليوم، فبحسب القانون تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء، وعليه فإنّ مَن يُمثّل مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة.
وبناء عليه، أكّدت أنّ مرسوم إصدار قانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية سيصدر بتوقيع رئيس الحكومة عن شخصه، وعن رئيس الجمهورية بتوقيع رئيس الحكومة عن مجلس الوزراء. فبعد اتخاذ مجلس الوزراء أي قرار هناك من يوقّع عنه، وهو رئيس الحكومة. لهذا تصدر المراسيم اليوم مع توقيعين لرئيس الحكومة، أحدهما عنه شخصياً، والثاني نيابة عن مجلس الوزراء الذي يتولّى وكالة صلاحيات رئيس الجمهورية.
أمّا بعد تقديم الطعون في قانون التمديد، إذ تتوقّع المصادر أن يكون هناك أكثر من طعن، فسيكون على المجلس الدستوري ضمّ هذه الطعون كونها تتعلّق بالقانون نفسه، ليُصار الى البتّ بها بالجملة، ومن ثمّ إصدار قرار واحد بشأنها، إمّا بالقبول أو بالرفض. وفور وصول الطعون أمام المجلس الدستوري، عليه أن يلتئم من أجل القيام بأمور عديدة:
- أولا: البتّ بموضوع وقف نفاذ القانون المطعون فيه أم لا.
- ثانيا: من أجل توزيع نسخ عن الطعون على أعضاء المجلس.
- ثالثاً: من أجل تعيين مقرّر منهم يتمّ تكليفه يضع تقريراً ضمن مهلة محدّدة لا تتعدّى عشرة أيام.
وبعد أن يُقدّم المقرّر المُعيّن تقريره، يُصار الى دعوة المجلس الدستوري الى الانعقاد، ويبقى منعقداً لمدة 15 يوماً بجلسات مفتوحة وصولاً الى إصدار القرار.
ولكن قد يحدث عدم التئام المجلس الدستوري لأسباب عديدة منها عدم توافر النصاب المطلوب الذي هو 8 أعضاء من أصل 10، أو عدم تمكّنه من الحصول على تصويت 7 أعضاء على القرار… عندئذ يُعتبر الطعن مردوداً حُكماً، إلّا في حال ذهب المجلس الدستوري الى قبول الطعن، فيُصدر قراره بأكثرية 7 أصوات على الأقلّ. وبعد دراسة المجلس الدستوري للطعون، في حال قرّر قبول الطعن، فإنّ القانون الصادر عن مجلس النوّاب، يُعتبر كأنّه لم يكن، أي يجري إبطاله من قبل المجلس. وعندئذ تصبح الحكومة ملزمة على إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في مواعيدها الدستورية، حتى لو تأخّرت تقنياً لمدّة شهر أو أكثر على سبيل المثال، لفتح باب الترشيحات وما الى ذلك…
ووقتئذٍ تكون الحكومة ووزارة الداخلية بحاجة الى مهلة مقصّرة الى حدّها الأقصى للوصول الى إنجاز استحقاق الانتخابات البلدية والإختيارية، وسيكون عليهما بالتالي القيام بما يمكن من أجل إجراء هذه الانتخابات، إذا لم يكن في أيّار المقبل، ففي حزيران أو ما بعده. ويتوقّف تحديد المواعيد الجديدة للانتخابات على المهل الدستورية، وعلى الإفساح في المجال لترشّح الراغبين للمجالس البلدية والاختيارية، وعلى فتح وإقفال باب الترشيحات ودعوة الهيئات الناخبة وغير ذلك… فضلاً عن ضمان توافر الأمور اللوجيستية والمالية والعناصر البشرية اللازمة لإجراء هذه الانتخابات.
وقالت المصادر عينها انّه لا يمكن من اليوم معرفة مصير الطعون قبل تقديمها للمجلس الدستوري، وقبل أن يبتّها هذا الأخير ويتخذ قراره النهائي بشأنها. ولكن من المرجّح أن الكرة ستكون في ملعب المجلس الدستوري فور وصول الطعون، وعليه اتخاذ قراره الحاسم بعيداً عن الضغوطات والتأثيرات السياسية.