يشارك القطاع الصناعي بحوالي الـ 7.5% من الناتج الإجمالي، والذي هو مقياس لحجم الإنتاج الاقتصادي من السلع والخدمات، وأحد المعايير التي تستخدم لقياس الدخل القومي والمصروفات العامة للدول، ويُمْهِن ما يوازي الـ 25% من اليد العاملة المحلية. كما ويعد قطاع الصناعة كثاني أكبر عامل بعد القطاع العام ويتقدم في هذا الإطار القطاعات الاقتصادية الأخرى.
وقد اثبت هذا القطاع قدرته في الصمود والابتكار والتفنن والمجابهة في وجه عواصف الازمة التي ارخت بثقلها على كافة القطاعات في لبنان بجدارة وكفاءة وقدرة على تجاوز المصاعب من خلال زيادة الاستثمار والإنتاج الصناعي والحرفي، ليثبت ان اللبنانيين لديهم تفوّق في ابتكار واختراع صناعات فريدة ، على سبيل المثال إعادة تدوير البلاستيك والكاوتشوك والنايلون والزجاج والنبيذ والخشب والمفروشات، بما فيها الادوية ومواد كيماوية تنافس أكبر الصناعات العالمية وصناعة المعادن التي ساهمت في تعزيز الاقتصاد اللبناني.
اليد العاملة اللبنانية الأفضل في دول المنطقة بلا منازع
يتميز لبنان بصناعة متقدّمة، بحيث ان اليد العاملة ماهرة ومتفننة وسبّاقة ولا يجاريها او يبارزها الدول المجاورة بشهادتهم ، ويتفرّد لبنان بهذه الشهادة. وما تجدر الإشارة اليه انه في العام 2010 كان معدل الدخل الفردي اللبناني بحوالي 15 الف دولار، وعرف لبنان بذوقه وتفرّده في صياغة الذهب وتصديره، لأنواع من الفاكهة والمعادن الانشائية والمواد الكيميائية غير العضوية، إضافة الى الالياف والانسجة والورق وغيرها.
وزير الصناعة جورج بوشيكيان شرح لـ “الديار”عن دور الوزارة على الأرض مع القطاع الصناعي، وركز على صناعات معينة تنعش هذا المجال وتدفعه نحو مزيد من التقدم والتألق، فاشار الى ان القطاع الصناعي في لبنان يقوم على مبادرات القطاع الخاص والمساهمات الفردية والعائلية، ولفت الى ان أكثرية المؤسسات الصناعية هي تتراوح ما بين صغيرة ومتوسّطة بنسبة 80 الى 90% تقريبا وارمز الى ان عمر بعضها يفوق الـ 100 عام.
وعلى مقلب صناعي بَحتْ، أشار بوشيكيان الى ان مجد الصناعة في لبنان، باعتبارها منتشرة في كافة المناطق والقرى اللبنانية، ولان القسم الأكبر من العاملين في هذه المؤسسات هم لبنانيون بامتياز. وتابع: عند تأسيس وزارة الصناعة في العام 1997 زاوَلتْ مهام عديدة فتَابَعَتْ تطوير القطاع الصناعي الخاص، كما تم انشاء شباك موحّد لمنح التراخيص الصناعية بعدما كانت هذه الصلاحية مقيّدة لدى المحافظ، واستُحدثت لجان في مختلف المحافظات لتسهيل منح الترخيص القانوني الذي يتيح خلق واستثمار منشأة صناعية، كما ان هذه اللجان تضم مندوبين عن وزارات معينة عدة ذات صلة.
واكد ان وزارة الصناعة تتولى مهام أخرى، منها الكشف والرقابة على المصانع، وإلزام أصحابها بشروط الترخيص أي بالمواصفات والمعايير، كما تمنح الوزارة الشهادة الصناعية وشهادات المنشأ، وشددتُ منذ تسلمي المهام الوزارية على تشجيع الصناعيين وعلى تحسين الجودة والمواصفات في انتاجهم لزيادة التصدير، واستيراد الدولار والعملات الأجنبية بدل تصديرها.
ركن اساسي
واكد بوشيكيان ان الصناعة هي ركن اقتصادي أساسي، وليكون الاقتصاد متيناً عليه أن يكون تكاملياً، لما لهذا الميدان من دور في تأمين التوازن في الميزان التجاري وخفض العجز فيه، وزيادة التصدير وخفض الايرادات. وشدد على ان كل قطاع منتج هو بحدّ ذاته قيمة مضافة، طالما له سوق استهلاكية في الداخل وتصديرية في الخارج. ولفتالى انه من المؤكد أن لبنان توجّه في الآونة الأخيرة نحو صناعة المعرفة والتكنولوجيا والصناعة الدوائية والتخصّصية في صناعة الغذاء والكيميائيات والآليات والمعدات الكهربائية. وأضاف، من دون أن ننسى صناعة المجوهرات والأزياء التي تلقى رواجاً كبيراً في الأسواق الخليجية والاوروبية والأميركية، وما يجدر ذكره في هذا السياق هو الأرقام المبهرة التي حققتها صادرات لبنانية كالنبيذ في الواقع الحالي الصعب الذي يعيشه لبنان إضافة الى مصنوعات أخرى…
وعن صناعة النبيذ واولوية التركيز على الصناعات الموسمية بما فيها التوابل والبهارات، يجيب بوشيكيان، لهذا السؤال شقان:
- الأول: يتعلق بصناعة النبيذ التي انتشرت في مناطق لبنانية عديدة وانتقلت من صفتها التقليدية الى الصناعة الاحترافية والمتطوّرة زراعةً وتصنيعاً، تلبية للذوّاقة والمستهلكين في لبنان والخارج. وقد أصبح النبيذ مشروباً رائجاً أساسياً إلى جانب العَرَق. واستثمر العديد من الشباب المبدع بعد تخرّجه من جامعات اوروبية واميركية باختصاص النبيذ، وأقاموا الخمّارات في مدنهم وقراهم الساحلية والجبلية، ووظّفوا ملايين الدولارات لإنتاج نوعيّة مميّزة. لكني أجد أن هذا القطاع قابل للنمو أكثر، ولم يصل بعد الى السقف الأعلى للإنتاج والترويج والتصدير.
- ثانياً: بالنسبة الى التوابل والبهارات، أصدرتُ قراراً يوجب على الصناعيين اجراء الفحوص المخبرية المطلوبة في مختبرات معتمدة، خصوصاً على الأصناف التي تصدّر تفادياً لرفضها. والاجراءات التي نقوم بها تصبّ في إطار حماية صحة المواطن والمستهلك، والمحافظة على سمعة الانتاج اللبناني.
وعن إعادة التدوير التي هي من الصناعات المهمة، والخطوات المتخذة في وزارة الصناعة لدعم هذا الحقل، ماذا قدّمت الوزارة له؟ كشف بوشيكيان ان الدولة بصدد تنظيم أدق لهذا القطاع أي لإعادة التدوير في كافة المواد من اقمشة وكاوتشوك واطارات ونايلون وزجاج ومواد عضوية وأخرى تستخدم كتطعيم في المزروعات الخ… وزاد، تم وضع الية متكاملة بالتنسيق مع البلديات ووزارة البيئة، إضافة الى التعاون مع وزارة الصحة لما لهذا الامر من ضرر صحي نتيجة حرق الإطارات والكاوتشوك والنايلون.
ويلفت وزير الصناعة الى ان الغاية من هذا المشروع، لكي نصل الى صفر هدر في هذا المجال الذي يُعتبر بمثابة مناجم من الذهب للبنان، مشيرا الى ان كل دول العالم تستغل نفاياتها لتوظفها في إعادة التدوير كمواد أولية وأساسية وضرورية في الكثير من الصناعات.
التنفيذ بدأ
واشار بوشيكيان الى ان صنعة اعادة التدوير أساسية وليست مهمة، ومرتبطة بتأمين منتجات تقوم بشكل اساسي على المواد الأولية التي استُهلكت، وكان مصيرها الرمي في النفايات أو التخلص منها بطريقة أو بأخرى. وعلى مقلب حرفي صناعي تعتمد هذه الصناعة على المواد الأولية، فإذا كانت متوفّرة في لبنان فتصبح كلفة انتاجها أدنى، وأرمز اليها من خلال تصنيع البلاستيك والكرتون والمخلّفات الورقية والحديد والألمنيوم والنحاس والجلود… وأشار تعتبر هذه المخلّفات من الموارد الطبيعية التي يُمنع تصديرها، كونها تشكّل المادة الأوّلية الأساسية لإعادة تصنيعها. ومن هذا المنطلق اتّخذت في وزارة الصناعة عدّة قرارات لحماية هذه الصناعات منعت بموجبها تصدير المواد الاولية من هذه المخلّفات، مؤكدا ان الدولة والحكومة تعملان من خلال وضع الية تنظيمية وتدأبان الى تطوير هذا الاتجاه والتنفيذ بدأ.
وعن قطاع تدوير “الإطارات” يُشاع انه متروك؟ يجيب بوشيكيان لا علم لي بأي قطاع انتاجي متروك من قبل وزارة الصناعة، وإذا كان هذا القطاع أو غيره لديه مطالب معينة في وزارة الصناعة فأهلاً وسهلاً به، ومن لديه حاجة في وزارات أخرى، فانا مستعد للمساعدة لطرح مشاكله في الوزارة أو الادارة المسؤولة.
“تنكيش” الزبالة والخطوات للمعالجة
ويوضح بوشيكيان، ان نكش الزبالة في لبنان يتمّ بطرق عشوائية ومؤذية للبيئة والصحة وحتى لقطاع إعادة التدوير لأن فرز النفايات لم ينجح، وبالتالي الذي يعملون في جمع المخلّفات على مختلف أنواعها لبيعها يعملون في ظروف بيئية وصحية غير مؤمنة. ولفت الى ان هذا الأمر مرفوض بالطبع حفاظاً على البيئة وكرامة الانسان، وأعتقد أن البلديات واتحاد البلديات بالتنسيق مع مجلس الانماء والاعمار تعمل على تنظيف هذه الأمور بالحسنى، لتأمين السلامة البيئيّة والصحية والمحافظة على جمال بلداتهم ومناطقهم.