استقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في القاهرة بحضور رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي ووزير الخارجية سامح شكري ورئيس المخابرات العامة عباس كامل في القاهرة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية بأن الرئيس السيسي رحب بميقاتي في بلده الثاني مصر، مؤكدا الاعتزاز بعمق العلاقات الوطيدة بين مصر ولبنان على المستويين الرسمي والشعبي، وحرص مصر على سلامة وأمن واستقرار لبنان، وتحقيق المصالح الوطنية اللبنانية وتجنيب لبنان مخاطر الصراعات في المنطقة، وذلك في إطار الاهتمام المصري الدائم بكل ما فيه مصلحة لبنان، بما يساعد على الحفاظ على قوة وقدرة الدولة اللبنانية، بالإضافة إلى صون مقدرات الشعب اللبناني الشقيق ووحدة نسيجه الوطني.
من جانبه، أشاد رئيس الوزراء اللبناني بجهود مصر الحثيثة والصادقة لحشد الدعم الدولي للبنان على شتى الأصعدة في ظل استمرار التحديات الصعبة التي يواجهها الشعب اللبناني، خاصة على المستوى السياسي والاقتصادي، مؤكدا اعتزاز لبنان بالعلاقات التاريخية الوطيدة التي تربط الدولتين الشقيقتين، والتي تقوم على أسس من التضامن والأخوة، وتقدير بلاده للدور المصري الحيوي كركيزة أساسية في حفظ الاستقرار بها والمنطقة العربية ككل، ومثمنا التجربة المصرية الراهنة المبنية على أولوية النجاح الاقتصادي والتنموي، والتي تعد نموذجا يحتذى في دول المنطقة.
بدوره، أكد مدبولي أن الرئيس السيسي وجه بسرعة إمداد لبنان بالغاز اللازم لتوليد الطاقة من أجل حل مشكلة انقطاع الكهرباء، مؤكدا في هذا الصدد أن مصر كانت وستظل دوما داعما للبنان الشقيق، وهو الأمر الذي ترجم بشكل واضح مؤخرا خلال تفشي وباء كورونا، والحادث الأليم لانفجار مرفأ بيروت.
جاء ذلك خلال جلسة المباحثات التي عقدها مدبولي وميقاتي بمقر مجلس الوزراء، بحضور السفير علي الحلبي، سفير لبنان لدى القاهرة، والسفير بطرس عساكر، المستشار الديبلوماسي لرئيس الحكومة اللبنانية، والسفير علاء موسي، مساعد وزير الخارجية المصرى للشؤون العربية. وخلال اللقاء، أكد مدبولي أن زيارة ميقاتي تأتي في توقيت مهم للغاية بالنسبة للبنان، ونقل له حرص السيسي، الكبير على دعم الحكومة والشعب اللبناني في هذه المرحلة الدقيقة، وتقديم كل ما من شأنه دعم استقرار لبنان، ومساعدته على تجاوز التحديات والصعوبات.
بدوره، أعرب رئيس وزراء لبنان عن سعادته بلقاء الرئيس، وبما لمسه خلال اللقاء من مودة وعزم صادق لدعم لبنان وشعبه.
واستعرض ميقاتي مجالات التعاون المقترح وأوجه الدعم المطلوب، والتي تضمنت تعزيز التعاون في مجال تصدير الغاز، والربط الكهربائي بين مصر ولبنان، وتسهيل حركة التبادل التجاري لاسيما فيما يخص المنتجات الزراعية اللبنانية، فضلا عن تزويد لبنان بالمساعدات الغذائية، ولبن الأطفال، والأدوية اللازمة لعلاج الأمراض المزمنة.
وكشف مدبولي أن هناك توجيهات واضحة من الرئيس السيسي للحكومة، بتقديم كل ما يلزم من أجل دعم لبنان، ومن ثم فسوف يتم العمل فورا على تلبية طلبات الأشقاء في لبنان.
وبالعودة الى بيروت، ترى مصادر القصر الرئاسي في بعبدا، ان الرئيس ميشال عون وميقاتي على ذات الخط مع ميقاتي تجاه ضرورة انعقاد مجلس الوزراء، لكن الموافقات الاستثنائية لقرارات اللجان الوزارية التي يستعيض بها ميقاتي عن اجتماع الحكومة، لا تعطى كيفما كان، انما لها ضوابط وشروط، ومبررات، وفي آخر لقاء بين الرجلين قال عون لميقاتي «لا يجوز ان تكون الحكومة مكتملة دستوريا، بينما يتم التعامل معها كحكومة حسان دياب».
والمسألة واضحة، رئيس الجمهورية يريد من رئيس الحكومة دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد، حتى بمن حضر من الوزراء، أي بغياب وزراء حزب الله وأمل، فيما رئيس الحكومة يتريث ويفضل متابعة السير في الظل حتى لا تصيبه «ضربة شمس» ثنائي أمل – وحزب الله، اللذين يقاطعان مجلس الوزراء، طالما ليس على رأس جدول أعمال الجلسة، إطاحة القاضي العدلي طارق البيطار عن ملف التحقيق بتفجير مرفأ بيروت.
وهنا يسجل عون على ميقاتي، انه سواء يدري أولا يدري، يخدم أفكار نبيه بري، الذي سبق ان بشر بإضاعة ما تبقى من عمر العهد المتهالك.
واللافت ان الأجواء الخليجية والفرنسية داعمة لاجتماع مجلس الوزراء، بسبب معادلة بسيطة، اذ دون ذلك الاجتماع لا إصلاحات من تلك التي يطلبها المانحون، وبالتالي لا مساعدات. ونقطة ضعف موقف ميقاتي انه مازال يتهيب دعوة الحكومة، تحسبا لإغضاب حزب الله، الذي مازال يعتقد ان إطاحة القاضي طارق البيطار أولوية الأولويات بالنسبة له. هذه الأجواء تقتصر على عنوانين اثنين: دعوة مجلس الوزراء للاجتماع حتى بمن حضر، وحظر استقالة حكومة ميقاتي. ودون انعقاد مجلس الوزراء، لا مساعدات من أي نوع، لأن ذلك يعني ان حزب الله مازال المهيمن على الحكومة. أما استقالة ميقاتي فمرفوضة، لأنها تسمح لطرفي تحالف «مارمخايل» الشهير، الهيمنة على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
الرئيس عون كان اعلن ان الاتصالات جارية لإزالة العقبات أمام عودة مجلس الوزراء الى الانعقاد، مجددا التأكيد على ضرورة احترام مبدأ الفصل بين السلطات، وعدم جواز تدخل السياسيين بعمل القضاء، خصوصا ما يتعلق بجريمة المرفأ.