لم يشعر اللبنانيون كثيراً بانعكاسات انخفاض سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء، أو محافظته على معدّله منذ أسابيع، إذ بقيت الاسعار «نار»، بل لاحظ كثير من المتسوّقين أنّ أسعار المواد الغذائية طالتها بعض الزيادة بالدولار الأميركي تحت ذريعة رفع قيمة الرسوم الجمركية، ما طرح تساؤلات كثيرة عن حقيقة هذا التفاوت ودور الرقابة في ذلك.
داخل إحدى السوبرماركات في صيدا، تقف الحاجة ابتسام الظريف أمام رفوف مواد الغذاء والتنظيف، تتعجّب كيف ارتفع سعر عدد منها فجأة، وتقول لـ»نداء الوطن»: «لقد خدعونا حين أبلغونا أنّ تسعيرة الدولار أفضل، مسحوق الغسيل «برسيل» مثلاً كان سعره 9.70 دولارات، اصبح اليوم 10.80، كيف تبدّل؟ وحين سألت تذرّعوا أنّ الجمارك ارتفعت، لا افهم لماذا سعّروا بالدولار إذاً؟». قبل أن تضيف بحسرة: «لقد استبدلته بمسحوق آخر أرخص منه لأنني أريد التوفير للأكثر حاجة وضرورة».
الحاج طالب الرواس قصد الملحمة التي اعتاد شراء اللحم منها وسط المدينة، ليجد أنّ سعر الكيلو ارتفع دولاراً أميركياً واحداً إضافياً عن السابق، رغم انخفاض سعر الصرف بضعة الآف من الليرات اللبنانية، ويقول لـ «نداء الوطن»: «منذ بدء الازمة المعيشية والغلاء، رتّبت جدول حياتي على التقشّف، واعتدت شراء اللحم مرّة كل اسبوعين، أي مرّتين في الشهر فقط، بعدما كنت أفعل ذلك شبه يومي، ولكنني تفاجأت بارتفاع السعر بالدولار، لقد أصبح نحو 11 دولاراً بعدما كان 10 دولارات، وكنت اعتقد أنّ السعر تراجع كي أتمكّن من شراء كمّية أكبر، للأسف نعيش في خدعة كبيرة، وكل واحد يرمي المسؤولية على الآخر».
ارتفاع الاسعار بالدولار لن يقتصر على مواد الغذاء والتنظيف، بل من المتوقع وصوله الى السيارات ليصيبها بمقتل، فاليوم عشرات المعارض تخلو من الزبائن في مؤشّر على حالة الركود في البيع، فكيف الحال اذا رفعت الرسوم الجمركية وفق ما هو مقرّر في 15 أيار الجاري، لتصبح على سعر صيرفة بعدما كانت تُحتسب على سعر الدولار الرسمي 15 ألفاً وفق ما يقول أحد أصحاب المعارض الحاج عبد الذي يملك معرضاً على الاوتوستراد الشرقي للمدينة، من دون أن يخفي أنّ «رفع الرسوم الجمركية لتحاكي سعر صيرفة يعني عملياً توجيه ضربة قاضية لأصحاب المعارض، لهذا القطاع الذي انهار مع بدء الأزمة الاقتصادية والمعيشية في العام 2019، ثم بدأ يتعافى تدريجياً، فإذا طبّق القرار ستصبح السيارات حكراً على الأغنياء بل على الأثرياء فقط»، متوقّعاً أن يرتفع سعر أقلّ سيارة صغيرة نحو 3 آلاف دولار أميركي.
هاجس رفع الرسوم الجمركية ينسحب على الصرّافين الجوالين في شارع المصارف – رياض الصلح الرئيسي وسط المدينة، اذ واكبوا باهتمام كبير التحرّك الاحتجاجي الذي نظّمته جمعيات المودعين في بيروت، للمطالبة باسترجاع أموالهم من المصارف، وقال أحدهم: «العيون على المصارف لأنه اذا أقفلت فإنّ الدولار الأميركي سيطير ولن يهدأ ابداً، نعمل بقلق وحذر من مفاجأة كبيرة وسريعة، والله يلطف بنا».