الراعي مُنتقداً الصهاريج وإعاقة تحقيقات المرفأ: للتصدّي لضرب هيبة الشرعية وكرامة الدولة ككل

Share to:

نداء الوطن

لا يمكن أن تستقيم الدولة مع ممارسات أو مواقف تتنافى وكيانها ومؤسساتها

جدّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي دعمه الحكومة الميقاتية، مسجلاً أول موقف له في مسألة استيراد المحروقات من ايران، مؤكداً انه “لا يمكن ان تستقيم الدولة مع ممارسات ومواقف تتنافى وكيانها ومؤسساتها”.

وقال الراعي في عظته امس خلال ترؤسه قداساً احتفالياً في كنسية سيدة ايليج سلطانة الشهداء ميفوق – القطارة قضاء جبيل، بدعوة من رابطة سيدة ايليج، بعنوان “لا تسكتوا عن نسيان الشهداء” تكريماً لشهداء المقاومة اللبنانية، ولمناسبة مرور 25 سنة على تأسيس الرابطة: “لقد شكرنا الله على خروج لبنان من أزمة الحكومة التي استمرت ثلاثة عشر شهراً، وعلى تشكيل حكومة جديدة اتخذت شعار: “معاً للانقاذ”. إننا إذ نجدد لها تمنياتنا بالنجاح، نأمل أن تعمل كفريق وطني واحد يعكس وحدة الدولة لوقف التدهور، والتصدي للعمليات المتواصلة لضرب هيبة الشرعية وكرامة الدولة ككل والمس بنظامها الديموقراطي الليبرالي”.

ورأى الراعي انه “لا يمكن أن تستقيم الدولة اللبنانية مع ممارسات أو مواقف تتنافى وكيانها ومؤسساتها، ويسمونها بكل بساطة نقاطاً خلافية، وكأن حلها غير ضروري، من مثل حياد لبنان وعدم انحيازه، وتصحيح الممارسات المنافية للدستور واتفاق الطائف، والطريقة التي تمّ فيها إدخال صهاريج المحروقات بالأمس القريب، وإعاقة التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت والتشكيك الممنهج بقاضي التحقيق، كأن المطلوب إيقاف التحقيق في أكبر جريمة”.

وأكد الراعي ان “ما يعزز أملنا هو أن الظروف الداخلية والإقليمية والدولية التي استولدت هذه الحكومة تسمح لها بالقيام بالملِحّ الذي يحتاجه الشعب منها، وهو على الأخص:

– إجراء الإصلاحات في الهيكليات والقطاعات، واستنهاض الحركة المالية والاقتصادية والمصرفية.

– تأمين العام الدراسي، بكل ما يلزمه، ودعم المدرسة الخاصة على غرار الرسمية فلا يدفع المواطن ضريبتين.

– حل أزمة المحروقات والكهرباء، وإغلاق معابر التهريب على الحدود اللبنانية – السورية، ومكافحة الإحتكار والتلاعب بالأسعار.

– معالجة قضية برادات التفاح منعاً من إتلافه.

– إنتشال لبنان من سياسة المحاور إلى رحاب الحياد في إطار لبنان الواحد، واللامركزية الموسعة.

– دعم القضاء اللبناني لينجز التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت، بحيث يتم وفقاً للقوانين ومستلزمات العدالة، ولا أحد أغلى من دماء الشهداء، ودموع الأهل، وآلام الجرحى والمعوقين، وعاصمة لبنان بيروت.

وابتهل الراعي إلى الله، “بشفاعة سيدة إيليج وسلطانة الشهداء، لتتمكن هذه الحكومة من أن تشق طريقها وتعالج القضايا الملحة، وأن تعيد الحياة إلى علاقات لبنان العربية والدولية، وتقدم موحدة على التفاوض مع الدول والمؤسسات المانحة، إذ يصعب أن يستعيد لبنان دورته الحياتية والاقتصادية والمصرفية، ويخرج الشعب من الإذلال اليومي من دون مساعدات خارجية سخية”.

وكان الراعي توقف في عظته عند إختيار رابطة سيدة ايليج “موضوعاً لهذا العام: خمس وعشرون سنة لم نسكت فيها عن نسيان الشهداء”، وقال: “ونعم الاختيار، فالذاكرة التي تعني عدم النسيان ضرورية للغاية من أجل جعل إراقة دماء الشهداء لا مجرد ذكرى لماض حدث، بل حاضراً يتفاعل في ضمائرنا جيلاً بعد جيل، ويعطي دماءهم ثمنها الغالي، إذ ماتوا لنحيا وفقاً لآمالهم. ولفت الى أن “الشهداء يحيون كلما تابعنا المسيرة الوطنية، من أجل السيادة والاستقلال وحرية القرار”، داعياً الى عدم الخوف واليأس”، فكل ما ترونه اليوم مرحلة صعبة وتمضي، بالصلاة والصمود، بحسن الخيار والتمسك بالثوابت، بوحدة الصف والعمل الوطني الدؤوب، بتغيير الواقع بالوسائل الديموقراطية، برفض الهيمنة”. وشدد على ان “مسيرة التغيير التي بدأت مع الانتفاضة الشعبية مستمرة”، وقال: “منذ اتفاق الطائف، في بداية التسعينات، والدولة تعد الشعب بمعالجة الأزمات التي تسببت بالصراع الوطني والحروب، لكن الأزمات ازدادت، والصراع الوطني تعمّق، والولاء للبنان انحرف حتى دخلنا عتبة الانهيار. لذلك، إن مطالبتنا بمعالجة واقع الانهيار يهدف إلى المحافظة على وحدة لبنان وهويته لأن تفاقم الوضع صار يشكل خطراً عليهما”.

وقال الراعي: “أمام أضرحة شهدائنا، وغابة أرزهم المهيبة والناطقة، نتذكر أن ما حققه آباؤنا وأجدادنا والجيل المقاوم، كان بعرق الجبين ودم الشهداء، بالصمود والمقاومة، بالعلم والإبداع. لم يقاتل أحد عنا. العمالة ليست من مكونات الشخصية التاريخية المسيحية في لبنان. من يقاوم ويستشهد في سبيل قضية لا يتقبل العمالة وتعددية الولاءات. ومن يسترجع التاريخ، القديم والحديث، يكتشف أن المسيحيين في لبنان، وبخاصة الموارنة، ما تعرضوا للحروب والاضطهاد إلا لأنهم رفضوا العمالة والخضوع وآثروا الصداقة والتحالف على أسس الكرامة الشخصية والسيادة الوطنية”.

وقلد البطريرك الراعي ميدالية سيدة ايليج الى أهالي شهداء قرطبا في تفجير مرفأ بيروت شربل ونجيب حتي وشربل كرم.

وبارك يرافقه المطارنة والكهنة لوحة إيمان وعهد على مدخل مدافن الشهداء، ورفعت صلاة البخور في مدافن شهداء المقاومة اللبنانية.

Exit mobile version