لا شيء يعلو على صوت الحرب التي سرقت الأضواء من الملفات الأخرى المعلقة فلبنان معني مباشرة بالحرب وفي قلب الأحداث وسط تسارع التطورات في الميدان الغزاوي وعلى الجبهة الجنوبية التي تشهد حربا بكل معنى الكلمة مع انها مضبوطة على ساعة قواعد الاشتباك، فالأحداث العسكرية حجبت الضوء عن الملف الرئاسي الحافل بالتعقيدات والفراغ أتم عامه الاول في قصر بعبدا لكن الأمور لا تزال عند نقطة الخلاف نفسها وفي المربع الاول للاختلاف الرئاسي، والتطورات لم تشفع في تليين الشروط وتقريب المسافات بين القوى السياسية.
وفق مصادر سياسية فان الملف الرئاسي يواجه عقبات لم تكن موجودة سابقا، ففي الداخل التركيز منصب على الأحداث العسكرية وخارجيا لم يعد يحتل سلم الأولويات ولبنان غائب عن اهتمام الدول فالمبادرة الفرنسية انتكست ولم تعد فرنسا متحمسة لإطلاق المزيد من المساعي والخطط الرئاسية، كما ان موقفها من حرب غزة افقدها ود محور المقاومة، فيما الحراك القطري لم يحقق اي تقدم اما الدول الكبرى فمنشغلة بتطورات المنطقة وحرب غزة.
وسط سباق” الحرب ولا حرب ” سجلت اندفاعة داخلية لرئيس التيار جبران باسيل لإطلاق حراك لم يكتب له النجاح واعتبره كثيرون بروباغندا او مبادرة صورية لتحسين وضعيته السياسية بهدف “القوطبة” على قائد الجيش جوزف عون وانهاء حظوظه الرئاسية فلم يسجل على هامش جولاته اي تطور رئاسي حتى في اللقاء الذي جمعه برئيس تيار المردة سليمان فرنجية .
حكومة تصريف الأعمال بدورها “لا حول ولا قوة “لها في انتخاب رئيس لجمهورية فهي عاجزة عن جمع وزرائها لمناقشة ملفات وقضايا أساسية وبالكاد كلفت لجنة طوارىء لإدارة شؤون الناس في حال وقوع حرب.
وبدل ان يشكل الوضع الأمني عاملا ضاغطا ويعطي دفعا لإنجاز الانتخابات الرئاسية لمواجهة تداعيات أي حرب مقبلة على لبنان فان الاستحقاق يغرق في المراوحة القاتلة كذلك الامر بالنسبة الى موضوع التمديد لقائد الجيش الذي يخضع بدوره لتباينات متناقضة بين ضرورة التمديد او الذهاب الى تعيين رئيس اركان او تسلم ضابط أعلى رتبة كما يطرح التيار الوطني الحر، فالقيادات السياسية تتعاطى مع استحقاق التمديد وفق أولوياتها وأجنداتها والخوف ان يحل الفراغ في الموقع الماروني في قيادة الجيش كما حصل في مصرف لبنان والفراغ مع تصاعد الخلاف بين فريقين ، واحد يتصدره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ويؤازره رئيس تيار المردة سليمان فرنجية برفض االتمديد للعماد جوزف عون والفريق الثاني يضم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والنائب السابق وليد جنبلاط وهما لا يمانعان بقاء عون في اليرزة بسبب الظروف الطارئة فيما لم يصدر موقف واضح من قبل الثنائي الشيعي الذي يبدو غير معترض على بقاء عون في المؤسسة العسكرية لأسباب أمنية وضرورة تحصين الوحدة الداخلية فتركيز حزب الله الحالي على الجبهة مع العدو الإسرائيلي ، مع ذلك فان حزب الله ينتظر مفاعيل انتهاء القطيعة بين حليفيه جبران باسيل وسليمان فرنجية لتبيان الموضوع الرئاسي اولا قبل حسم موقفه في موضوع قيادة الجيش.
يواجه طرح التمديد لقائد الجيش اشكالية سواء في مجلس النواب او مجلس الوزراء فالإشكالية في مجلس النواب تتمثل في مقاطعة تكتل لبنان القوي وموقف المردة وعدم قدرة الثنائي الشيعي على معاكسة قرار حليفيه خصوصا اذا أعطت القوات ميثاقية مسيحية للتمديد، فيما لا يمكن ان يمر التمديد في الحكومة في حال عارض وزراء التيار ايضا ، وصار واضحا وجود تفاهم سياسي قوامه ميقاتي بري وجنبلاط مؤيد للتمديد مقابل ممانعة قوية من قبل التيار ظهرت في التوتر بين وزير الدفاع موريس سليم ورئيس الحكومة على خلفية رفض الوزير اقتراح ملء الشواغر في المجلس العسكري ووفق المعلومات فان باسيل يرفض العودة الى الحكومة ويتمسك بمبدأ الإجتماعات التشاورية مقابل شروط محددة رابطا إنهاء المقاطعة بإسقاط التمديد للعماد عون وإقرار تعيينات عسكرية بمواصفات التيار، فالعودة الى الحكومة يحتاج الى إعادة النظر بأمور كثيرة وأغلب الظن ان حسابات رئيس التيار رئاسية بالدرجة الأولى وهذا ما ظهر في حركته السياسية الأخيرة وانفتاحه على خصومه التقليديين.