Share to: 
ان الازمات المتلاحقة اقتصاديا ومعيشيا في لبنان لم تثنِ المهندسين المعماريين اللبنانيين جهاد فرح وكارل كرم عن مواجهة التحديات الاقتصادية البائسة بطريقة ملأى بالتحدي والشغف والمخاطرة في خلق الابتكارات فكان الطريق الى زراعة الزعفران الذي لم يكن معبّدا، وهذه النبتة تعد من أغلى التوابل والأكثر طلبا في العالم، لذا أطلق عليها تسمية «الذهب الأحمر» او «زهرة السعادة» وذلك يعود لخصائصها الصحية والطبية والجمالية التي لا تعد ولا تحصى كما انه يباع بالغرام كالذهب تماما.
فما هو الزعفران، كيف يزرع في لبنان، ما هي أهميته في حياتنا اليومية، وكيف يُستخدم في المجالات الصحية والطبية؟ والاهم ما يحتويه من مضادات الاكسدة التي تحمي البشرية من الامراض السرطانية وأيضا يساهم في حل مشكلة البدانة وعصر الهضم الخ.
الفوائد كثيرة
عن أهمية هذه الزراعة في لبنان والخطوات التي تمر بها يقول المهندس كارل كرم لـ «الديار»: «الزعفران لا يستخدم فقط في الطعام كما هو شائع، وليس متوافرا حصرا في كل من السعودية، إيران، اسبانيا، والهند وغيرها من الدول حيث لديهم اصناف متخصصة من هذه النبتة». ويتابع، «يستخرج من زهرة الزعفران السوسني وهي من فصيلة «الزنبق» نفسها يستأصل من الميسم والقلم داخل الزهرة نفسها.
مضاد للأكسدة من الدرجة الاولى
يشرح كارل، «يوظّف في الكثير من الأغراض الطبية، على سبيل المثال: في المختبرات لما يحتوي على مواد صبغية تستعمل في تلوين الخلايا تحت الميكروسكوب، ويدخل في المواد التجميلية للعناية بالبشرة لحيازته على نسبة مرتفعة من مضادات الاكسدة. ويتابع، يستخرجون منه مواداً كيميائية، وأيضا في المكملات الغذائية SUPPLEMENTS و ANTI DEPRESSIO بحيث تساعد مضادات الاكسدة المرتفعة فيه على محاربة الاجهاد التأكسدي في الجسم، منها السرطان وامراض القلب، وهذه المضادات أيضا تساعد في الوقاية من الامراض لاحتوائه على مادة «الكيروسين» والتي اثبتت قدرتها في الحد من اضرار الالتهاب والاكسدة في المخ».
وفي دراسة أجرتها مجلة ANTIOXIDANTS العلمية لفتت الى ان «الزعفران» يساعد في مكافحة اعراض الزهايمر بسبب خصائص تحسين الذاكرة فيه، كما ان الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض وتناولوه لمدة 22 أسبوعا شهدوا تحسنا في الادراك.
ويتابع كارل، « أضف الى كل ما تقدّم فإن براعم هذه النبتة او زهورها يصنع منها شاي وهناك أبحاث اجريت وأخرى ما زالت بصدد التنفيذ، تثبت أهميتها ان لجهة اضافتها في طعامنا او حياتنا اليومية كروتين دائم».
دقة الاعتناء بـ «الزعفران» جعلته باهظاً
يقول كارل، «إذا عرفنا كيفية استخدام الزعفران فسعره لن يكون مرتفعا، فالغرام الواحد تتراوح كلفته ما بين 5 و75 دولار، وهناك من يزرعون هذه النبتة في اميركا، واليد العاملة هناك لها مكانتها عما هي عليه في أماكن أخرى من العالم. بالإشارة، إذا كان الزعفران «عضوي» فسعره يصبح متضاعفا، أيضا إذا كان مقطوفا باليد وليس عن طريق الماكينات او الآلات الزراعية».
ويتابع كارل، « في السوق اللبناني سعر الغرام يتراوح ما بين 15 و20 دولار، ويكفي في الطعام لحوالى 40 الى 50 شخصا بالطبع إذا كانت جودته جيدة، لذا يعد سعره مقبولا ومنخفضا.
الاف الزهرات للكيلو واحد
يشير كارل بالقول، « اسم «الذهب الأحمر» للزعفران لكون الكيلو الواحد مقابل 250 ألف وردة، بالإشارة الى انها تقطف، وتفرز، وتتم تنقيتها وفردها يدويا وكل وردة تعطي ثلاث شرائح من الزعفران، وبهذا يمكننا التخيل كم نحتاج من العمل لنجمع كيلو واحدا من «زهرة السعادة» وهو ما يعادل 2000 ساعة على الأقل هذا لجهة عملية قطافه. باستثناء تجفيفه وما يليه من خطوات أخرى مثل تعبئته، وتغليفه ومن هنا سعره ممتد من العملية الشاقة لما تتطلب من دقة ومهارة ومعرفة والمام في التعامل مع هذا النوع من المزروعات».
الأرض لنا
في سياق متصل بالأرض يقول كارل، « ان فكرة لجوئنا الى زراعة هذا النوع من النباتات ليس لغاية البقاء في لبنان للحؤول دون الهجرة، بل ان يقوم لبنان بتصنيع جودة عالية في ظل توافر الإمكانات الرئيسية من الأشخاص الذين يتمتعون بمواهب خارقة، وقدرات علمية متقدمة بالإضافة الى انه لدينا أراض يمكننا استغلالها لرفع المستوى الزراعي وعلينا التركيز ان الجودة هي الأساس في مجالاتنا وهذا ما نؤمن به وننطلق منه في عملنا».
انتاج عضوي… جودة وتميز
يضيف، « نسعى لان نصنع زعفران عضوي في لبنان يتميز بجودته العالية، على نقيض ما يراه الناس. هذا النوع من المزروعات معقّد وباهظ الثمن، وهذه الانطلاقة لنثبت لنا وللجميع ان فكرة الجودة والتمييز لا زالت قائمة في لبنان، والتي اختفت في مرحلة معينة».
في التحدي قوة!
عن التحدي في اللجوء الى هذه الزراعة يقول كارل: « ان الازمة الاقتصادية وايهام الناس في لبنان ان قيامهم بأي عمل او مشروع يتخطى امكانياتهم، ما يدفع بهم لقبول الامر الواقع وتصديق الواقع السياسي بأن تنفيذ أي مخطط او طموح يفوق قدراتهم. ومن هنا كانت زراعة الزعفران تحدي لهذا الفكر القمعي وبالطبع يمكننا القيام في هكذا مشاريع وبجودة عالمية نتحدى بها تلك الموجودة في العالم».
لبنان على الخارطة العالمية
عن زراعة الزعفران في لبنان يشرح كارل، « يمكن ان تكون في الطقس البارد والحار ما بين درجة حرارة -10 و+40، الا ان المشكلة تكمن في ان هذا النوع لا يلائمه الكثير من المياه، بمعنى ان الأرض يجب ان لا تختزن في داخلها مياه او رطوبة لأنها تؤدي الى الفطريات وامراض تضرب بصلة النبتة».
ويتابع كارل، «المهم ان تكون الأرض خالية من الطين بالإشارة الى انه لا يحتاج للكثير من المياه ويمكن زراعته في مناطق زراعية مختلفة من لبنان. والمزارع الذي لا يملك إمكان «ري محاصيله» يمكنه ان يلجأ الى هذا النوع من الزراعات، ويلفت، الى ان المحصول قد يكون اقل الا انه ذات جودة عالية وفكرتنا انطلقت لإعطاء المزارع القوة والاستقلالية، ومن كان يزرع الحشيش يمكنه ان يتحول الى زراعة الزعفران».
يخلص كال بالقول: «وما نصبو اليه هو ان نضع لبنان على الخارطة العالمية من خلال التصويب على إمكانات اللبناني التي تخطّى بها العالم».
