من قال إنها غائبة في البيئة الشيعية؟
قررت الدولة وأجهزتها القضائية والأمنية أخيراً التحرك في البيئة الشيعية الموالية لـ”حزب الله”، والحضور بهيبتها فيها، مثلما تفعل في باقي المدن اللبنانية، إلا أنها لم تنجح في ذلك إلا من باب إستدعاءات قضائية بحقّ سبعة شبان من بلدة علي النهري، ثاروا على أحادية السلطة المتحكمة بكل مفاصل بيئتهم، فرفعوا الصوت منها، قبل أسابيع بوجه نائبي “الحزب” انور جمعة وحسين الحاج حسن، تعبيراً عن إحتجاجهم على الأوضاع المعيشية الصعبة التي تسللت الى المجتمعات الشيعية كما الى سائر المجتمعات اللبنانية.
الإستدعاءات وفقاً للمعلومات جاءت بناء لإشارة من النيابة العامة الإستئنافية في البقاع، التي طلبت من المفرزة القضائية في زحلة التحقيق بمحتوى الفيديوات المصورة للشبان خلال تظاهرهم أمام منزل النائب أنور جمعة، وخلال طرد النائب حسين الحاج حسن من مناسبة عاشورائية في البلدة.
وبحسب محامي الشبان السبعة زين علّوه المكلف من المرصد الشعبي لمكافحة الفساد، فإن أيّاً من الجهات المتضررة لم تتقدّم بإدعاء شخصي بحق الشبان، إنما جاء تحرك القضاء تلقائياً. ولما لم يكن الثوار قد ارتكبوا أي جرم منصوص عنه في القوانين اللبنانية، خلص التحقيق الى إنتزاع تعهد منهم بعدم التعرّض للاملاك الخاصة والعامة خلال تظاهراتهم والإفراج عنهم بسند إقامة. الأمر الذي يبدو مستغرباً بحسب علّوه، لأنه لو كلفت الأجهزة الأمنية ملاحقة كل التحركات الشعبية فإن مفارزها ستغصّ بالمتضررين من الأوضاع المعيشية التي يمرّ بها لبنان، فيما المفارز نفسها تشكو من ضعف إمكانياتها في ملاحقة كل القضايا الموكلة إليها.
وكان الشبان السبعة قد وصلوا الى قصر عدل زحلة عند التاسعة من صباح امس، واستمر التحقيق معهم الى الثانية من بعد الظهر، من دون أي معلومات واضحة حول التهمة التي استدعت تحرك القضاء بحقهم.
واستغرب بيان صادر باسم “ثوار علي النهري” مثل هذا الإستدعاء، ورأى أنه يعبّر عن إرادة “أحزاب الأمر الواقع بكمّ الأفواه ودفعهم الى الإلتحاق بالقطيع الرقمي والعددي الذي يناسب مصالحهم الضيقة والمدمرة للبلاد والعباد، وهذا ما لا يرضاه الثوار الذين قرروا خوض المواجهة المحقة حتى العبور الى الدولة المحترمة”.
نحو خمس ساعات إستغرقها التحقيق، لم يلن خلالها الشباب الذين أكدوا قبل دخولهم الى التحقيق أنهم لن يوقّعوا أي تعهد يحدّ من حقهم بحرية التظاهر والتعبير عن الرأي.
وقال احد الشبان المستدعين حسين المكحّل: “نحن لم نقم بأي جرم، لا كسّرنا ولا تعدّينا على احد، إنما فقط طالبنا بحقنا”. فيما اعتبر بلال دلول الذي رافق الشبان الى قصر العدل أن “علي النهري منطقة شيعية ومغلوب على امرنا والإعلام سلاحنا”، مستغرباً “أن يُقتاد الشبان الى مديرية المخابرات من دون أي جرم مرتكب، ليتفاجأوا من بعدها بهذه التبليغات، علماً ان النائب أنور جمعة وقيادة “حزب الله” لم يدّعيا عليهم وفقاً لتأكيداتهم”.
بالمقابل، بدا مستغرباً لأحد الشبان المستدعين ان تتحرك الأجهزة القضائية لملاحقتهم في مسألة تعبير عن الرأي لم يستخدموا خلالها أي وسيلة من وسائل العنف، فيما الأجهزة الأمنية والقضائية كلها غابت عمّا جرى في بعلبك الاسبوع الفائت خلال إستقبال المازوت الإيراني الذي دخل الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية، وما شاب عملية إستقبال قوافله من إطلاق للنيران وإلحاق للأذية بممتلكات الناس.
وإنطلاقاً من هذا الواقع إسترعى إستدعاء الشبان إهتمام المجموعات الثورية، وخلصت إتصالاتها الى تكليف المحامي علّوه للدفاع عنهم، في وقت جرت إستعدادات لتأمين مواكبة شعبية لهم ما لم يتم الإفراج عنهم بسرعة، ومورست ضغوطات غير مشروعة عليهم. وفيما لم يستغرق التحقيق فترة إستدعت التدخل الشعبي، لفت حجم الإنتشار الأمني بمحيط قصر العدل، تزامناً مع إستكمال التحقيقات مع الشبان السبعة.