الدور السوري في حرب أيلول بين القوات الأردنية والفدائيين الفلسطينيين

Share to:

نضال العضايلة

أيلول الأسود هو الإسم الذي يشار به إلى شهر أيلول من عام 1970م، والذي يعرف أيضًا “بفترة الأحداث المؤسفة”، في هذا الشهر تحرك حسين بن طلال ملك الأردن لإجهاض محاولة لمنظمات فلسطينية لإسقاط نظام حكمه الملكي، فاستمر القتال المسلح حتى يوليو عام 1971م.

قبل الخوض بتفاصيل حرب أيلول علينا ان نعيد الى الذاكرة إنكار أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد الشقيري، أن للأردن أي حق في الوجود، وقال إن الأردن هو إنشاء استعماري ليس له أساس تاريخي، وقد تم اقتطاعه على نحو غير مبرر من فلسطين التاريخية، التي تمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى الصحارى السورية والعراقية، وبالمثل، ادعت منظمة التحرير الفلسطينية في ظل ياسر عرفات، أنه لم يكن هناك مبرر تاريخي لفصل الأردن عن فلسطين، لأن البلدين كانا في الأساس وحدة واحدة.

بعد إعادة الحسابات التي نتجت عن حرب الأيام الستة، كانت بعض المنظمات العربية تبحث عن طرق لإسترداد ماء الوجه وبعضها لتحسين وضعه.

كان الفلسطينيون يشكلون نسبة عالية من تعداد سكان الأردن، وكانوا مدعومين من أنظمة عربية مختلفة، خاصة من الرئيس المصري جمال عبدالناصر، وكانت إسرائيل قد استهدفت مرارا عبر هجمات خلال الحدود من قبل الفدائيين.

اعتبر ياسر عرفات ان النصر الذي حدث في معركة الكرامة، أعاد الكرامة إلى العرب، واقنع الفلسطينين ان قواته هي التي انتصرت في المعركة، وتشكلت صورته كبطل وطني تجرأ وواجه إسرائيل، على أثر ذلك انضمت حشود ضخمة من الشباب إلى تنظيمه، حركة فتح.

وتحت الضغط اضطر أحمد الشقيري إلى الإستقالة من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في يوليو 1968م، وسرعان ما انظمت فتح وسيطرت على المنظمة.

وضمن مناطق الجيوب الفلسطينية والمخيمات في الأردن بدأت قوات الأمن الأردنية وقوات الجيش تفقد سلطتها، حيث بدأت قوات منظمة التحرير الفلسطينية النظامية بحمل السلاح بشكل علني، وأقامة نقاط تفتيش، وجمع ما أطلقوا عليه مصطلح ضرائب.

وخلال مفاوضات نوفمبر عام 1968، تم التوصل إلى اتفاقية بسبعة بنود بين الملك حسين والمنظمات الفلسطينية:

لم تصمد الاتفاقية، وأضحت منظمة التحرير الفلسطينية دولة ضمن الدولة في الأردن واصبح رجال الأمن والجيش الحكومي يهاجمون ويستهزأ بهم، وما بين منتصف عام 1968 ونهاية عام 1969م، كان هنالك أكثر من 500 اشتباك عنيف وقع بين الفصائل الفلسطينية وقوات الأمن الأردنية، وأصبحت أعمال العنف والخطف تتكرر يصورة مستمرة.

زيد الرفاعي رئيس الديوان الملكي الأردني في ذلك الوقت أسر للملك حسين أن الفدائيين قتلوا جنديًا، قطعو رأسه ولعبو به كرة القدم في المنطقة التي كان يسكن بها.

كما استمرت منظمة التحرير الفلسطينية بمهاجمة أسرائيل انطلاقا من الأراضي الأردنية بدون التنسيق مع الجيش الأردني، مما أدى إلى هجمات انتقامية عنيفة من الجانب الأسرائيلي.

نمت قوة منظمة التحرير في الأردن، وبحلول عام 1970، بدأت علنا المطالبة بالإطاحة بالملكية الهاشمية، مع عملها كدولة داخل الدولة تجاهل بعض الفدائيين القوانين واللوائح المحلية، وحاولوا اغتيال الملك حسين مرتين مما أدى إلى مواجهات عنيفة بينها وبين الجيش الأردني في يونيو 1970.

الملك حسين أراد الإطاحة بالفدائيين من البلد، ولكنه تردد في الهجوم لأنه لم يكن يريد أن يستخدم أعداءه ذلك ضده بمساواة المقاتلين الفلسطينيين بالمدنيين.

تصرفات منظمة التحرير في الأردن توجت بحادث اختطاف الطائرات في ميدان داوسون في 10 سبتمبر، التي اختطف فيها فدائيين ثلاث طائرات مدنية وأجبروها على الهبوط في الزرقاء، وأخذوا مواطنين أجانب كرهائن، وقاموا في وقت لاحق بنسف الطائرات أمام الصحافة الدولية، فرأى الملك حسين أن هذه هي القشة الأخيرة، وأمر الجيش بالتحرك.

في 17 سبتمبر حاصر الجيش الأردني المدن التي بها وجود لمنظمة التحرير بما في ذلك عمان وإربد وبدأ قصف الفدائيين الذين تمركزوا في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالمدفعية الثقيلة ومدفعية الدبابات.

في اليوم التالي، بدأت قوة من سوريا مع علامات جيش التحرير الفلسطيني يتقدمون صوب إربد التي أعلنها الفدائيون «مدينة محررة»، وفي 22 سبتمبر انسحب السوريون بعد شن الجيش الأردني الهجوم الأرضي الذي ألحق خسائر فادحة بالقوات السورية، فقاد الضغط المتصاعد الذي قامت به البلدان العربية الملك حسين إلى وقف القتال.

في 13 أكتوبر وقع اتفاق مع عرفات لتنظيم وجود الفدائيين، بيد أن الجيش الأردني هاجم مرة أخرى في يناير، 1971.

طرد الفدائيين من المدن الواحدة تلو الأخرى، حتى استسلم 2,000 من الفدائيين بعد محاصرتهم في غابة قرب عجلون، فسمح الأردن للفدائيين بالتوجه إلى لبنان عبر سوريا وبعدها أصبحوا أحد الأطراف المحاربة في الحرب الأهلية اللبنانية.

تأسست منظمة أيلول الأسود أثناء النزاع لتنفيذ عمليات انتقامية، وأعلنت المنظمة مسؤوليتها عن اغتيال رئيس الوزراء الأردني وصفي التل في عام 1971، وعملية ميونيخ التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة في عام 1972.

في شتاء 1970، قامت سوريا بمحاولة التدخل للدفاع عن المقاتلين الفلسطينيين، حيث أرسلت ثلاثة ألوية مدرعة ولواء كومندوس ولواء من المقاتلين الفلسطينيين بالإضافة إلى أكثر من 200 دبابة من طراز تي-55.

ومع أن التفوق بالعدد كان لغير مصلحة الجيش الأردني، فقد قاتل جنود اللواء الأربعين الأردنيون قتالاً مريراً مع دعم وإسناد جوي من سلاح الجو الأردني.

لكن في 23 سبتمبر 1970 وتحت الضغوطات التي أتت عليه من قبل الأردن والولايات المتحدة التي أرسلت ثلاث سفن محملة بالجنود والأسلحة، كان التحرك السوري لحماية منظمة التحرير غير مخطط لها ومعتمدة على معلومات غير صحيحة مصدرها قيادة منظمة التحرير، حتى ان بعض المؤرخين يعتبرون التدخل السوري من باب ذر الرماد في العيون وانه مجرد مسرحية.

وكانت القوات الأردنية على علم مسبق بتحرك القوات البرية السورية، ولم تستخدم سوريا سلاحها الجوي وهذا أيضا يضع علامة استفهام على تحركاتها من البداية.

تحركت القوات السورية بقيادة اللواء محمود باغ الذي فوجئ بعنف رد القوات الأردنية التي نشرت قوات كثيفة سميت بقوات الحجاب التابعة للواء الأربعين والذي كبد القوات السورية خسائر فادحة وانطلق سلاح الجو الأردني المتكون من طائرات هوكر هنتر، بينما لم ينطلق سلاح الجو السوري لتغطية الهجوم، حيث تبين فيما بعد أن القيادة العسكرية قد انشقت وان وزير الدفاع السوري الفريق حافظ الأسد كان محتجا على اية تدخل للقوات السورية فيما يحدث في الأردن وانه هو من رفض إطلاق سلاح الجو السوري، الامر الذي دفع الجيش السوري للانسحاب مخلفا وراءه خسائر فادحة.

توسطت السعودية لدى الأردن للسماح للسوريين بإدخال شاحنات لسحب أنقاض قواتهم المنسحبة من شمال الأردن، وبالتالي فقد خدمت كل الظروف السياسية والعسكرية الأردن في التخلص من الفدائيين.

Exit mobile version