الحيوانات تستشعر به قبل حدوثه… هذا ما فعلته الكلاب المنزليّة في لبنان قبل وقوع زلزال تركيا بدقائق

Share to:

الديار: ندى عبد الرزاق

ما قبل السادس من شباط ليس كما بعده، فالزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا وامتدد بهزاته الارتدادية ليشمل لبنان وبعض الدول المجاورة ترك اثرا سلبيا لجهة الرعب اليومي من الهزات المتتالية التي تقدر قوتها ما بين الخفيفة والمتوسط والقوية أحيانا اخرى. ما جعل الناس تنقلب رأسا على عقب وليتحولوا الى بصارين في الجيولوجيا وشغلهم الشاغل تعداد الهزات التي تسجل على مدار اليوم.

وبحسب العلماء “لا يعد بالأمر الغريب لجهة حدوثها اليومي المتكرر ويعتبره الجيولوجيون جيدا لا العكس، كونها تسهم في تحرير الطاقة المحبوسة تحت الصفائح، ما قد يمنع حدوث الأسوأ او زلازل كارثية”.

لهذا كله السؤال الذي يطرح نفسه هل الحيوانات تستشعر حصول الزلازل قبل وقت من وقوعها بحيث انها تمتلك نظام انذار متقدم لتوقيت حدوث الهزات والزلازل وهل الحل يكون باستخدامها للتنبؤ بالكوارث الطبيعية؟

دراسات

في احدى الدراسات التي أجريت في العام 2013 صور علماء المانيون نمل الخشب الأحمر، ويعرف عنها انها لا تعرف الراحة حيث تبني اعشاشها في قاعدة الأشجار الصنوبرية في المستعمرات التي قد تفوق 300,000 نملة. فاكتشفوا ان قبائل النمل بدلت روتينها المعتاد قبل وقوع الزلازل واصبحت أكثر نشاطا في الليل، واقل خلال النهار. بالإشارة الى ان اغلبية الدراسات انطلقت من ادلة قصصية وملاحظات فردية وفقا لمراجعة جمعية علم الزلازل الأميركية عام 2018 والتي استندت الى 180 دراسة سابقة”.

للحيوانات قدرات مدهشة

في دراسة أميركية حديثة كشفت ان للحيوانات طاقة استثنائية على استشعار الزلازل قبل حدوثها، ويمكن الاستعانة بها الى جانب شبكات الرصد الأخرى للكشف المبكر عنها.

ودراسة ثانية نشرت نتائجها في دورية PHYSICS AND CHEMISTRY OF THE EARTH مؤخرا، “أكد العلماء قدرة الحيوانات البرية على التنبؤ بالزلازل قبل بضعة أسابيع من وقوعها. الامر الذي قد يتيح الاستعانة بالكاميرات التي ترصد السكون والحركة للحيوان في الدول المعرضة بصورة متكررة للهزات الأرضية”.

وفي سياق متصل، سجل العلماء سلسلة من الكاميرات التي تم تثبيتها في منطقة البيرو-حوض نهر الامازون، التغييرات التي تطرأ على تصرفات الحيوانات قبل ثلاثة أسابيع من وقوع زلزال بلغت قوته 7 درجات وضرب المنطقة في عام 2011. وخلال فترة زمنية امتدت الى 23 يوما قبل وقوع الزلزال، سجل العلماء 5 حركات او اقل يوميا لهذه الحيوانات بالمقارنة بـ 5 و15 حركة في اليوم وذلك في الفترة السابقة على ذلك.

وقال الباحثون ان الحيوانات يمكن ان تساعدنا في فهم التغييرات الدقيقة، والتي تسبق الزلازل الكبرى من خلال الاستعانة بقدراتها الخارقة على استشعار البيئة من حولها.

وفي السياق ذاته يقول المنسق المشارك لبرنامج المسح الجيولوجي الأميركي لمخاطر الزلازل، “ان الحيوانات يمكن ان تشعر بالزلازل عادة قبل دقائق من حدوثها وهو كناية عن ردة فعل وليس موهبة خاصة”.

لا دراسات معمقة الا ان الواقع يثبت ذلك

تقول الطبيبة البيطرية ماريانا فضوليان لـ “الديار”: لا توجد دراسات دقيقة حول استشعار الحيوانات بحدوث زلازل قبل وقوعها بوقت قصير. ولكن على ارض الواقع الحيوانات تستدرك ذلك بحيث يظهر جليا في ردة الفعل التي يحدثونها، كأن على سبيل المثال يختبئون قبل وقوع الهزة او الانفجار. وتتابع، “هناك تضارب في الدراسات التي أجريت، بعضها أشار الى ان الحيوانات تشعر بها عن طريق حاسة السمع باعتبار ان لديها قدرات استشعارية لسمع الاهتزازات قبل وقت تسبق من معرفة الانسان به، الا انني اشدد ان لا دراسة تحدد كيف يشعرون ما إذا كان بغرائزهم او بأي طريقة اخرى”.

حيواناتي يستشعرون

في هذا الإطار تقول ماريانا، “كلابي يستدركون هذه الاحداثيات فمثلا عندما وقع انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020 شعروا به وحاولوا الاختباء قبل حدوثه ومن هنا فان الملاحظات الفردية قد توثق الدراسات التي تقول ان الحيوانات تستشعر بالهزات والزلازل او الانفجارات بحسب قرب مكانها او تأثيرها فيهم وذلك قبل دقائق من ظهورها”.

وتؤكد، ” هذا امر صحيح لا التباس فيه وكذلك الامر بالنسبة للرعد يشعرون به قبل حدوثه والذي يعد ظاهرة ربانية طبيعية كالزلازل تماما. حيث ان كلابي تبدأ بالنباح قبل ان ترعد السماء وتحاول بذلك ان توصل لي رسالة لأتيقظ ان ثمة شيئا ما سيقع”. وتضيف، “لكن على أي أساس يستشعرون بهذه الأمور لا دراسات تؤكد هذه الوقائع فعلماء يردونه الى لسمع لديهم وآخرون يعيدونه الى حاسة الشم، ومن المؤكد ان حاستي الشم والسمع لدى الكلاب اقوى من تلك التي يمتلكها البشر”.

قبل ساعتين على وقوع الزلزال… كلابي لم تهدأ

الطبيب البيطري جو بجاني يقول لـ “الديار”: “اقطن في منطقة انطلياس ولدي مزرعة كلاب، قبل حدوث الزلزال بساعتين كلابي بدأت تنبح بشكل هستيري على غير العادة حاولت اسكاتهم مرارا وتكرارا لم انجح، فقط كانت تهدأ برهة قصيرة من الوقت ثم تعاود النباح بالمقلوب وهو سلوك يشير الى وقع حدث ضخم وسيىء”.

“الديار” منذ السادس من هذا الشهر أي تاريخ حدوث زلزال تركيا وسوريا عمدت الى اجراء دراسة صغيرة واستفتاء لشريحة واسعة من الناس الذين لديهم حيوانات منزلية والنتيجة كانت 95% من الناس قالوا ان كلابهم قاموا بردود فعل قوية مثل النباح الشديد او الخربشة على الحيطان قبل حدوث الزلزال بدقائق او العواء المقلوب، اما آراء الأشخاص الذين قالوا انهم لم يلحظوا أي سلوك على حيواناتهم، فاكدوا في المقابل امرا مهما وهو ان لا خطر في المساحة القريبة من هذا الحيوان او أصحابه ما يدل على ان المكان آمن وبالتالي لم ينبح كلابهم او حاولوا التخفي تحت الاسرة وما شابه على عكس ما يحدث عند استشعارهم لوقوع أي خطر”.

بعض الشك حول هذا الموضوع قُطع باليقين

السيدة اسما الملك تقول لـ “الديار”: ردود فعل الكلاب عند وقوع الزلازل مختلف عما يحدث من ردود فعل لهم عند حدوث الرعد فمثلا قبل دقائق من زلزال تركيا كلبي بدأ بالنباح وذهب الى الحائط حيث غرفتي وبدأ “بالخربشة” عليه أراد ان يعطيني رسالة الا انني لم افهم حينذاك ان الوضع كارثي، اما لجهة الرعد فردة فعله مختلفة حيث يبدأ “بخربشة” الأرض مع العلم ان الظاهرتين تعدان طبيعيتين ولكن احداهما تدل على خطر محدق قريب او بعيد”.

مي نعيمي تقول، “كلبتي لم تقم بأي سلوك غريب على عكس ما تفعله عندما تستشعر حدوث امر يعد سيئا وعادة تذهب وتختبئ تحت السرير هذه المرة بعد وقوع الزلزال ذهبت ونامت كأنها تعطيني إشارة ان لا خطر في هذا المكان”.

اما ريم فتقول، “الحيوانات كالبشر منهم من يقوم بردود فعل وبعضهم لا، وكلبي في حال كان الخطر قريبا يقوم بردود فعل متسارعة ينبهني من خلالها وهذا ما حدث قبيل وقوع زلزال تركيا بدقائق نباح بالمقلوب وخربشة وتوتر”.

كذلك الامر بالنسبة للسيد طوني الذي قال لدي كلب صغير عمره شهران فقط قبل الواقعة بدقائق بدأ العواء بالمقلوب”.

في الخلاصة يتبين ان وجود حيوانات منزلية قد تنقذ أرواح أصحابها وهذا عامل مهم لأنه بحسب المواطنين الذين تحدثنا اليهم او التقيناهم في الشوارع والعيادات البيطرية اجمعوا على ان الكلاب والحيوانات تستشعر وقوع أي خطر ان كان على شكل ظواهر طبيعية ليست كارثية كالرعد والبرق او الزلزال وحتى الانفجارات. وهذا جانب مهم لمعرفة سلوكيات وردود أفعال الحيوانات فهل تكون السبيل لإنقاذ البشرية من الزلزال الاكبر!

Exit mobile version