الحكومة معطلة.. وحوار بعبدا مُعلّق!

Share to:

في موازاة ثبات الوضع الحكومي على وضعه المعطّل إلى أجل لا يبدو قريباً، وانسداد المداخل السياسية والقضائية المؤدية الى معالجة اسبابه، تعرّض الحوار الرئاسي لما بدت أنّها نكسة لأصحابه، استدعت إخراجه من التداول، بعدما فشل في جذب المكوّنات السياسيّة الى طاولة رئيس الجمهورية في القصر الجمهوري، والتي اعتبرت الحوار حاجة للداعي اليه ولتياره السياسي، وليست غايته تقريب المسافات بين اللبنانيين ورسم خريطة للخروج من الأزمة. وكذلك بعدما أظهرته المقاطعات الواسعة له بأنّه إنْ انعقد، فلن يعدو اكثر من محاورة طرف لنفسه.

ولم يدخل فشل الحوار الرئاسي كعنصر مفاجئ على المسرح السياسي، وخصوصاً انّه كان متوقعاً من اللحظة التي عبّر فيها رئيس الجمهورية عن رغبته في عقد طاولة الحوار، ولا سيما حيال جدول اعماله الذي تضمن بنوداً شديدة الخلافية، ومقاربتها في هذا التوقيت من شأنها أن تخلق مناخات انقسامية حادة في هذه المرحلة، وخصوصاً في ما يتعلق بخطة التعافي، حيث لم يجف بعد فشل التجربة السابقة في هذا المجال، او باللامركزية الادارية والماليّة التي بدت بنداً ملتبساً أُثيرت حوله تساؤلات من غير اتجاه حول الجدوى والغاية من إثارته في هذا التوقيت بالذات، وكذلك ما يتعلّق بالاستراتيجية الدفاعيّة الذي يندرج في سياقها مصير سلاح «حزب الله»، الذي يُعتبر اكثر البنود خلافية، وجواب الحزب معروف سلفاً حياله.

وكان اللافت امس، انّ تعليق الحوار الرئاسي، لم يكن سلساً، بل اتسم بنبرة هجومية حادة على ما سمّاهم المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية بالمعطلين. حيث جاء في بيان المكتب امس: «انّه على إثر المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع رئيسي مجلس النواب والحكومة ورؤساء الكتل النيابية بشأن الدعوة الى الحوار، تبين أنّ عدداً منهم تراوحت مواقفهم بين رفض التشاور ورفض الحوار، بما يحمّلهم مسؤولية ما يترتب على استمرار التعطيل الشامل للسلطات، حكومة وقضاء ومجلساً نيابيا».

بدورها، كتبت “الانباء الالكترونية”: محاولاً التعمية على السبب الفعلي لتعطيل مؤسسة مجلس الوزراء وعلى الجهات المسؤولة عن ذلك والمعروفة من الجميع، رمى رئيس الجمهورية ميشال عون عبر بيان مكتب الإعلام في الرئاسة التهمة على القوى السياسية التي لم ترَ طائلاً من دعوته إلى الحوار حول عناوين لا تمتّ لجوهر الأزمة الراهنة. وقد سعى عون إلى الربط بين فشل دعوته للحوار وخسارة الناس لأموالهم وخسارة الدولة مواردها، فيما الواقع بعيد عن ذلك كل البعد لأن المعالجات المطلوبة لمنع المزيد من الخسائر تكمن في إجراءات وحده مجلس الوزراء منوط به اتخاذها، وكل تبريرات الفشل والتعطيل لن تمر على أيّ من اللبنانيين الذين يدركون جيدا ان من شلّ الحكومة هي ليست على الإطلاق القوى السياسية التي حاول عون اتهامها جزافاً.

مصادر سياسية سألت عبر “الانباء” الالكترونية عن الرابط بين الأزمة المعيشية والاقتصادية التي يعيشها لبنان منذ ثلاث سنوات، وموضوع اللامركزية الادارية، والاستراتيجية الدفاعية المرتبطة بشكل أو بآخر بالتطورات الإقليمية، وبالصراع القائم بين إيران والولايات المتحدة، وقالت: “من غير العدل والإنصاف ان يحمّل رئيس الجمهورية الفريق الذي يرفض المشاركة بالحوار مسؤولية الأزمة، في حين أنه يعرف تماما أن فريقه السياسي وحلفاءه هم المسؤولون المباشرون عن الأزمة”. 

في هذا السياق طالب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالإفراج عن المفاوضات مع الهيئات الدولية، ودعا الى ترك الحكومة تجتمع بعيدا عن الحسابات الضيقة الفئوية، وترك القضاء بعيدا عن الحسابات الضيقة، كي يخرج الأمل من وسط الانفجار. 
 
عضو تكتل الجمهورية القوية النائب أنيس نصار رأى من جهته في حديث لـ “الأنباء” الالكترونية ان “الرئيس عون أستاذ في التعطيل، فقد عطّل في الماضي تشكيل الحكومة ستة أشهر لتوزير صهره جبران باسيل، وعطّل الاستحقاق الرئاسي سنتين ونصف السنة لتأمين وصوله الى بعبدا، وعطّل الحكومة عن القيام بالإصلاحات المطلوبة بعد الانتخابات بسبب المناكفة التي كان شاهدًا عليها بين باسيل ورئيس الحكومة، وغير ذلك الكثير”، وأضاف: “نحن مع عون بموضوع تفعيل الحكومة، فلا يجوز أن يتعطل مجلس الوزراء لأن هناك فريقا يصر على “قبع” القاضي البيطار وغير البيطار، فما دخل السلطة التنفيذية بعمل القضاء؟ وأين قانون فصل السلطات”.

لكن نصار سأل عون عن “نتائج حوار 2 ايلول 2020، وعن مقررات لقاء بعبدا في عهد الرئيس ميشال سليمان، وقبله الحوار الذي أجراه الرئيس بري وتعطل بعد حرب تموز 2006″، وتابع: “لذلك لسنا على استعداد للمشاركة بحوار الطرشان، فالفريق المؤيد للحوار هو نفسه المسؤول عن وصول البلاد الى ما هي عليه. فهل يريد الحوار لوضع اللوم على الآخرين بذريعة “ما خلونا” وفي الوقت نفسه قاموا بإهدار المال العام على عينك يا تاجر. فالدعوة إلى الحوار جاءت متأخرة جدا والبلد أضحى على الرمق الأخير”.

Exit mobile version