لم تعد الحرب مربحة بالنسبة للإدارة الأميركية الحالية، التي فعلت المستحيل لأجل دعم “اسرائيل” في حربها العدوانية في غزة والفلسطينيين. فمع انطلاق السباق الانتخابي وجد المرشح الجمهوري دونالد ترامب ملف الحرب “شحمة على فطيرة” لأجل حملته الانتخابية، ووجد بايدن المرشح الديموقراطي المفترض، أن الحرب في الشرق الأوسط تترك ندبات كبيرة في الشارع الأميركي.
تقول أهم الصحف العالمية أن المعادين للحرب على غزة من الأميركيين بدؤوا بتصعيد هجومهم على بايدن وإدارته، فهم يدركون أن اللحظة الحالية مناسبة للغاية لتكثيف جهودهم ودعواتهم لوقف الحرب. فبحسب “الغارديان” أن “المعادين للحرب على غزة لا يستهدفون فقط المناسبات الكبرى لبايدن، ففي كل مكان يذهب إليه الرئيس يجد نفسه في مواجهة الغضب، سواء في الكنيسة التي يرتادها قرب بيته في ديلاوار، أو في الطريق الذي يمر به موكبه الرئاسي”.
في الانتخابات الماضية، تمكن بايدن من تحقيق نصر كبير على ترامب في الشارع الاسلامي الأميركي، إذ تمكن المرشح الديموقراطي من الحصول على حوالى 65 في المئة من الأصوات المسلمة، ففي ولاية ميتشيغان وحدها حصل ترامب على 154 ألف صوت مسلم من أصل حوالى 200 ألف يسكنون الولاية. وهذه الأصوات بأغلبها قد لا تكون لمصلحة المرشح الديموقراطي في الانتخابات المقبلة بسبب الحرب على غزة، علماً أن الأصوات المسلمة مؤثرة في أكثر من ولاية اميركية منها فريجينيا، أريزونا وجورجيا وغيرها
لم يكتف الناخب الأميركي بالعمل الفردي ضد بايدن والحرب على غزة، فهناك عشرات المدن الأميركية قد أصدرت قرارات “رمزية” للمطالبة بوقف الحرب، وكل هذه التقارير بدأت تُلقي بظلالها داخل الحزب الديموقراطي الذي يتحسس خسارة الانتخابات الأميركية بسبب الحرب.
إذاً، لم تعد الحرب صالحة للاستمرار في أميركا، وفي “اسرائيل” هناك حديث جدي عن صفقة لتبادل الأسرى، وبحسب مصادر متابعة فإن خطر انهيار المفاوضات يكمن في الداخل “الاسرائيلي”، حيث المزيدات قائمة والانقسام داخل الحكومة والمجتمع “الاسرائيلي” بات بارزاً ويؤثر في القرارات، لذلك فإن التحدي الأول للأميركيين هو الوصول الى هدنة في غزة، وهو ما يسعى لإفشاله مسؤولون “اسرائيليون”، وبعدها تأتي التحديات الأخرى.
هذه التحديات تتعلق أولاً بالوضع على الحدود اللبنانية، حيث ترى الادارة الاميركية أن توقف الحرب في غزة فرصة لتوقف حزب الله في لبنان عن عملياته العسكرية، وعندئذ يكون الأصعب قد تحقق وهو وقف النار، ومن ثم البدء بجولة تفاوض جدي حول الاستقرار، وهذا التحدي قد يكون “الاسرائيلي” خلف الفشل فيه أيضاً، في ظل حديث عن رغبة “اسرائيلية” بتوسيع نطاق العمليات في لبنان فور الوصول الى هدنة في غزة، هذا بحال نجحت الهدنة.
التحدي الآخر الاميركي يكمن في ضبط ساحات القتال في المنطقة لعدم الوصول الى الحرب، وفي هذا السياق يبدو أن التفاوض الاميركي الايراني يجد سبلاً لذلك، سواء من خلال الضبط الذي قامت به أميركا بعد الضربة التي تعرضت لها في الاردن، أو من خلال القرار العراقي للمقاومة بدفع إيراني، لوقف العمليات على القواعد العسكرية الأميركية، ولكن أيضاً هذا التحدي سيكون العائق أمامه بالرغبة “الاسرائيلية” في تصعيد الخلاف، وممارسة المزيد من الضغوط والاستفزازات لجر الاميركيين الى الحرب، والبداية دائما من غزة وما يجري فيها.