معروف الداعوق – اللواء
بعد ايام معدودة من جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، تمخضت الاجواء السياسية عن موافقة علنية او ضمنية من جميع الاطراف السياسيين المشاركين بالحكومة، للصيغة التي اعتمدها المجلس لتخريج خطة الجيش لللبناني لنزع سلاح الحزب،ووضعها موضع التنفيذ، باستثناء الحزب الذي يتبارى نوابه وقياديوه باعطاء تفسيرات مقلوبة وملتوية لهذه الصيغة، وفي النهاية يناقضون انفسهم، عندما يدعون الحكومة للتراجع عن قرارها بحصر السلاح بيد الدولة وحدها، المتخذ في جلسة الثالث من شهر آب الماضي.
تظهر مواقف حزب الله المعارِضة لقرار الحكومة، دون اي طرف سياسي آخر، حتى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي لم يكن بعيدا عن الصيغة التي اقرها مجلس الوزراء بهذا الخصوص، بقاء الحزب وحيداً، بلا حليف او صديق سياسي فاعل الى جانبه، في مواجهة قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة وحدها، ما يعني خسارة سياسية جديدة للحزب، تضاف الى خسارته العسكرية الفادحة لحرب «الاسناد» التي شنها ضد اسرائيل منذ حوالي العامين، في حين تكثر التساؤلات عن اسباب تعنت الحزب ووقوفه منفردا، بمواجهة قرار الحكومة، بالرغم من معرفته بصعوبة او حتى استحالة تعطيل القرار المذكور، في ضوء تغيُّر موازين القوى المحلية والاقليمية والدولية لغير مصلحة استمرار الاحتفاظ بسلاحه الايراني خارج سلطة الدولة اللبنانية.
يعزو بعض المراقبين رفض حزب الله لقرار الحكومة اللبنانية، تسليم سلاحه للجيش اللبناني لثلاثة اسباب رئيسية: الاول، الاستجابة لسياسة النظام الايراني بضرورة الاحتفاظ بسلاحه وعدم الانصياع لطلب الدولة لتسليمه هذل السلاح، وهو ما عبر عنه اكثر من مسؤول ايراني بارز، وفي مقدمتهم رئيس المجلس الاعلى للامن القومي علي لاريجاني الذي زار لبنان خصيصا لهذا الامر، واعلن موقفه بصراحة، باعتبار ان هذا السلاح ايراني ويخضع لقرار الدولة الايرانية، التي ماتزال تتصرف على اساس انها صاحبة الصلاحية لمصير هذا السلاح وليس الدولة اللبنانية، ولأن وظيفته لم تنتهِ في حساباتها وسياساتها بعد بالرغم من الضربات المدمرة،التي تعرض لها الحزب، ومحور الممانعة وحتى ايران نفسها.
والسبب الثاني، مكابرة الحزب على الهزيمة التي تعرض لها، ومحاولته اعطاء انطباع وهمي، امام جمهوره تحديدا، بأنه مايزال بنفس القوة السياسية والعسكرية، القريبة عما كان عليه قبل حرب «الاسناد»، وقادر على فرض معادلة الاحتفاظ بالسلاح خلافا للواقع .
اما السبب الثالث، فهو محاولة الحزب التشبث بالسلاح، لإيهام خصومه السياسيين،ببقاء قوته المنبثقة عن سلاحه كما هي، ولإظهار قوته كلاعب سياسي قادر على فرض المعادلات التي تصب في مصلحة ايران، ونفوذها ومصالحها بالمنطقة على حساب مصلحة لبنان والشعب اللبناني، كما كان يحصل خلال العقود الثلاثة الماضية.
انطلاق تنفيذ خطة الجيش اللبناني لنزع السلاح، بالرغم من معارضة الحزب لهذه الخطة، وعودة وزيري الحزب للمشاركة بجلسات مجلس الوزراء، بالرغم من المواقف العالية السقف للحزب، مؤشر واضح على عجز حزب الله على تعطيل قرارات الحكومة، وفرض امر واقع بقوة السلاح، كما كان يفعل في السنوات الماضية، والمؤشر المهم في الخلاصة، بداية سقوط هيبة سلاح ايران في لبنان.