رنا منصور
الجامعة اللبنانية، جامعة الوطن، وجامعة للوطن، تحضن أبواب كلياتها وقاعاتها فئات كبيرة جدا من الطلبة والمدرسين والموظفين اللبنانيين، من مختلف المناطق والطوائف وأحيانا الجنسيات أيضا، إلا أنه وللأسف حتى المكان الوحيد الذي يجمع العدد الكبير من الطلاب في مكان واحد، أصبح على حافة الهاوية، فإما الإنزلاق أو النهوض والثبات من جديد، فمن المسؤول؟، وما هو مصير الجامعة اللبنانية؟، وعلى ماذا اقتصرت مطالب الأساتذة المتفرغين في الجامعه اللبنانية؟.
ما تتعرض له الجامعة اللبنانية، أمر لا يمكن غض الطرف عنه أبداً، فانهيارها سيؤدي حتماً لإنهيار القطاع التعليمي في بلد كل ما فيه منهار، وبكل تأكيد سنلاحظ ازدياد بنسبة البطالة، بالإضافة إلى التسرب التعليمي والإنحراف لبيع الممنوعات مثلا والتجارة بالمخدرات.
شهادة الجامعة اللبنانية قد تفتح لطلابها الكثير من الأبواب فإن لم تكن في بلدهم فمن المؤكد على إعطائها لهم قدرة على الإزدهار في الخارج، الجامعة اللبنانية تتالف من أعمدة ثابتة أساتذة، موظفين وطلاب، فإنهيار أحد هذه الأعمدة ما هو الا قيادة الجامعة اللبنانية للمجهول.
ولا بد من التأكيد على انه ومنذ سنتين تقريبا وفي العام الواحد والعشرون حصلت الجامعة اللبنانية على تصنيفات عالمية بين الجامعات العالمية وعلى مستوى العالم العربي.
الأساتذة المتفرغين ليسوا هواة إضراب إلا انهم لا يحبذون فكرة البقاء في بيوتهم دون ممارسة مهنتهم، فالحالة الإجتماعية المريرة، والوضع الإقتصادي الصعب أجبرهم على اللجوء إلى الإضراب ومقاطعة عملهم.
إذ أن الأستاذ الذي اصبح معاشه مئة دولار تقريباً لا تؤمن له حتى ممارسة عملهم، فهو بحاجة إلى المحروقات للتنقل من منزله للكلية، وهو أيضاً من أصحاب المسؤوليات، والأغلب منهم يعاني من ضيق في الأوضاع الإقتصادية مما يجعله عاجز عن تأمين قوت يومه وعائلته لشهر كامل.
ولكن ماذا يريد اساتذتنا المبجلين؟، لم يطالب الأساتذة المتفرغين إلا بإقرار ملف المتفرغين، مما يعني الإستقرار الوطني خوفا من المستقبل المجهول، فهم بحاجة للضمان الصحي بالإضافة لتصحيح الرواتب التي لم تعد تغطّي جميع حاجاتهم الضرورية.
للأمانة يعاني أساتذة الجامعة اللبنانية اليوم تهميشاً، فالوضع الإقتصادي جرف كل استاذ متفرغ نحو الإنهيار، والموازنة تتقلص تلقائياً مع مرور الايام، وهناك فرق شاسع بسعر الصرف والإقتصاد اللبناني أصبح مدولر بالكامل إذ ان الوضع الإقتصادي اجبر الكثير من الأساتذة من فئة الشباب إلى الإنسحاب مما يهدد مستقبل الجامعة اللبنانية.
في بداية كل عام يقف الأساتذة كالمعتاد في اعتصامات، حاملين لافتات ضمّت شعارات ومطالب لم يتم الحصول على أدناها، إذ ان الأساتذة لجأوا للضغط، والمؤتمرات الصحافية، والإعتصامات التي لم تلاقي اي نتيجة فيبقى الحل الأخير هو الإضراب الذي يعبر عن اوجاعهم وصرختهم، إلا انهم لا زالوا يعانون من نفس المشكلة منذ العديد من السنين السابقة حتى اليوم فهم ضحية السلطة السياسية وصراع النفوذ السياسي الذي سبب لهم الكثير من المشاكل.
اليوم لا ينتظر الأساتذة سوى حفظ كرامتهم اولاً، عيش كريم، تصحيح للرواتب، تامين للنقل، صندوق للتعاضد بالإضافة إلى مطالبهم للتفرغ في الملاك.
كان أساتذة الجامعة اللبنانية في العديد من الأوقات يعملون دون الحصول على رواتبهم تحسساً على الطلاب وخوفاً على مستقبلهم اما اليوم فقد اصبح الوضع مختلف، إذ ان التضخم في الوضع الإقتصادي، وضعف مساهمة الدولة في الميزانية، وعدم تغطية كلفة النقل للمواصلات والمحروقات للإنتقال جميعها انعكست سلباً على مستقبل الجامعة اللبنانية.
ان التخوّف من مستقبل الجامعة اللبنانية اصبح مؤكد، والخوف من الوصول ليومٍ يكون فيه الطلاب بدون أساتذة في الجامعة غير مُستبعد نتيجة تغيّب الدولة.
العالم استعمل العلِم للإزدهار، للتطور وحل جميع المشاكل إلا انه وفي لبنان فقط يُهمّش ويتم العمل على تدميره لكل منهجية.
وأخيراً، المعركة التي تواجهها الجامعة اللبنانية اليوم هي اكثر من مشكلة عادية، هي مشكلة وطنية تمسّ بالوطن وكرامته، فخسارتها هي خسارة الوطن بكل الاحوال.
لقد اتخذت الدولة القرار بإكرام الأساتذة في الجامعة اللبنانية وهم الذين يحاربون للحفاظ على معايير الجودة الاكاديمية؟، ولكنها لم تجد أقوى من الإهمال والتطنيش ليكون التكريم لائق الى حد كبير.