ما حمله الأمين العام المساعد للجامعة العربية الى بيروت حسام زكي لم يكن سوى تأكيد المؤكد. قال الرجل لكل من التقاهم، ما نقله الرئيس نجيب ميقاتي عن كل الذين طلب تدخلهم، كقطر والكويت وفرنسا والولايات المتحدة. العبارة واحدة عند الجميع: أقيلوا جورج قرداحي لتفتح أبواب الاتصالات، علماً بأن الفرنسيين كانوا أكثر واقعية بإقرارهم بأن الوساطة قد لا تنتج حلاً، لكنها ربما تحدّ من الضغوط السعودية والخليجية على لبنان.
وبحسب مداولات الموفد العربي في بيروت، أمس، كانت خلاصة ما حمله على الشكل الآتي:
– السعودية لا تريد حواراً مباشراً مع لبنان، لكنها تعهّدت بواسطة وزير خارجيتها فيصل بن فرحان، وبصورة رسمية، بأن إجراءات الرياض لن تشمل اللبنانيين الموجودين في السعودية، وأن هذا قرار صادر عن الملك سلمان مباشرة.
– السعودية لا تطلب وساطة، بل توصد الأبواب أمام أي وساطة، والكل مقتنع بأن استقالة قرداحي أو إقالته قد تفتح الباب أمام اتصالات ربما تثمر وساطة منتجة.
-من شأن إقالة قرداحي تفعيل عمل الحكومة التي يتوجّب عليها القيام بالكثير وسريعاً لضمان مفاوضات ناجحة مع صندوق النقد الدولي والتحضير للانتخابات النيابية التي ينتظرها العالم كله.
أما الأجوبة التي سمعها زكي فلم تتضمّن جديداً. الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي أبلغاه عدم ممانعتهما استقالة وزير الإعلام، لكنهما أشارا الى صعوبة انعقاد الحكومة من دون اتفاق مسبق، وأنهما لا يريدان القيام بخطوة تفجّر الحكومة، علماً بأنه عندما أثيرت مسألة دعوة ميقاتي مجلس الوزراء الى الاجتماع من دون اتفاق مسبق، تلقى تحذيرات من أن النصاب قد لا يكتمل، وأن هناك تفاهماً ضمنياً على مقاطعة الوزراء الشيعة الخمسة الى جانب وزيرَي المردة ووزير النائب طلال أرسلان ووزير النائب أسعد حردان.
رغم ذلك، يحاول رئيس الحكومة استثمار زيارة الموفد العربي لممارسة مزيد من الضغوط الشخصية على قرداحي نفسه وعلى الآخرين لإقناعهم بأن الاستقالة قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة، علماً بأن حزب الله وفرنجية أبديا تشدداً في رفض تنفيذ الطلبات السعودية، كما أن قرداحي نفسه لا يزال عند موقفه.
اتّصالات للسنيورة للضغط على ميقاتي لاتّخاذ «خطوة كبيرة» إذا لم يُقل قرداحي
لذلك، أجمع كل من التقى زكي على أن الزيارة «لم تكُن أكثر من زيارة استطلاع»، وأن الموفد العربي حاول بالنيابة عن الجهة التي يمثلها أن يسجّل حضوراً على خط الأزمة، لكنه أتى بلا مبادرة، وكل كلامه كان يهدف الى معرفة ما إذا كانت هناك إمكانية لإقالة وزير الإعلام أو دفعه الى الاستقالة. وفيما جرى تداول معلومات عن لائحة طلبات نقلها زكي ورفضها حزب الله، على رأسها إطاحة قرداحي كمدخل للحل، أكدت مصادر الأخير أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة، وأن زكي لم يلتق أحداً من الحزب. كما نفى زكي نفسه عقده أي لقاءات مع أي من الأحزاب اللبنانية، مشيراً الى أن الهدف من زيارته أن «نعرف أين يقف لبنان من هذه الأزمة، وما الذي ينوي عمله لتجاوزها»، لافتاً الى أن زيارته للسعودية واردة، «لكن علينا أولاً أن نشعر بحلحلة في الأزمة حتى نأخذها الى المرحلة التالية».
في غضون ذلك، تواصل التحشيد السياسي المطلوب سعودياً، وقدّم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أمس أوراق اعتماده للرياض بشنّه هجوماً مفاجئاً على حزب الله، قائلاً إن «المخرج الآني إقالة جورج قرداحي، ثمّ الاعتذار من الخليج وليس العكس كما يريد البعض في محور الممانعة. وليسمح لنا حزب الله الذي صبرت عليه كثيراً». ومع أن جنبلاط كان يؤكد في الفترة الأخيرة أنه «لن يركب الموجة السعودية»، وليس في وارد التصعيد في وجه الحزب، بدّل من لهجته واتهم الحزب بأنه «خرب بيوت اللبنانيين في الخليج»، سائلاً «أين موقف رئيس الجمهورية ميشال عون من الأزمة الدبلوماسية؟». لكن جنبلاط الذي اعتبر أن «أداء الرئيس نجيب ميقاتي ممتاز حالياً»، قال «لا أوافق على نظريّة أنّ لبنان سُلّم لحزب الله».
مواقف جنبلاط، ترافقت مع اتصالات يتولاها الرئيس فؤاد السنيورة لاستصدار مواقف من نادي رؤساء الحكومات السابقين أو من دار الفتوى تحثّ الرئيس ميقاتي على خطوة كبيرة إذا لم يلق تجاوباً في ملف إقالة قرداحي، علماً بأن رئيس الحكومة تعمّد أمس القيام بعدد من الأنشطة والاجتماعات التي تشير الى قراره الاستمرار بالعمل الحكومي ولو من دون انعقاد جلسة قريبة لمجلس الوزراء.