“فلشت” السلطة أرضية توزيع الخسائر في القطاع المصرفي بـ”حصى” تحويل الودائع إلى الليرة، تمهيداً لـ”حدلها” في ما بعد. بحسب الخبراء، فإن ما يفهم من القراءة بين سطور تصريح رئيس الحكومة لنقابة المحررين في ما خص الودائع المحولة من الليرة إلى الدولار بعد الثورة، والفوائد الباهظة، هو “التمهيد لليلرة الودائع”. هذه الحقيقة المرة التي تجاهلها المودعون طيلة الفترة الماضية، مفضلين التعلق بوعود المنظومة والتصديق بأن ودائعهم بألف خير، “تتحول إلى واقع ملموس تدريجياً”، بحسب الخبير في الأسواق المالية د. فادي خلف. وحسبما يظهر فان عبء توزيع الخسائر يقع لغاية اليوم على كاهل المودعين، من دون أن نرى الدولة تتحمل حصتها من الخسائر، التي من المفترض أن تكون وازنة بحسب تصاريح المسؤولين.
مثله مثل كل القرارات التي اتخذت منذ بداية الأزمة وتلك التي لم تتخذ، من المتوقع أن يخلق هذا التصريح دوائر متزاحمة في مياه الاقتصاد الراكدة، والتي لن تلبث أن تبدأ بالاتساع لتتلاشى على ضفاف “الخنوع” القاتل. ردة الفعل الأولى ستكون بمحاولة تهريب ما تبقى من هذه الودائع بالدولار بواسطة الشيكات المصرفية. وبعد أن يهوي سعرها نتيجة زيادة العرض من ناحية وانخفاض المردود من ناحية ثانية، ستتوقف، وسيعود المودعون إلى انتظار مصير ودائعهم المحتوم، وما ستقرره سلطة أمعنت طويلاً في تضييع الفرص وتحميل الخسائر للفئة الأضعف، مع تحييد واضح لمصرف لبنان والمصارف التجارية عن تحمل أي خسائر آنية أو حتى مستقبلية.