تتواصل الاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب اللبناني بوتيرة متصاعدة طاولت مناطق جديدة في أقضية صور وبنت جبيل والنبطية، وفي محيط جسر الخردلي، فيما يقوم حزب الله بالردّ على هذه الاعتداءات والتعامل معها بالمثل، مع ارتفاع منسوب القلق حول مآل هذا التصعيد، ومعه حول مصير القرار 1701 في ظل الاستنزاف الذي يتعرّض له، وما إذا كانت هناك نية لإبطال مفاعيله، وجر لبنان إلى حرب شاملة.
في هذا السياق، تخوّفت مصادر أمنية في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية من أن تتحوّل الجبهة المشتعلة في الجنوب الى حرب استنزاف قد لا تنتهي بانتهاء الحرب على غزة، وبالتالي عدم القدرة على إعادة الوضع في الجنوب الى ما قبل السابع من تشرين أول 2023، ما لم يتدارك المعنيون، وفي مقدمهم حزب الله، ضرورة التمسك بالقرار 1701، ومنع إسرائيل من العمل على إلغائه واستدراج لبنان الى حرب مفتوحة.
تزامناً، وفي سياق الخط البياني للحزب التقدمي الإشتراكي، استضافت مفوضية الإعلام في الحزب لقاء للمكاتب الإعلامية في عدد من الأحزاب اللبنانية، صدر عنه بياناً بالإجماع يدين الإجرام الاسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة كما في جنوب لبنان، كما يدعو الى محاكمة المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي ووقف فوري ونهائي لإطلاق النار، وإدانة الاعتداءات المتكررة بحق الجسم الصحافي الذي سقط له عشرات الشهداء منذ بداية العدوان. وفي مبادرة عملية، أعلن المجتمعون العمل على تشكيل وفد لنقل هذا البيان على صيغة وثيقة إلى الأمم المتحدة في لبنان، كمطالبة رسمية للمجتمع الدولي، لضرورة التحرك من أجل وضع حد للهمجية الإسرائيلية، وتأمين حماية الصحافيين.
وبالتوازي داخلياً، لا تزال حركة رئيس الحزب التقدمي النائب تيمور جنبلاط وزياراته للقوى السياسية تشكل الخرق الوحيد للجمود السياسي، في حين تأجّلت كل الاستحقاقات الى مطلع العام، حيث يكثر الحديث عن مبادرات عدة، محلية وخارجية، من أجل تحريك المياه الراكدة رئاسياً. والجولة التي يقوم بها جنبلاط لا تنفصل عن هذا الجو التوفيقي على مستوى كل الملفات الوطنية، وبما فيها على وجه التحديد الاستحقاقات الداهمة.
مصادر سياسية قرأت بحراك جنبلاط تجاه الكتل السياسية ما يتخطى حدود تعيين رئيس الأركان والمجلس العسكري، ورأت أنه يندرج في أجواء بناء جسور التواصل والحوار البنّاء بين الجميع، ما من شأنه أن يمهّد لأجواء إيجابية قد تؤسس الى خلق مناخ يساعد على انتخاب رئيس جمهورية في فرصة ليست بعيدة، ربما يجري التحضير لها مطلع السنة الجديدة.
وبحسب المصادر فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري هو في أجواء هذه اللقاءات، والنائب جنبلاط سيواصل تحركاته لكسر الجمود القائم في الملف الرئاسي. وقد يكون للزيارة المرتقبة للموفد الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان منتصف كانون الثاني المقبل دلالات إيجابية هذه المرة بإمكانية التوصل الى تفاهم في الملف الرئاسي.
على صعيد آخر، وفيما عاد الملف التربوي الى الواجهة ومعه مصير العام الدراسي على وقع إضراب بعض المدارس الخاصة. وفي أعقاب الاجتماع التربوي الذي عُقد في بكركي بحضور البطريرك الماروني ما بشارة بطرس الراعي ووزير التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي وعضو لجنة التربية النيابية النائب سليم الصايغ ونقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض وممثلي الهيئات التربوية في كل القطاعات وخاصة المدارس الكاثوليكية، نقلت مصادر متابعة لاجتماع بكركي أن المجتمعين اتفقوا على تشكيل لجنة متابعة تعقد اجتماعها اليوم في مكتب وزير التربية للاتفاق على المقترحات التي سترفعها الى الوزير في مهلة أقصاها الثامن من كانون الثاني المقبل لدرس الآليات ومشاريع القوانين التي تساعد على حل النقاط الخلافية تجناً للإضراب التي هددت به اساتذة التعليم في المدارس الكاثوليكية.
إذاً استحقاقات عدة تنتظر إلى ما بعد عطلة الأعياد، والرهان على بقاء الأجواء على ايجابيتها كي تتمكن الحكومة من تعيين المجلس العسكري ورئيس الاركان، وربما تنتقل عدوى الاتفاق الى الملف الرئاسي والذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية.