بدأت المرحلة الجديدة في مسار الفراغ الرئاسي، مرحلة سيكون عنوانها شد الحبال، بانتظار من يصرخ أولاً، فمن يظنّ أن الرئيس سيحضر الى بعبدا باجواء ربيعية هادئة، عليه أن يُعيد حساباته، فالتصعيد الذي يجري في المنطقة بين إيران وخصومها سيحمل تأثيرات على لبنان، اولها كان إعلان الثنائي الشيعي ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الى الرئاسة.
يودّ اللبناني أن يصدّق أن الملف اللبناني لا يتعلق بملفات المنطقة الشائكة، لكن هذا الأمر أشبه بوهم، فلبنان في صلب المنطقة، لا بل يشكل أحياناً مسرحاً تنعكس فيه قضاياها وملفاتها، لذلك فإن التفاوض على الرئيس لن يكون لبنانيا بحتاً، وهذا أمر مفروغ منه.
في المنطقة تصعيد للخطاب العسكري المترافق مع زيارات أميركية رفيعة المستوى، تبدأ في فلسطين المحتلة وتمر على الأردن والعراق، وتتجه الى شمال افريقيا في مصر والمغرب، وفي المنطقة أيضاً تحضيرات لمناورات عسكرية ضخمة ستجري في الصحراء السعودية، بالتعاون بين المملكة والجيش الأميركي، هدفها محاكاة التصدي للطائرات دون طيار، والتي تعتبرها السعودية التهديد الأكبر لها، خاصة بعد بروز قوة ايران في هذا المجال، سواء في اليمن أو في اوكرانيا.
ستحمل المناورات التي يُفترض بحسب المعلومات أن تجري قبل بداية شهر رمضان، إسم “الرمال الحمراء”، وستشمل أنظمة دفاع جوي مملوكة للولايات المتحدة والسعودية، ويُتوقع أن تشهد المراحل المقبلة من هذه المناورات مشاركة الجيوش الحليفة لواشنطن في المنطقة، وكل ذلك يأتي في إطار الحرب الباردة مع إيران.
هذا الواقع المتأزم سينعكس في لبنان خلال مرحلة المفاوضات، فبعد ترشيح سليمان فرنجية الذي جاء ليقطع الطريق على ترشيح الدول الخمسة التي اجتمعت في باريس لقائد الجيش جوزاف عون دون إعلان الأمر، أدخل الملف في مرحلة جديدة عنوانها التفاوض الجدي بين الفريق اللبناني المعنيّ بفرنجية، والدول الراغبة بأن يكون دور في لبنان.
جاء ترشيح فرنجية للقول بأن لبنان لا يسير بمنطق الفرض بل التسويات، ومن يريد التفاوض عليه أن يأتي الى طاولة التفاوض بشكل مباشر، لا أن يرمي المواقف من بعيد على شكل إيحاءات، فالفريق الداعم لفرنجية لا يرفع “فيتوات”، ولا يقبل أن تُرفع “الفيتوات” بوجهه أيضاً.
على عكس كل ما يُقال، تؤكد مصادر قيادية في الثنائي الشيعي أن هذا الفريق لم يتبنّ ترشيح فرنجية لأجل التحدي، وهو لا يرغب بوصول رئيس للجمهورية لمواجهة أحد في الداخل والخارج، لكنه بطبيعة الحال لا يقبل بأن تُفرض عليه الحلول بحجة الحرب الاقتصادية، كاشفة أن فرنجية نفسه أبلغ المعنيين أنه لا يرضى بأن يكون رئيس تحدي ومواجهة، لأن ذلك يعني نهاية عهده قبل بدايته.
من هنا، يحاول فرنجية التواصل المباشر مع السعوديين، وبحسب المصادر، فإن الموفدين من بنشعي تواصلوا مع السفير السعودي في لبنان، ومن غير المستبعد أن يزور السفير بنشعي، مشيرة الى أن رئيس “المردة” يعلم بأن المشكلة اليوم ليست معه أو مع شخصه، بل هي مشكلة متشعبة جدا تخص المنطقة ككل، والوضع اليوم في المنطقة لا يبشر بحلول قريبة، مشددة على أن التفاوض الجدي بدأ هذا الأسبوع.