يواجه العام الجامعي الجديد تحدّيا عضالا للصمود في ظل الازمة الاقتصادية الراهنة التي ارخت بثقلها على الأساتذة الجامعيين، على امل ان لا يلجأ القيمون على الجامعة اللبنانية لخطوات قد تكون الأسوأ بالنسبة للطلبة واهاليهم على حد سواء.
وتتوالى الازمات على تنوعها لتصل الى مستقبل الطلاب الامر الذي سيولّد معاناة حقيقية على المستويات كافة لجهة رفع رسوم التسجيل واشتراكات وقرطاسية وتصوير أوراق، وصولا الى المواصلات التي قد تشكل نقطة إعادة النظر لمعظم الطلبة لجهة ارتفاع أسعار التنقلات، فاجرة «السرفيس» الواحد داخل بيروت بات خياليا واقله بـ 100 ألف ليرة.
وماذا عن السكن الجامعي للطلبة القادمين من مدن وقرى بعيدة، والاحتياجات واللوازم الضرورية التي قد يحتاجها الطلبة شأنهم شأن كل طلاب جامعات العالم دون زيادة او نقصان.
وبالدلالة الى ان قدرة الأهالي المادية باتت شبه معدومة، والجامعة اللبنانية تكاد تلفظ أنفاسها لتبقى منتصبة، وتأمل من الجهات المانحة والبنك الدولي الاستجابة لطلبات محقة واساسية من اجل ان يقوم الأساتذة بواجباتهم لكي لا يحرق عام جامعي بأكمله، ولما لهذه الجامعة من دور وطني في بث الوطنية لجيل عليه ستبنى أجيال واجيال قادمة، و»جامعة» من كلمة «جمع» أي مجتمع مصغر شامل وعابر لكل الطوائف والمذاهب دون تمييز.بالتلميح الى ان رسم التسجيل فيما لو تم رفعه، لن يكون مشكلة، وهو حاليا يساوي ما قيمته فعليا حوالي الـ 40$، المشكلة الأكبر هي للطلاب الذين بحاجة الى تنقلات وسكن او ما يعرف بـ DORMS ، بحيث ان الاستئجار ضمن الحرم الجامعي قد لا يكون متوفرا لكل الطلبة.
وما تجدر الإشارة اليه، الى ان أسعار السكن الخارجي باتت خيالية بحيث ان سعر السرير الواحد اقله يبدأ من 125$ والمزدوج 225$ ،والدفع بالفرش دولار، والماء والكهرباء في فاتورة منفصلة، وهذا ما قد يدفع بالكثيرين للهجرة، بحيث انه لا يوجد قانون ينظم قطاع الغرف المفروشة.
السرقة والاستغلال مفتوحان على عين القوانين والمسؤولين. وبحسب نقيب مالكي العقارات السيد باتريك رزق، ان موضوع الـ DORMS يخضع للتعاقد الحر لقانون الموجبات والعقود، وليس له قانون خاص، اضاف: برأيي المؤجرين يستوفون البدلات اللازمة بحسب اسعار الخدمات المعمول بها في الفترة الراهنة، وبما يتناسب مع الاسعار الرائجة من كلفة اشتراك مولدات الكهرباء و»الانترنت» وغيرها من التكاليف، وألمح ان كلفة الايجار يجب ان تواكب ارتفاع الأسعار في جميع السلع والخدمات.
الجامعة اللبنانيةمستقبل غامض او وميض قريب!
أولوية الأولويات ان تبقى الجامعة اللبنانية صرحا ليس فقط للطلاب اللبنانيين وانما العرب وحتى أكثر، فلبنان لطالما عُرف بالتطور والتقدم والعبور الى ما بعد بعــــد البحار والمحيطات والخلجان، هو منارة الشرق، والمنارة مشتقة من النور، والنور مشتق من العلم، والعلم مشتق من الكفاح والتقدم وباب كبير للتعددية التي مُيّزنا بها عن كل دول العالم.
هاتوا لنا بلدا يشبه لبناننا في الطبيعة والموقع والجمال والمناخ والقرى والمدن في البحر والجو في العلم العابر لأبعد من المدى في الاختلاف الذي هو نعمة وليس نقمة في الاختراع في الابداع في الخلق في كل شيء.
ماذا يجب ان تفعله الجامعة اللبنانية لكيلا يخسر لبنان الادمغة وهجرة الشباب اللبناني؟ مع الإشارة الى ان الهجرة لم تعد حكرا على الذكور، بل ان النساء بتن يفكرن بالسفر من اجل بناء مستقبل وحياة كريمة.
لبنان عرف بمهندسيه واطبائه ومثقفيه واكاديمييه، اذهبوا الى الدول المجاورة ستجدون ان أساس كل ابداع فيه «شلش» لبناني، نحن لا نستسلم نحن نخلق من الضعف قوة، ولكن؟
السيدة ريم أبو هدير تعمل معلمة وهي ام لـ 5 أولاد، 3 في الجامعات، والرابعة تخرجت من المرحلة الثانوية هذه السنة، تقول لـ « الديار» بصراحة لا اعرف ما سأفعله فرسم الجامعة قد لا يكون بالمشكلة الكبيرة وانما هو المواصلات وشراء الكتب والمستلزمات الدراسية وما زلنا نتقاضى اجورنا بالليرة اللبنانية التي لم تعد تساوي شيئا لفقدانها قيمتها امام الدولار من جراء الانهيار الاقتصادي الذي وصفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.
الدولة لم تقدم ما هو مطلوب منها حيال الأساتذةهل من عام دراسي؟ وماذا عن مصير الـ 80 ألف طالب في العام الحالي ؟ وهل سيعود الأساتذة عن اضرابهم؟ وماذا عن رفع رسوم التسجيل او دولرتها؟
اسئلة أخرى حملتها «الديار» الى رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور بسام بدران الذي قال: بالتأكيد يوجد عام دراسي جديد مهما كانت الأسباب والظروف، الجامعة اللبنانية لن تقفل أبوابها او توقف الدروس فيها.
اضاف : على الدولة ان تتحمل جزءا من مسؤولياتها اتجاه الجامعة اللبنانية وتقدّم للأستاذ والموظف الحد الأدنى من مقومات الديمومة، حينها تبقى الجامعة قائمة ومنتصبة على قدميها وتستمر بواجبها الوطني.وأشار بدران الى أربعة مراسيم وعدت الدولة الأساتذة بهم :
– المرسوم الأول: إعطاء نصف راتب من شهر 1 وحتى شهر 6 2022، قيمة المرسوم 104 مليارات حتى 150 مليارا تقريبا.
– المرسوم الثاني: صدر عن الحكومة في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء وحتى اليوم لم تعمل الدولة على تأمينها للجامعة. وأردف، لكي ندفع للأستاذ بدل نصف راتب ومطلوب تأمين الراتب الإضافي ابتداء من الأول من تموز والذي اقرته الدولة أيضا، هذا المرسوم الذي تم التوقيع عليه وقيمته 128 مليارا أيضا لم يتوفر منه شيء.
– المرسوم الثالث: من المفترض على الدولة ان تؤمن الـ 50 مليارا والذي هو بمثابة تحفيز الحضور والإنتاج لافتا انه ما زال غير مؤمن ايضا.
– المرسوم الرابع: يتمثل بمضاعفة اجر الساعة للمتعاقدين في الساعة وقيمته 120 ملياراً والذي من المفترض تأمينه لم تعمل الدولة على تنفيذ أي من هذه المراسيم وبالتالي لم تساعد الأساتذة بالعودة الى التعليم من خلال اعطائهم الحد الأدنى من حقوقهم.واشار بدران الى ان تنفيذ هذه المراسيم سيكون بمثابة الباب لتصحيح أوضاع الأساتذة من خلال دعمهم ومواظبتهم مع الجامعة اللبنانية.
ونبّه الى ان هذا كل ما اقرته الدولة من مساعدات. واردف بدران، انا ووزير التربية نتابع مع الجهات المانحة تأمين مقومات الصمود والمتابعة للأساتذة والموظفين خاصة للعام 2022 -2023 وعقدنا أكثر من اجتماع مع البنك الدولي والجهات المانحة وننتظر أجوبة ما إذا كانت الأمور ستسير بشكل سلس ونحصل على ما طلبناه.
الرسوم وآلية الدفع
ولفت بدران الى ان لا أقساط في الجامعة اللبنانية، بل رسم تسجيل قيمته 250 ألف ليرة ، وما زالت هذه قيمته حتى اللحظة التي اتحدث فيها معكم.
وأرمز الى ان أي زيادة على هذا الرسم سيتطلب تعديلا في المرسوم. لافتاً الى انه اذا وصلنا الى مرحلة لم نستطع تأمين المساعدات المنشودة للأساتذة والدعم المطلوب للجامعة واقصد الدعم التشغيلي من مازوت وزيوت لمولدات الكهرباء، واوعز الى انه لا يوجد رئيس جامعة في العالم يشغل باله في كيفية تأمين الكهرباء، وهو الحد الأدنى من الأدوات التشغيلية للقاعات التي يُدرس فيها، واذا اردنا التدريس حضوريا للمختبرات وللفريق الإداري، وما يترتب من اعمال كطبع إفادات او معاملات او القيام بأمور وترتيبات إدارية وانجازها يتطلب الحد الأدنى، وفي السياق ذاته توفير كل ما له علاقة بالأوراق والمحابر ولوازم الامتحانات سواء كانت امتحانات دخول او فصلية.
اضاف: أجرينا اختبارات في كليتي الهندسة والزراعة، معتبرا انه لا يوجد أي مشكلة من حيث المبدأ، وغمز الى امتحانات دخول في بعض الكليات في الشهر الـ 9 مؤكدا ان رسم التسجيل ما زال 250 ألف ليرة الا انه إذا وصلنا الى مرحلة وجدنا ان هذا الموضوع بحاجة الى إعادة نظر، طبعا سنذهب باتجاه تعديل هذا المرسوم.وما تجدر الإشارة اليه، بحسب بدران، اننا لم نصل الى هذه المرحلة وما زلنا بانتظار أجوبة الجهات المانحة مشيرا الى انه إذا تم إعادة النظر برسم التسجيل فلن يتجاوز الـ 750 او 1000000 ليرة كأقصى تقدير. واستكمل، لا اعرف بشكل دقيق وانما المبالغ التي نتحدث عنها في حال أردنا الذهاب باتجاه تعديل رفع رسم التسجيل لن تكون بعيدة كثيرا عن الرسم الحالي بل ستكون منطقية وأؤكد طالما لم نحصل على أي جواب من الجهات المانحة الدولة لن تذهب الى رفع الرسوم ولكن إذا لم نستحوذ على الدعم فالأمور ذاهبة بالتأكيد الى رفع رسوم التسجيل.هجرة الادمغةيقول بدران لم نبدأ بالتسجيل بعد، أجرينا فقط امتحانات دخول في عدد من الكليات، وعادة التسجيل في الجامعة اللبنانية يبدأ من منتصف شهر أيلول، مؤكدا ان الجامعة ستفتح أبوابها كما جرت العادة، ولكن بعد انهاء الفصل الدراسي الحالي 2021 – 2022 وهذا هو الاشكال الكبير، لافتا الى انه لا زال يوجد جزء كبير من الطلاب أي نحو 80 ألف طالب لم ينهوا عامهم الدراسي الحالي والمطلوب تأمين وتنفيذ المراسيم بأسرع وقت ممكن لكي يعاد النظر بموضوع الاضراب ليصار الى عودتهم للتعليم واجراء الامتحانات وانهاء العام الدراسي بأمان.
ويشدد على انه يوجد موجة هجرة كبيرة جدا للأدمغة، مشيرا الى انهم خسروا طائفة كبيرة من الأساتذة والموظفين لان كل منهم يفتش على تأمين مستقبله وعائلته وبالتالي السفر هو الواجهة الأكثر رواجا في المجال الأكاديمي كما انه ليس لدينا الحق في منعهم فطال المتفرغين وأساتذة الملاك والمتعاقدين في الساعة. وألمح الى ان ساعة المتعاقد في الجامعة هي ما قيمته 65 ألف ليرة أي ما يوازي الـ 2$ فاذا اعطينا أستاذ 10 ساعات في اليوم من الـ 8 صباحا وحتى الـ 5 عصرا أي ما قيمته 650 ألف ليرة ما يعني اقل من سعر صفيحة بنزين.
وماذا عن باقي الأمور الحياتية التي يحتاجها هذا الأستاذ او المتعاقد وهذا هو واقع الامر الحقيقي والذي هو مشكلة كبيرة.
اما فيما يختص بالسكن الجامعي او سكن الطلاب يقول بدران ان موضوع الصيانة هو ما يعقّد الأمور ويخلق مشكلة كبيرة، مشيرا الى ان جميع التصليحات باتت بالفرش دولار من تدفئة ومياه ساخنة جمعيها تحتاج الى مادة المازوت لتشغيلها واعداً انه سيعالج هذه المسائل بالقدر المستطاع بإيجاد وسيلة لإعادة فتح الـ DORMS ولو ضمن الحد الأدنى.
ولفت الى ان التصنيف العالمي للجامعات QS RANKINGS لـ 2023 اعطى الجامعة اللبنانية المركز الأول في لبنان فيما يختص بالسمعة المهنية لخريجيها أي ان خريجي الجامعة اللبنانية سمعتهم المهنية ممتازة جدا بحسب الـ QS RANKINGS ، مشيرا الى حلولهم في المرتبة الثانية عربيا وهذا ان دل على شيء فيدل على ان قسما كبيرا من خريجي اللبنانية يعملون في مجال تخصصهم العلمي الا انه بطبيعة الحال يوجد قسم ما زال قيد التخرج وسيذهب الى عمل آخر وبالتالي امكانية العمل في حقل آخر بهدف جني المال.
لافتا، الى ان سوق العمل في لبنان ضيق جدا وصغير وبالتالي تاريخيا اللبناني طالما كان سوق عمله في الخليج او أوروبا وهذا الشيء طبيعي.
اضاف: كل ما نقوم به اليوم حتى نصل الى تطبيق مقولة ان تبقى الجامعة اللبنانية لكل شرائح المجتمع وقادرة على تلبية حاجة المجتمع لجهة التعليم لكل الطبقات ومسخرة لخدمتهم. ويلفت انه مهما كبرت كلفة التعليم تبقى أرخص بكثير من كلفة الجهل ومخلفاته ومهما تكبّدنا من اكلاف باهظة تبقى أيسر لمجتمع أكاديمي منفتح ومبدع وخلاق.
العلم في لبنان بخطر؟هل العام في لبنان بخطر؟
يقول بدران : نعم العلم في لبنان بخطر نتيجة الظروف الصعبة التي نعيشها على سبيل المثال نحن في الجامعة نعمل كثيرا في «البحث العلمي» وتطوير انفسنا وقد استطعنا ان نأخذ مشروع الـ PCR لأنه لا يوجد مختبر بحثي وراء المشروع وفي ظل ارتفاع كلفة التشغيل العالية لن يكون بمقدورنا تأمين الأموال التي نحتاجها في البحث العلمي وبالتالي سينخفض المستوى لجهة الأبحاث سواء في الجامعة اللبنانية او في غيرها لان التكلفة ارتفعت على الجميع وهناك مقومات يحتاجها البحث العلمي كتأمين الكهرباء 24/24 وهو الحد الأدنى لمقومات الاستمرار لأي مؤسسة لافتا الى ان تأمينها بات مكلفا جدا.
فهل من ينقذ الجامعة اللبنانية!