التسويق للانتـ.ـحار “المحرّم الأكبر” ظاهرة خبيثة وسحابة عابرة… الحياة اقوى من الموت!

Share to:

الديار – ندى عبد الرزاق

يعتبر الانتحار من المشاكل الأكثر خطورة، كونه يؤدي الى وَجَل شديد يجعل الانسان منشطرا ما بين الانجذاب المبهم والاشمئزاز من مرحلة ثقيلة عليه.

والقتل “سواء قتل النفس او ذات أخرى” حرّم منذ بداية التاريخ الإنساني لغايتين: الأولى، مباشرة وتعود الى تطور الجماعات البشرية وتضاعف المجتمعات. والثانية، تمسك الفرد بالحياة وانجذابه لها ورغبته في انهائها.

لا يمكن ان يختار الانسان الموت ، فما من عاقل يسعى الى الفناء، ومن يقدم على ذلك هو شخص اما مريض او ضعيف. وبغض النظر عن الظروف التي تلقي بثقلها على كواهل الشرائح كافة، وقد تكون شديدة على أحد أكثر من آخر فيسعى الى إنهاء الألم، وهذا ما يتم التماسه في محاولات الانتحار. وهناك من يشعر بالنشوة المفرطة بعد ان توافرت له كل مقومات الحياة، فأراد ان تقف حياته في هذا المقام ، وكأنه يريد توقيف الزمن عند مسار معين من حياته.

في الحقيقة التفكير بالانتحار هو آخر مراحل الخيبة، ويفتش بعض الأشخاص من ذوي الاضطرابات النفسية، عن طريقة لإنهاء وجعهم النفسي او العضوي.

بالتوازي، كشفت دراسة حديثة حول “الانتحار”، ان مشاهد رؤية الانتحار او السماع بها قد يستسهلها البعض. ويوضح المتخصصون في الطب النفسي، ان هناك ما يسمى “العدوى بالانتحار” او “التقليد الاعمى”، فقد سجلت حوالى 10% من حالات الانتحار عقب انتحار ممثل هوليود روبن ويليامز.

الاضطرابات النفسية وعلاقتها بالانتحار

  1. المصابون بالاكتئاب الحاد أكثر عرضة للانتحار.
  2. شخص واحد من كل 3 اشخاص من المصابين “بالهوس الاكتئاب”.
  3. شخص واحد من كل 20 شخصا من المصابين بالفصام.
  4. شخص واحد من كل 5 من الأشخاص المصابين باضطرابات الاكل يحاول الانتحار.

في سياق متصل، تشير الاحصائيات الى ان 90% من الذين يحاولون الانتحار يعانون من امراض نفسية، وتتعدد عوامل الميول الانتحارية ومنها ما هو اجتماعي، وراثي، نفسي، قضائي ، جنسي وادماني، حيث تسهم هذه العوامل في التفكير بالانتحار، بالإشارة الى ظهور علامات تحذيرية على هذه الفئة من الأشخاص خاصة فئة المراهقين والشباب.

الترويج للانتحار يتعارض والواجب المهني

الديانات جعلت الانتحار “المحرم الأكبر”، ومهما تعددت الاعذار لا براءة لما قد يقدم عليه الفاعل.

بالموازاة، التسويق لهذا الفعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلامية مرئية ومكتوبة ومسموعة، هو الانتحار للجوانب الإنسانية التي يجب ان تكون أولوية اولوياتنا لجهة التوعية والترشيد، وابعد من ذلك يستخدم كورقة تشويش على المجتمع بأكمله. اذ كيف يمكن التعاطي مع هكذا قضية باستخفاف؟ او نسمح لمن لديهم مشاكل واضطرابات ان يتمسكوا بأسباب سخيفة وغير جوهرية لإنهاء الذات واخذ الروح التي كرمها وعززها الله وقدمها على جميع مخلوقات الدنيا؟

صحيح نحزن على الشباب الذين قرروا انهاء حياتهم، ولكن لو عادوا مرة أخرى الى الحياة لما فكروا بالإقدام على هكذا فعل. والتشبث بالأوضاع الاقتصادية المتردية لتحليل ما حرمه الله هو مصيبة المصائب. فكل ما يتم عرضه من اعذار ليس كافيا لنزع روح أحدهم، والتسويق للانتحار ظاهرة خبيثة لن تلبث ان تختفي، لان إرادة الحياة اقوى من الانتحار.

حالة شائعة في كل دول العالم

واشارت دراسات الى تزايد نسبة الانتحار في دول من العالم منها: الجزائر، العراق، سوريا، السويد، الكويت، ماليزيا، مصر والسعودية.

الاختصاصية النفسية والاجتماعية غنوة يونس تقول لـ “الديار”: “ما يحدث في موضوع الانتحار لجهة تسويقه على بعض المواقع الالكترونية والتواصل الاجتماعي مستفز بشكل كبير، فهم يستخدمون الازمة الاقتصادية كذريعة لتدفع الشباب نحو هكذا خطوة”.

تتابع: “في الحقيقة ان أكثر الأشخاص عرضة للانتحار، الى جانب العوامل الوراثية وامراض الاضطرابات النفسية ، و”الهوس الاكتئابي” هو أحد الارتجاجات الشخصية في حال كان الفرد يعاني من الشيزفرون او BIPOLAR DISORDER ، أضف الى كل ما ذكرت اضطراب القلق، وهذه الأسباب إذا اجتمعت في شخص ما، يكون أكثر عرضة لتراود الأفكار الانتحارية”.

الميول للانتحار

كيف يعرف الشخص ان لديه ميولا للانتحار؟ تجيب يونس: “توجد فئتان: الأولى تتمثل بـ 90% يعانون من مشاكل نفسية، مكتئبون ويشعرون بالعجز واليأس، وتراودهم اختلاجات حزينة، الى جانب عدم المبالاة بما يحدث في محيطهم، كما ويعتقدون انهم ضعفاء ويستخفون بذاتهم وقدراتهم والاحاسيس التي تترافق والاكتئاب. وبحسب نسبة الوعي لهؤلاء قد يطلبون العون أو لا يفعلون! غير ان العنصر الأهم للمساعدة هو المحيط الذي يقبع فيه الشخص المضطرب الذي يشجعه او يحبطه”.

وتلفت يونس الى “ان الفرد قد يحمل ما يقاسي منذ الصغر بحسب البيئة التي ترعرع فيها، فإذا كان الاهل من المحفزين له على الكلام والتعبير وإخراج ما يعتصر في نفسه من الم وغضب وكبت، ومتيقّظين لما يمر به، فالأمور ستتبدّل نحو الاحسن”.

الذكاء العاطفي الأخطر

اضافت: “نطلق على الـ 10% المتبقية تسمية “اشخاص لديهم ذكاء عاطفي كبير”، وهؤلاء يعيشون حياتهم بشكل طبيعي، ويُخفون مشاعرهم بطريقة لا ينتبه لها أحد سواهم، ويحاولون طمس كل المظاهر التي تدل على ما يعانونه، مثل شحوب الوجه من خلال التمويه، ويدارون على أنِينهم، وفجأة يُقدم أحدهم على الانتحار. هؤلاء يتمتعون بذكاء عاطفي عميق بتضليل شكواهم ومقاساتهم ومكابدتهم، لئلا يلفت ذلك ملاحظة أحد المقربين، وهم الأكثر عرضة للانتحار، وهذه النسبة تعد الأكثر خطرا لعدم اكتشاف ما قد يقدمون عليه”.

كيفية التوعية

في سياق متصل، تقول يونس، “ان نشر ثقافة التوعية مهم جدا، الى جانب الشخص ذات نفسه والبيئة المحيطة به والحاضنة والداعمة له. والعنصر الأساس ينطلق من زاوية الاهل ومن ثم الزوجة والأصدقاء، الذين قد ينتبهوا لأي تصرف او سلوك مبهم وغريب او غير مألوف يضع علامات استفهام حوله. فمثلا إذا كان الفرد يمارس حياته بنحو طبيعي، وفجأة اقصى نفسه من كافة الأدوار الاجتماعية التي كان معتادا القيام بها، هنا يبدأ دعم المحيطين ومساعدته على تخطي الأمور السيئة، وتشجيعه بطلب الدعم من جمعية او مختص بحسب ما تستدعيه الحالة”.

مغالطات

وتعتبر يونس انه “من الخطأ ربط “الانتحار” بالأزمة الاقتصادية كذريعة خفيفة وسطحية للقيام بهذا الفعل. واشدد هنا انه ما من أحد يقدم على هكذا خطوة بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية وحتى المعيشية او بسبب الضغوطات المالية، الا إذا كان الامر يترافق والاضطرابات النفسية التي يعاني منها هذا الشخص، عندئذ تصبح الازمة الاقتصادية عاملاً خطراً”.

RISK FACTORS

ان السبب في وصول اي شخص للانتحار او ما يسمى بـ “عوامل الخطر” تتجلى بالآتي: فقدان عزيز ، التعرض لتحرش جنسي، التنمر ، صدمة كبيرة، ضائقة مالية عسيرة، الى جانب توفر أحد عوامل الاضطرابات النفسية، هنا من الممكن ان تدفع كل هذه العوامل نحو الانتحار.

مهما تعددت المسميات، فاستجابة الشخص للمؤثرات المحيطة او الخارجية واحدة، ويبقى التعامل مع تشخيص الاضطرابات النفسية سبيلا للتقليل من تلك الأفكار، والاستعانة بأهل الاختصاص يحد من شيوع هذه الظاهرة السيئة.

Exit mobile version