طالب رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر في كتاب رفعه الى وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي اعادة الرواتب لموظفي هيئة ادارة السير الذين احيلوا الى التحقيق ولم يثبت عليهم اي شيء معتبرا ان الموظف الصالح يذهب بعزا الطالح وبالتالي مفروض اعادة رواتبهم بانتظار نتائج التحقيق خصوصا ان العمل في الهيئة لا يسير كما يجب بسبب ايقاف هؤلاء عن العمل.
ومما جاء في كتاب الاسمر الذي حصلت عليه الديار:
إن المستخدمين يخضعون لعلاقتهم بالمؤسسة لكل من قانون العمل ونظام المستخدمين فيما يتعلق بمجمل الحقوق والرواتب غير أن مسألة قطع الراتب في حال التوقيف الاحتياطي من قبل القضاء غير منصوص عنها في نظام المستخدمين 513/2005، على عكس موظفي الدولة الخاضعين للمرسوم الاشتراعي 112/1959.
فعلى سبيل المثال إن نظام الموظفين (المرسوم الاشتراعي 112/1959 ) قد سمح للإدارة بأن تقطع عن الموظف نصف راتبه فقط عندما نصت تحت عنوان: الحالات التي يدفع فيها نصف الراتب – في المادة 18 منه – القفرة 2 على ما يلي:
يتقاضى الموظف الموقوف عدليا بصورة احتياطية بنصف راتبه، ولا يدفع له النصف الآخر إلا إذا منعت محاكمته ، أو برئ أو حكم بعقوبة غير عقوبة الحبس.
وهذا النص هو السند القانوني الذي يجيز للإدارة أن تقتطع نصف راتبه على أن هذا الاقتطاع ليس نهائيا وإنما موقوفا لحين اصدار قرار حول منع محاكمته او براءته او حكمه بعقوبة غير عقوبة الحبس.
إلا ان هذا النص لا يشمل مستخدمي المؤسسة العامة الا اذا كان هناك نص يجيز ذلك في حين أن هناك نصا مشابها في مستخدمي المصلحة الوطنية لنهر الليطاني (2006) المادة 16 منه ، على سبيل المثال.
لذلك، وبما أن هذا التدبير- أي قطع الراتب – يفرضه القانون في حالات محددة بعد اتباع آلية واضحة للملاحقة التأديبية والادانة وبالتالي لا يجوز التعامل على سبيل القياس في المواضيع الجزائية كحرمان العامل العمومي من حقه براتبه الملازم لخدمته الفعلية ، بل يقتضي لذلك نص صريح وواضح يجيز حرمان الموظف من حقوقه المستمدة من القانون والنظام.
وبما ان الاعراف والمواثيق الدولية والمبادىء القانونية العامة تكرس للموظف (وللعامل) حقا مكتسباً براتبه لا سيما أن لبنان موقع وملتزم بالمواثيق الدولية لا سيما الاتفاقية العربية رقم (15) لسنة 1983 بشأن تحديد وحماية الأجور واتفاقية العمل العربية رقم (125) لعام 1977 بشأن صيانة وحماية الأجور واتفاقية العمل الدولية رقم (95) المتعلقة بحماية الأجور الموضوعة في جنيف بتاريخ أول تموز 1949والتي دخلت حيز التنفيذ اعتباراً من 24 أيلول 1952.
وبما أن اتفاقية العمل الدولية رقم (95) تنص في مادتيها الثامنة والعاشرة على ما يلي:
المـادة 8 : لا يسمح باستقطاعات من الأجور إلاّ بالشروط وفي الحدود التي ينصّ عليها التشريع الوطني أو التي يقرها اتفاق جماعي أو قرار تحكيمي .
المـادة 10: يحظر الحجز على الأجر أو التنازل عنه إلاّ بالطريقة وفي الحدود التي يرسمها التشريع الوطني .
يجب حماية الأجر ضدّ الحجز أو التنازل بالقدر الذي يرى لازماً لضمان حياة العامل وعائلته.
وانسجاما مع هذه الاتفاقية فقد حدد المشرع اللبناني القدر الجائز حجزه من هذا الأجر، للوفاء بدين الدائنين بنسب محددة في المادة 863 من قانون اصول المحاكمات المدنية .
ولما كان نظام المستخدمين 513/2005 في الهيئة المعمول به حالياً لا يتضمن أي نص يجيزــ اقتطاع أو حسم او توقيف رواتب و أجور المستخدمين الموقوفين عدلياً بصورة احتياطية ، وذلك على غرار المستخدمين الذين يطبق عليهم بهذا الشأن نص خاص.
ولما كان يقتضي في حال عدم وجود نص ، العودة إلى المبادئ العامة للقانون وهي أنه لا يجوز اتخاذ أي قرار بدون مسوغ شرعي يجيز اتخاذ هذه الإجراءات ، انطلاقا من مفهوم مبدأ الشرعية بحيث يُقصد بهذا المبدأ أن تكون جميع تصرفات الإدارة في حدود القانون واستناداً لأحكامه ، تحت طائلة اعتباره معيبا بعيب المشروعية.
لذلك ، فإنه يقتضي إعادة الرواتب، او نصفها على الأقل لصالح المستخدم في هيئة إدارة السير الموقوف حالياً أو الذي أطلق ودفع مستحقاته السابقة كاملةً من مساعدات اجتماعية ومتممات الراتب، ليُبنى على الشيء مقتضاه.