الابتزاز الجنسي عبر المقاطع المصوّرة يتصاعد… والأفخاخ الرقميّة تزداد… والفتيات في خطر!
مصدر أمني يكشف لـ “الديار” حقيقة مقتل “التيكتوكر” اللبنانية أ. ح.
“كفى”: لا يوجد بلاغ رسمي… ولا يمكن الاعتماد على الروايات!
إختصاصيّة نفسانيّة واجتماعيّة تقدّم نصائح للضحايا!
تشهد المجتمعات في السنوات الأخيرة تصاعدا مقلقا في ظاهرة الابتزاز الجنسي، باستخدام “الفيديوهات” الإباحية، حيث يستغل المجرمون ضعف الضحايا وسذاجتهم، للحصول على مواد مصورة تُستخدم كأداة للضغط والتوعّد. وباتت هذه الحالة تنتشر بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية، مما يشكل خطرا حقيقيا يهز خصوصية الأفراد، ويعرضهم لمواقف اجتماعية ونفسية واقتصادية صعبة.
في ظل هذه الظروف، تبرز الحاجة الى تسليط الضوء على الأسباب الكامنة وراء شيوع هذه الأنشطة المؤذية، بما في ذلك العوامل التي تجعل الفتيات والشباب على حد سواء عرضة للانتهاكات، بالإضافة إلى أهمية تعزيز الوعي بكيفية حماية الذات واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذا التهديد المتزايد.
الاخبار الكاذبة لا تخدم المجتمعات!
في هذا السياق، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي اخبار متضاربة عن مقتل “تيكتوكر” لبنانية تدعى أ. ح. وتفيد التفاصيل بان هذه الفتاة تعرضت للابتزاز الجنسي، بعد ان وثقت في شخص ادعى انه سيوفر لها مبلغ 20 ألف دولار أميركي، مقابل تصوير نفسها في مقطع “فيديو” اباحي.
وبعد ان وافقت وارسلت له الشريط، بدأ الشخص في ابتزازها مطالبا إياها بإعادة النقود، مهددا بنشر التسجيل إذا لم تستجب. ورغم ان الفتاة ارجعت له أمواله، الا ان المبتز قام بنشر المقطع، مما أسفر عن فضيحة كبيرة وتدمير سمعتها.
تظهر هذه الحادثة حجم المخاطر الجسيمة التي يمثلها الابتزاز الالكتروني، وتوضح الحاجة الملحة الى التوعية بفداحة هذه الممارسات. ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها “الديار”، فان الفتاة التي اختفت كليا عن شبكات التواصل الاجتماعي لم تقتل، بل سافرت الى دبي لتلقي العلاج بسبب معاناتها من اضطرابات نفسية.
من جهتها، كشفت مسؤولة الاعلام في منظمة “كفى” زينة الاعور لـ “الديار” عن “انه لا يوجد بلاغ رسمي بخصوص قضية “التيكتوكر” أ. ح.، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على الروايات التي تعرض على وسائل التواصل الاجتماعي. وانطلاقا من كل ما تقدم، ليس بمقدورنا فتح القضية لعدم توافر الادلة الفعلية التي تدل على وقوع جريمة، ولا يوجد شق قانوني واضح في هذه المسألة”.
وأكد مصدر أمنى رفيع المستوى لـ “الديار” ان “الفتاة أ. ح لا تزال على قيد الحياة، وان الأخبار المتداولة عن مقتلها على يد عمها غير صحيحة. كما لم يتضح ما إذا كانت الفتاة قد تقدمت بشكوى ضد الشخص الذي قام بتوزيع “الفيديو”، لكن من الممكن ان تكون قد فعلت ذلك في نطاق منطقتها، وإذا كان الامر كذلك فان الشخص الذي أرسل لقطات “الفيديو” يحاسب”.
التسجيلات مصيدة!
من جانبها، قالت الاختصاصية النفسانية والاجتماعية غنوة يونس لـ “الديار” ان “الابتزاز الجنسي الذي يتضمن تصوير الفتيات في مقاطع ذات طابع جنسي مقابل المال غير لائق، ويشكّل ظاهرة مقلقة تحمل ابعادا نفسية واجتماعية معقدة. لذلك لا يعتبر هذا النوع من الاستثمار جناية مادية أو قانونية فحسب، بل هو أيضا جريمة نفسية تُخلّف أضرارا عميقة ومستدامة على الضحايا”.
“المنفعة” العاطفية
وقالت: “يبدأ الابتزاز الجنسي غالبا من خلال استغلال الثقة أو الإكراه النفسي، حيث يتم استدراج الفتيات بوعود كاذبة بالحب أو المال أو الشهرة، مما يضعهن في موقف ضعيف حيث يسهل التحكم بهن. ثم يستخدم الخوف من الفضيحة أو الانتقام كسلاح لفرض السيطرة عليهن، مما يدفعهن الى القيام بأفعال تتعارض مع قيمهن وأخلاقهن”.
الآثار النفسية طويلة الأمد
وأشارت الى “ان التعرض للابتزاز الجنسي يخلّف مشاعر قوية من الذنب والعار والقلق والاكتئاب. وغالبا ما يُصاب الضحايا باضطرابات نفسية، مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) واضطرابات القلق الاجتماعي، حيث يصبح من الصعب عليهن التفاعل الاجتماعي أو الثقة بالآخرين. بالإضافة الى ذلك، تؤدي هذه التجارب إلى تدهور تقدير الذات والشعور بالعجز، مما يُعيق بناء علاقات صحية والتقدم في الحياة”.
العزلة الاجتماعية
وأضافت “يدفع الرعب من الفضيحة أو التحامل المجتمعي المتضررين إلى الانزواء، مما يفاقم مشاعر الاكتئاب والسلبية، وتزيد هذه الخلوة من صعوبة طلب المساعدة أو الحصول على الدعم النفسي والاجتماعي الضروري”.
طرق الوقاية وتقدير الذات
وشددت يونس “على ضرورة زيادة الوعي بين الفتيات حول مخاطر الابتزاز الجنسي، وكيفية التعرف الى المؤشرات المبكرة للمواقف الخطرة. الى جانب ذلك، يجب أن تتضمن التوعية تعليمهن كيفية حماية خصوصيتهن، وعدم مشاركة محتوى حساس مع أي شخص مهما بلغت درجة الثقة به”.
اضافت: “المطلوب توعيتهن بحقوقهن، وطرق الحماية القانونية المتاحة في حال التعرض للابتزاز. ويقلل تعزيز ثقة الاناث بأنفسهن وتقديرهن لذواتهن من فرص استغلالهن عاطفيا أو نفسيا. وبذلك تكون الفتاة الواثقة من نفسها والمدركة لقيمتها، أكثر قدرة على رفض الإغراءات المشبوهة والتهديدات”.
تعزيز الدعم الأسري والاجتماعي والقانوني
ولفتت الى “ان دعم الأسرة والمجتمع المحيط بهذه الفئة، يُسهم في منحهن الشعور بالأمان والقدرة على طلب المساعدة عند الحاجة. بالإضافة الى ان العائلات التي تخلق بيئة مفتوحة وصحية للحوار، تخفض من احتمالات تعرض الفتيات للابتزاز نتيجة الخوف من التحدث عن مشاكلهن. في المقابل، من المهم تقديم خدمات الدعم النفسي لضحايا الابتزاز الجنسي لمساعدتهن على التعامل مع الصدمات والآثار النفسية، كما يجب توفير رعاية قانونية لمواجهة المبتزين وحماية حقوق الضحايا”.
لاستخدام التكنولوجيا بحذر
ونصحت “بتشجيع الفتيات على استخدام التكنولوجيا بحذر، ومعرفة كيفية تحصين أنفسهن عبر “الإنترنت”، من خلال عدم إرسال صور أو مقاطع “فيديو” حساسة، وتجنب الانخراط في محادثات مشبوهة مع أشخاص غير معروفين”.
وختمت “الابتزاز الجنسي الذي يتضمن تصوير الفتيات في أفلام إباحية، هو تهديد خطر للصحة النفسية والجسدية للفتيات. وللتصدي لهذه الظاهرة، يجب اعتماد نهج شامل يشمل: التوعية، بناء الثقة بالنفس، دعم الأسرة والمجتمع، وتوفير الدعم النفسي والقانوني. وتتطلب الوقاية والحماية جهودا مشتركة من الأفراد والمجتمعات والحكومات، لضمان سلامة الفتيات وكرامتهن، وحمايتهن من هذه الافعال المخلّة”.