تقول مصادر مواكبة للدور الاميركي في لبنان، ان الولايات المتحدة عادت إلى الساحة اللبنانية الداخلية بعد غياب، وإن كانت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا تتواصل مع جميع الأفرقاء السياسيين، لكن هذه العودة جاءت على أكثر من خلفية، بعدما سبق لواشنطن أن فوّضت فرنسا بالملف اللبناني، رغم أنها ضمن الدول الخمس المعنية بالملف المحلي، لا سيما من خلال المساعي الهادفة الى انتخاب رئيس للجمهورية. مع الإشارة إلى أن تباينات حصلت في الآونة الأخيرة بين باريس وواشنطن، على خلفية دعم أو عدم ممانعة الإيليزيه لترشيح رئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، الأمر الذي دفع بالسفيرة الأميركية في لبنان إلى إصدار بيان عالي النبرة، غمز من قناة فرنسا.
وعلم من أوساط ديبلوماسية في بيروت أنه وبعد هذا البيان، الذي أُعلن عشية زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت خلال زيارته الأولى، أدّت إلى حلحلة عبر التواصل الذي جرى على أعلى المستويات لتبديد الخلافات والتباينات بين البلدين، ولهذه الغاية، فإن لودريان وفق المعطيات المتوافرة تواصل بدوره مع الإدارة الأميركية، واضعاً إياهم في أجواء التقرير الذي وضعه بعد زيارته إلى لبنان، مبدياً كل تعاون مع واشنطن، والتي تعتبر من المؤثّرين والأساسيين في اللقاء الخماسي.
وتنقل المصادر المتابعة للدور الأميركي، بأن شيا التي نُقلت كسفيرة إلى الأمم المتحدة، تواكب وتتابع مع لودريان والمسؤولين اللبنانيين كل عناوين الملف اللبناني، لا سيما الإستحقاق الرئاسي، والأمر عينه للسفيرة الأميركية الجديدة ليزا جونسون، التي تم تعيينها في لبنان والتي تنتظر موافقة الكونغرس، لا سيما وأنها تنتظر انتهاء حالة الشغور الرئاسي الحاصل، حيث من المفترض أن تقدم أوراق اعتمادها إلى رئيس الجمهورية، ما يعطيها هامشاً ووقتاً إضافياً لمتابعة الوضع اللبناني عن كثب، على أن يتوضح الموقف الأميركي على ضوء هذه الإتصالات خلال «اللقاء الخماسي»، الذي سيعقد الأسبوع المقبل في الدوحة، في حال لم يحصل ما يحول دون انعقاده. وبالتالي السؤال المطروح: هل ستشارك شيا في اللقاء المذكور أم سيكون التمثيل الأميركي على مستوى أرفع؟
هنا، تضيف المصادر، أن واشنطن عادت ودخلت على الخط اللبناني بداية من خلال الزيارة التي سيقوم بها آموس هوكشتاين، لمواكبة ومتابعة ترسيم الحدود البرية ومراقبة كيفية استخراج الغاز، وذلك ينم عن اهتمام أميركي متجدّد بالشأن الداخلي، ويقول مقرّب من العاصمة الأميركية حول نظرة وموقف الإدارة الأميركية للإستحقاق الرئاسي، يظهر أنها تميل إلى ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، ولكن في الوقت نفسه، إذا كان هناك إجماع من غالبية اللبنانيين على إسم آخر، فهي لن تعطِّل أي تسوية أو أي استحقاق.
من هنا، ترى المصادر نفسها ان اعادة الزخم الأميركي إلى الساحة اللبنانية، يدل على سياسة جديدة قوامها المساعدة على انتخاب رئيس للجمهورية، باعتباره يعطي الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته دفعاً كبيراً، لا سيما أن ذلك يتزامن مع زيارة هوكشتاين إلى لبنان والدورالذي قامت به واشنطن في الأيام الماضية للتهدئة، المتمثل بالضغط على «إسرائيل» لوقف الحرب على جنين ونزع فتيل الإنفجار، وأيضاً على صعيد الجنوب اللبناني، بعدما سبق وأن انكفأت من خلال تفرّغ إدارة بايدن للحرب الروسية ـ الأميركية والصراع الدائر بين واشنطن وموسكو.
لذا، يبقى أن هذا الدور العائد بقوة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، قد يكون له الدور والفاعلية في انتخاب رئيس الجمهورية العتيد في حال سارت الأمور بشكل طبيعي، بحسب المصادر المواكبة للدور الاميركي في لبنان.