منذ بدأ عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول الفائت، و “الجيش الإسرائيلي” البربري يتمادى في ارتكاب المجازر ضد المدنيين في قطاع غزة، ويوسّع هجماته لتشمل المستشفيات ومراكز الايواء، مدّعيا وجود أنفاق لحماس تحتها، ما تسبب بمقتل المئات اغلبيتهم من الأطفال وكبار السن والنساء وحتى مرضى. ولا يتوانى العدو عن قصف الاحياء السكنية، وفي الحقيقة لا يضرب سوى المدنيين في كل مكان.
“إسرائيل” امطرت غزة بالقنابل الفوسفورية والقصف المكثف المتواصل، وكأن الجحيم سقط دفعة واحدة على أهالي القطاع، حتى تحول الى مقبرة أطفال جماعية.
فبعد مرور 44 يوما على عملية طوفان الأقصى، المجتمع الدولي لا يرى الهمجية الإسرائيلية على انها جرائم حرب وبغيضة وجبانة، حتى أضحت حقوق الانسان والسلام والديموقراطية في مكان بعيد عن الاخلاق الإنسانية والفطرة البشرية والالتزام بالمبادئ التي تنادي بضرورة حماية المدنيين.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يُسمح لـ “إسرائيل” بارتكاب الفظائع دون عقاب؟ وطبعا الإجابة برسم القانون الدولي الإنساني، الذي أصبح في مهب المجازر التي تُرتكب على عين المجتمع الدولي وتمر الجرائم بلا حساب او عقاب.
مستشفى الشفاء مقبرة جماعية!
أكد الأطباء في قطاع غزة ان باحة مستشفى الشفاء تحولت الى مكان تتكدس فيه مئات الجثث، التي تركت عرضة للنهش من قبل الكلاب الشاردة، وتم دفن 170 ضحية بمحيط المجمع الطبي في مقبرة جماعية، ويموت عدد من المرضى بسبب تعفن الجروح وخروج الديدان منها، ناهيكم بمصرع الأطفال الخدّج اختناقا بسبب انقطاع الكهرباء، ونفاد الوقود وتفشّي الامراض الجرثومية والوبائية.
الصحة العامة في القطاع بخطر!
ويواجه قطاع غزة تحديات صحية شرسة جراء ظهور الامراض البيئية، ويعتبر “الجرَب” واحدا منها. وفي هذا السياق، رصدت الصحة الفلسطينية 3150 إصابة بعاهات وبائية مختلفة خلال يوم واحد في مراكز الرعاية الأولية. وبسبب الاكتظاظ الهائل للنازحين في الملاجئ والمخيمات، لوحظ شيوع كبير للآفات المعدية. لذلك بات النزوح ينذر بكوارث صحية في القطاع الشمالي، جراء نقص الامدادات الأولية والمساعدات الطبية، وشح الوقود وكثرة الجثث التي بدأت تتحلل.
وحذر الأطباء في مستشفى الشفاء من ان المعدات الحيوية مثل حاضنات الأطفال حديثي الولادة معرضة للتوقف. اما في مراكز الايواء حيث يتجمع النازحون الفلسطينيون مع اسرهم، فقد بدأت تظهر علامات السقم على هؤلاء بسبب الازدحام ووجود آلاف الاشخاص في مكان معين واحد ، وهو أكثر مما يُعد مقبولًا من منظور السلامة والصحة العامة، الى جانب انعدام النظافة واصابة المئات بالتهابات في الرئة والطفح الجلدي والجرب. لذلك أصبح الواقع الصحي في المخيمات مرعبا، في ظل نقص المساعدات الإنسانية بسبب الحصار الذي تفرضه “القوات الإسرائيلية”.
بالموازاة، كشفت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس “عن تسجيل إصابة ما يقارب الـ 55 ألف شخص بالتهابات حادة في الجهاز التنفسي، وما يفوق عن 33 الفا بحالات اسهال والمصابين اغلبيتهم من الأطفال ما دون سن الخامسة”. وفي هذا الإطار، حذرت المنظمة “من احتمال تفشي موجة كبيرة من الأوبئة، تهدد بإصابة نحو 600 ألف لاضمحلال الشروط الصحية، كما ان ازمة الوقود تنذر بشل مفاصل الحياة، بعد ان تعطلت أنشطة إدارة الصرف الصحي وجمع النفايات”.
لكن الخوف الأكبر يبقى من شرب مياه ملطخة بعد توقف محطة تحلية المياه عن العمل، لذلك فان الوضع يتوعد بكارثة يصعب لجمها او السيطرة عليها ، في ظل انفصال أكثر من نصف المؤسسات الصحية عن الخدمة وفقدان الدواء في غزة.
ما هو الجرب؟
وفقا للمتخصصة في الامراض الجلدية والطب التجميلي الدكتورة غادة قصير فإن “الجرب عبارة عن حشرة صغيرة تتكاثر بيوضها، مشكّلة أنفاقاً يصل طولها الى 1 سم تخترق طبقات البشرة، حيث يبدأ السوس بثقب ونهش الجلد، وتسبب طفحا جلديا مصحوبا بحكة شديدة في المنطقة التي يحفر فيها الطفيلي”.
وقالت لـ “الديار”: “هذا الداء من الامراض الجلدية المعدية يتكاثر في الأماكن المستخدمة بكثرة، وخاصة عندما تكون ظروف النظافة العامة والشخصية معدومة. هذه العلّة تنتقل بسرعة من خلال الالتصاق الوثيق، مثل المقرات التي تحتشد فيها العائلة وفي الملاجئ والمربعات العامة. ويظهر هذا الوباء بين الأصابع ومنطقة الابط والارداف وباطن القدمين، لكن اصابة المناطق التناسلية، يساعدنا في اكتشاف هذا السَقم بوتيرة أسرع”.
طرق العلاج بسيطة… ولكن!
اضافت “يعتبر العلاج بسيطا ويتمثل باستخدام لوشن “الغاما بنزين هيكسا كلوريد” كما يأتي: تنظيف البشرة ومن ثم تطبيقه لمرة واحدة بدءا من الرقبة ووصولا الى أخمص القدمين، ويترك على الجلد لمدة 8 ساعات. وهناك مادة البيرمثرين التي تحتوي على مواد كيميائية للقضاء على العث الذي يسبب الجرب وبيضه. أيضا يمكن استعمال الكبريت ويتم خلط 6 غرامات من هذه المادة مع 100 غرام من مرطب خاص بالفرد، في حال عدم توافر الادوية الأخرى، ويمكن للنساء الحوامل والأطفال استخدام هذه المادة كونها آمنة. ويمكن تناول دواء الايفرمكتين في حال عدم فعالية مستحضرات الدهون الموصوفة، ويتم تناوله على جرعتين بمعدل فارق أسبوع بين الجرعة الأولى والثانية، ويجب اخذه وفقا للوزن وهذا عادة يستخدم كعلاج للحيوانات، ولكنه يدخل في مداواة الجرب بطريقة فعالة جدا”.
بلاسم تقليدية
أضافت قصير “إذا لم تتوافر هذه العلاجات يوجد بعض العقاقير الطبيعية التي قد تكون مؤثرة، مثل زيت الزيتون للتخفيف من الحكة ولنعومة البشرة، ولكن هذه التجْرِبة قد لا تقضي على الجرب. أيضا يمكن الاستفادة من خل التفاح وتخفيفه بالماء ووضعه على الجلد بواسطة خرقة خاصة 3 مرات باليوم، كما يمكن الاستفادة من الشاي الأخضر والشوفان أيضا”.
وختمت “يجب بالحد الأدنى غسل الملابس جيدا بالمياه الساخنة والصابون، ووضع الأغراض التي لا يمكن غسلها في أكياس محكمة الغلق، وتركها في مكان بعيد حتى يموت العث بعد مرور بضعة أيام دون غذاء”.