مع تزايد قلق الأسواق حيال أزمة الطاقة إثر فرض عقوبات غربية جديدة على موسكو في أعقاب غزوها لأوكرانيا، بدأت أسعار النفط العالمية مسارها التصاعدي، الذي لن يتوقف الى حين تبلور مسار تطورات الأزمة للمرحلة المقبلة.
إرتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط 5,07% إلى 96.23 دولاراً امس، فيما ارتفعت عقود خام برنت 4,30% إلى 102.14 دولار.ad
كما أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي انّهما سيستبعدان بعض البنوك الروسية من نظام «سويفت» المصرفي، في حين حظّر الاتحاد الأوروبي كل التعاملات مع البنك المركزي الروسي، ما أدّى إلى انخفاض الروبل بنسبة 30% أمس. ويحذّر الخبراء من أنّ «سحب بعض البنوك الروسية من «سويفت» قد يؤدي إلى اضطراب في إمدادات النفط، لأنّ المشترين والبائعين يحاولون معرفة كيفية التعامل مع القواعد الجديدة».
سيكون لتلك التطورات عواقب حتمية على إمدادات النفط في كافة دول العالم، منها لبنان، الذي بالإضافة الى الزيادات التي سيشهدها في اسعار المحروقات مع مواصلة الاسعار عالمياً ارتفاعها في ظلّ الأزمة الاوروبية، قد يشهد مثل كل الدول نقصاً في الإمدادات في حال تطورت الأحداث سلباً، وفقاً لعضو نقابة اصحاب المحطات جورج البراكس، الذي اعتبر انّه يجب متابعة ردّ فعل روسيا على العقوبات المفروضة عليها والمتعلّقة بنظام «سويفت»، «هل سيكون ردّها وقف ضخ الغاز وصادرات النفط الى اوروبا؟».
وأشار لـ«الجمهورية»، الى انّ الدول الاوروبية قد تبدأ البحث عن البديل في تلك الحالة، حيث تحاول الولايات المتحدة حثّ منظمة أوبك لزيادة انتاجها ولكنها لم تفلح، كما تحاول بالإضافة الى الدول الكبرى، استخدام جزء من احتياطها الاستراتيجي لضخّه في الاسواق العالمية، كما يبحثون إمكانية الاستعانة بالبواخر المتّجهة نحو افريقيا لتحويلها الى أوروبا في حال تعذّرت الإمدادات.ad
وقال البراكس، انّ «الساعات والايام المقبلة ستعطينا فكرة حول مسار تطور الأحداث»، مؤكّداً انّ في الوقت الحالي لا يزال ضخ النفط على حاله، ولا أزمة إمدادات رغم انّ حوض البحر المتوسط يعاني منذ شهر ونصف الشهر من نقص في الكميات، إلّا انّ الوضع في لبنان مستقرّ والكميات كافية حالياً.
واشار الى انّ معظم الشركات المستوردة مقفلة اليوم (أمس)، ولم تسلّم المحروقات باستثناء واحدة او اثنين، وهي تعمد كل اثنين الى الإقفال ربما بانتظار صدور الجدول يوم الثلثاء الذي لم يعد يصدر بشكل يومي، بعد ان أصبح سعر الصرف شبه مستقر. وبالتالي، مع ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً، اعتبرت نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان، في بيان أمس، انّ المحطات «تدفع دائماً ضريبة ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً. إذ وفي الآونة الاخيرة، تزامناً مع ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً، نلاحظ انّ بعض شركات المحروقات تمنّع عن التسليم والبعض الآخر يسلّم بكميات قليلة جداً لا تكفي احتياجات السوق اللبناني».
وقال: «لذلك، فإنّ شركات النفط تمتنع عن التسليم لكي تستفيد أسبوعياً من الزيادة التي ستلحق بجدول تركيب الاسعار الذي يصدر كل ثلاثاء، مما يخلق شحاً في مادة المحروقات في الاسواق ويخلق أزمة لا وجود لها».ad
الأمن الغذائي
بالنسبة لتداعيات الأزمة الروسية- الأوكرانية على الأمن الغذائي، اعتبر النائب ميشال ضاهر انّه «يجب وضع الخلافات الداخلية جانباً والعمل يداً واحدة، حكومة وشعباً، لتحصين الأمن القومي الغذائي الذي بات يشكّل خطراً داهماً، لأننا نعتمد بشكل كلّي على استيراد الحبوب والزيوت والمواد الغذائية، ولا احتياطات استراتيجية كافية لدينا لمواجهة الأزمة في حال تطورت الأمور نحو الأسوأ».
وأوضح نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني البحصلي لـ«الجمهورية»، انّه في حال تطور الأحداث سلباً، «فإنّ الامن الغذائي فعلاً مهدّد، اوّلاً على صعيد استيراد القمح، خصوصاً اننا عاجزون عن تكوين احتياطٍ لمدّة 4 اشهر على سبيل المثال، لأنّ الإهراءات مدمّرة ولا مكان آخر للتخزين. بالإضافة الى ذلك، فإنّ طلبات الاستيراد التي سبق ان تمّ عقدها، تحتاج وقتاً للوصول، وقد نعجز عن استلامها في حال توقفت المعامل في اوكرانيا عن العمل قسراً وأقفلت، بما يؤدّي الى تعذّر حصول التجار على معاملات تخليص مختلف البضائع التي في طريقها او يتمّ تصنيعها حالياً، كما انّ هناك مخاوف من حصول أية ضربات على السفن او غيرها».ad
اما عن المواد الغذائية الاخرى، فشرح بحصلي لـ«الجمهورية»، انّ لبنان يستورد 100 الف طن من الزيت النباتي سنوياً، 90 في المئة منه زيت دوار الشمس، يتمّ استيراد اكثر من 60 في المئة منه من اوكرانيا و30 في المئة من روسيا، والنسبة المتبقية من تركيا ومصر. وأوضح انّ الصناعات المحلية من الزيت ايضاً تعتمد على الزيوت الخام المستوردة من الخارج، أي انّ المشكلة واحدة على المستورد وعلى المصنّع محلياً، «وفي حال تعذّر الاستيراد، لن يكون في مقدور الصناعة المحلية من الزيت ان تكون البديل».
وأشار بحصلي الى انّ اوكرانيا وروسيا هما من أهم الدول المصدّرة لزيت دوار الشمس الى الدول المجاورة، وبالتالي لن يكون هناك بديل للبنان ليستورد منه زيت دوار الشمس مثل مصر وتركيا اللتين يستعين بهما حالياً لاستيراد 10 في المئة من حاجته، ذلك لأنّ تركيا ومصر لن تكونا قادرتين على استيراد الزيوت الخام لتصنيع زيت دوار الشمس.